الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

بالصور نحّات فلسطيني يبعث الحياة في جذوع الخشب الصمّاء

حجم الخط
هشام كحيل.jpg
غزة - وكالة سند للأنباء

في ورشة صغيرة.. تتدلى القطع والمنحوتات الخشبية من السقف، بتصاميم ذات أشكالٍ وأحجام مختلفة، آخذة في الجمال، وأخرى مصفوفة على الرفوف تدفع الناظر إليها للتساؤل بدهشة: "كيف لجذوع الخشب الميتة، أن تُصبح تُحفًا فنية نابضة بالحياة؟".

وأنت تسير في هذا المكان الصغير الواقع على الأطراف الشرقية لمدينة غزة، لا يُمكن أن تظّل في حدود واقعك، ففي كل قطعة خشبية صوت قديم يتسرب منها، يحكي لك عن إرث الأجداد ومعانيه الرقيقة.

وفي هذا الحوار تصحبكم "وكالة سند للأنباء" مع صاحب هذه الورشة النحّات هشام كحيل (60 عامًا) لنتعرف معًا على قصّته وعمله لسنوات طويلة لتطويع الخشب حسبما يُريد، ليُخرج أخيرًا من القطع الصمّاء أشكالًا فنية تمزج بين أصالة الماضي، وحداثة الحاضر.

66666.jpg
 

النحّات "كحيل"، منذ كان طفلًا كان يميل إلى الأشياء العملية، يجذب انتباهه الخشب بأشكاله المختلفة، وعمل النجارين، تردد كثيرًا قبل أن يطرح على عائلته قراره المتعلق بـ "أن يكون نجارًا"، والسبب أنه يعيش في عائلة متعلمة ناجحة في المجال الأكاديمي ولا يمكن موافقته على هذا القرار.

يقول "كحيل": "بعد محاولات تنازلت العائلة عند رغبتي، والتحقت بالمعهد المهني في القاهرة، ودرس وتخرجت عام 1976م".

وبعد تخرجه من المعهد المهني، عمل "كحيل" بمهنة النجارة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعض الدول العربية، وعاد إلى قطاع غزة عام 1997م، وفكّر بإنشاء مشروع خاص به، في ظل عدم انتشار هذه المهنة آنذاك.

ويُكمل حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "وبالفعل افتتحت الورشة، وركزت في بداية عملي على صناعة الأثاث المنزلي وديكورات الغرف والأبواب واحتياجات المساجد وغيرها".

وبعد سنوات من عمله في النجارة، قرر التوجه نحو النحت على الخشب وصناعة الأنتيكا، قبل هذا القرار كان يتساءل "كحيل" "كيف يُمكنني تطويع الخشب بأساليب تُبرز جماليته أكثر؟"، فما كان أمامه سوى صناعة التحف الفنية الممزوجة بين الماضي والحاضر.

إقبال الزبائن نحو هذا النوع من التُحف الفنية آنذاك، أثار اندهاش صاحب الورشة، وهذا ما شجعه للتعمق أكثر في هذا المجال وإنتاج المزيد.

2.jpg
1.jpg
 

وفي إجابته على سؤالنا "هل تحدد فكرة العمل مسبقًا؟" يقول: "لا.. فالفكرة لديّ وليدة اللحظة، الخشب فيه من المرونة والجمال ما يُمكّن النحّات لتطويعه بذوق فني رفيع".

"في الخشب ملمس خاص، يُشعرك بالراحة وأنت تعمل" به، كما يُحدثنا "ضيف سند"، لكنّ كي تنجح في إنتاج لوحة خشبية جميلة، عليك أن تُحبّ هذا العمل أولًا، فهو أول دافع لنجاح أي مشروع.

ويجد "كحيل" في روشته ملاذًا آمنًا وعاملًا مهمًا للتفريغ النفسي، يُحدثنا: "أهرب إلى المنجرة من الواقع الذي نعيشه، ففي ملمس الخشب خاصية تمنحني الراحة، ومن اللحظة التي أباشر فيها عملي أشعر أنّي تخلّصت من رواسب سوء الواقع، لأدخل لعالم أكثر جمالاً وسلاسة".

ومن أنواع الخشب التي يستخدمها النحّات هشام كحيل، "الجوري، وأشجار الزيتون والحمضيات والسرو واللوزيات"، ويلفت إلى أن العُقد الموجودة داخل الخشب، تُضفى لمسة جمالية على التحف.

"لكنّ أنت أي الأنواع تُفضل العمل عليها؟"، بصوت مُحب يرد: "الخشب الحلبي، فهو غني بالألوان الجذابة، وإني أرى أن الطبيعة خصّت هذه النوع من الخشب بكثير من الجمال".

5.jpg
 

وتختلف الأشكال الفنية التي يُنتجها "كحيل" من الخشب حسب ذوق وطلب الزبائن، منها: صناديق المهر، وكفرات الجولات، والفخار، مدفع رمضان وغيرها من الأنتيكا.

أيضًا.. يعمل "كحيل" على تجهيز القطع الخشبية للمشاريع الريادية التي تهتم بالنحت على الخشب ويتكفل الشباب بالكتابة والتلوين للزبائن، ويُبيّن أن تجهيز القطع الخشبية قبل الكتابة والنحت عليها، يأخذ وقتًا طويلًا من النحّات.

العقبات

وكغيرها من الأعمال، تأثر عمل النحّات "كحيل" سلبًا بفعل الحصار على قطاع غزة، وسلسلة المضايقات الإسرائيلية المتواصلة، إضافة لتردي الوضع الاقتصادي العام، ومنع دخول عدة أنواع من الخشب إلى القطاع، كخشب الزان والقوز، ما يؤدي لرفع أسعاره.

وفي ختِام حوارنا، عبّر الرجل الشغوف بمهنته عن أمله، بإيجاد الدعم الكافي لافتتاح مزار تراثي كبير في قطاع غزة، يعمل على حفظ الأدوات والأواني الخشبية الفلسطينية القديمة كـ "الطاحون والمهباش" وغيرها.

44444.jpg
4.jpg
3.jpg