الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

لأول مرة بغزة .. علاج "التوحد" عن طريق الخيل

حجم الخط
01-ركوب-الخيل.jpg
غزة – وكالة سند للأنباء:

متسمرٌ أمام ساحة الخيول، يرقب بنظراتٍ متخبطة تلك الحصن التي تركض فيها، وقلب الأم يعتريه الخشية من أن يُفلت صغارها من يديها، فيؤذيهم الخيل، ولم تكن تعلم حينها أن الخيل سيكون دواء أطفالها، وسبيلهم إلى الشفاء من مرض التوحد.

اصطحبت أم محمد وهي والدة لطفلين مصابين بمرض التوحد أطفالها لنادي الفروسية بغزة، رغبة في الترفيه عنهم، ووقفت تنظر لطفليها والسعادة تغمرهم، ما أسرّ روحها وجعلها تتحدث لأصحاب النادي عن سعادتها الكبيرة لمشاهدة أطفالها منسجمون ومبتهجون برؤية الخيل.

بداية البرنامج

 بعد أن شاهد المدرّب أحمد زمارة سعادة الأم، قرر إطلاق برنامج لعلاج أطفال التوحد عن طريق الخيل، بعد دراسة متعمقة واستشارات لعدد من الجهات الصحية والطبية والنفسية، بعد أن كانت الفكرة تراوده منذ مدة طويلة، إلا أن أم الطفلين منحته حافزاً للبدء فيه.

وعن البداية يقول زمارة لـ "وكالة سند للأنباء"، إن مرض التوحد بأصله مرض يُصيب الجهاز العصبي، ويفقد الشخص القدرة على التعامل مع الآخرين، ويتملكه النفور والجفاء مع من حوله ولا يشعر بالانتماء لهم.

وقد جاءت الفكرة بعد زيارات عديدة أجراها "زمارة" لجمعية الحق في الحياة، ودراسات واستشارات مع جهات طبية وغيرها، عدا عن  التأكد من جدواها في ظل وجود مدارس متخصصة في دول عربية وأوربية لعلاج مرض التوحد عن طريق الخيل، ووجود نتائج إيجابية أسرع من العيادات الطبية.

ويوضح أنّ إدارة النادي ولأول مرة في قطاع غزة، قررت منذ شهرين الانطلاق بهذا البرنامج العلاجي من خلال أخذ الطفل من البيئة التي يعرفها، ووضعه في بيئة أخرى ومع مخلوقات أخرى من أجل التعامل معها، وقياس حجم الاستجابة.

بهجة النتيجة

بداية الأمر، اصطحب المدرب طفل التوحد "محمد" لتدريبه على الخيل، وبعد أول جلسة شاهدت والدته حجم الاستجابة السريع، لتنفعل وتقبل قدم صغيرها" الحمد لله يا ماما إني شفتك يا محمد بهذا الاستجابة السريعة"، بهجةُ عمّت قلبها لتقرر بعدها الاستمرار في هذا البرنامج.

وعن فعالية البرنامج يبين زمارة لـ "وكالة سند للأنباء" أن البرنامج بدأ مع طفلين لديهم نسبة المرض 60% والثاني 40% ويمتنع عن النطق، وقد بذل كابتن النادي جهداً كبيراً مع الطفل الثاني من خلال تعليمه كيف يركب الحصان ويسير به.

لم يُصدق والد الطفل بعد عدة جلسات، ما حدث لطفله، لتسبقه دموعه، حينما سمع طفله يتحدث جملاً واضحاً ويطلب من مدربه "كابتن هات الحصان، بدي أركب الحصان"، ليصطحب زوجته في المرة اللي تليها من أجل أن ترى ما أصبح عليه طفلهما، قائلة "لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن يتحسن طفلي هكذا".

التأثير الممتد

وحول إمكانية امتداد التأثير على الطفل حين تعامله مع الآخرين، يشير زمارة إلى أن أطفال التوحد يصرخون، يضربون، ويقومون بتصرفات غير متوقعة، لعدم قدرتهم على ضبط أعصابهم، لكن الأطفال الذين قمنا بالعمل عليهم، انخفضت حدية التعامل لديهم بنسبة كبيرة وواضحة جداً.

يبقى أولياء الأطفال واقفين أمام أطفالهم حين ركوبهم الخيل، يساورهم القلق والخوف، خشية من ردة فعل غير طبيعة يقوموا بها أطفالهم فيؤذون أنفسهم، إلا أن المدربين يبعثون رسائل الطمأنينة والتحفيز بأساليب تعاملهم مع الأطفال، ويوضحون أنه كلما أسرع الحصان كلما استطاع الطفل التحكم بنفسه وضبط أعصابه بشكل أفضل.

نتيجة التدريب كانت جلية كما يبين زمارة لــ "وكالة سند للأنباء"، حينما أقيمت بطولة محلية في النادي، وحضر أولياء أطفال التوحد، والقلق ينتابهم من ردة فعل عنيفة لأطفالهم بسبب التجمع الكبير من الناس، إلا أنّ ما حدث هو العكس تماماً، بقي الأطفال منسجمين بشكل كامل لمدة تزيد عن الساعتين حتى انتهاء البطولة، أي أنهم استطاعوا التحكم في تصرفاتهم.

رغبة واضحة

وحول الإقبال يلفت إلى أن هناك إقبالاً ورغبة واضحة من الأهالي، إلا أن الوضع الاقتصادي السيء وصعوبة وصول الأهالي للمكان يقف حاجزاً أمام الاستمرار، الأمر الذي يتطلب وجود جمعية أو مؤسسة رسمية تتكفل بذلك، وإدارة النادي منحتهم خصماً يقدّر بــ 75%

العديد من الصعوبات تواجه إدارة النادي، كون هذه الفئة من الأطفال يحتاجون لجهدٍ مضاعف وتركيز أكبر من المدربين، منعاً لإيذائهم، عدا عن الحاجة للاستمرارية في التعليم لهؤلاء الأطفال، كي لا ينسون، إلا أن الإدارة مستمرة في مساعدة هؤلاء الأطفال.

ويطمح المدرب زمارة إلى إنشاء برنامج طبي صحي متكامل، يرعى هذه الفئة غير البسيطة، ويساهم في علاجهم وتغطية تكاليف علاجهم، من أجل التخفيف عن عائلاتهم والمساهمة في إدخال السعادة على قلوبهم بعلاجهم والتخفيف من آثار هذا المرض عليهم.