الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

الإهمال الطبي.. سياسة إسرائيلية ممنهجة تفتك بالأسرى

حجم الخط
700x414.jpg
محمد منى - وكالة سند للأنباء

تعتبر سياسة الإهمال الطبي واحدة من جملة الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأسرى والأسيرات في السجون.

وقد أدت هذه السياسة لمضاعفة معاناة الأسرى المرضى بسبب عدم تقديم العلاج المناسب لهم ولوضعهم الصحي، فيما ارتقى العشرات من الأسرى شهداء بفعل سياسة الموت البطيء.

ظروف قاسية ومماطلة في العلاج

بحسب مؤسسات حقوقية مختصة في شؤون الأسرى فإن الظروف القاسية داخل السجون تزيد من معاناة المرضى وتفاقم حالتهم الصحية، وتؤدي بالضرورة إلى وجود حالات مرضية جديدة نتيجة لعدم توفر بيئة صحية ومناسبة للعيش الآدمي.

وتؤكد تلك المؤسسات أن بيئة السجن تؤثر على ازدياد الحالات المرضية، "فمعظم السجون قديمة ولا تتفق مع المعايير الدولية من حيث مساحتها وبنائها العمراني، وتنتشر فيها الحشرات والقوارض".

ونوهت إلى تنصل إدارات السجون من التزاماتها إزاء الاحتياجات الشخصية والعامة للأسرى.

ويعاني الأسرى من الإصابات التي تعرضوا لها وقت الاعتقال أو أثناء التحقيق أو نتيجة لتعرضهم لقمع الوحدات الخاصة، مما يزيد من أعداد المصابين والمرضى الذين لا يتلقون علاج لازم وفوري يضمن عدم تفاقم حالتهم.

ويخضع الأسرى المرضى والجرحى لسياسة إدارة السجون في المماطلة بتقديم العلاج والرعاية الطبية المتخصصة مما يؤدي وأدى إلى ارتقاء شهداء.

إهمال بقصد الانتقام

سهل نفاع؛ والد الأسير عزمي نفاع من مدينة جنين، وهو أحد الأسرى الفلسطينيين، الذين يعانون من سياسية الإهمال الطبي، أكد أن إدارة سجون الاحتلال تماطل في علاج نجله الذي أصيب بالرصاص خلال عملية اعتقاله.

وأفاد نفاع في حديث لـ "وكالة سند للأنباء" بأن نجله اعتقل على حاجز "زعترة" العسكري جنوبي نابلس يوم 24 تشرين ثاني/ نوفمبر 2015 بدعوى تنفيذه عملية دهس استهدفت مجموعة من جنود الاحتلال.

وأوضح أن نجله أصيب بالوجه ما أدى لتهتك عظام فكه العلوي وفقدانه أسنانه، بالإضافة الى إصابته بإحدى الرصاصات التي قطعت أوتار أحد أصابع يده اليمنى.

وأضاف" أجريت لنجلي عملية لم تتكلل بالنجاح، حيث لا يستطيع حتى اليوم تحريك إصبعه، فيما لا يزال ينتظر إجراء عملية أخرى لزراعة العظم في فكه العلوي".

واستطرد: "غير أن إدارة سجون الاحتلال تماطل في إجراء تلك العملية رغم تأكيد الأطباء حاجته إليها، بعد نقله للمستشفيات عدة مرات".

وبيّن والد الأسير نفاع، بأن سلطات الاحتلال تتذرع بحجة تكلفة العملية الباهظة، وحاجة نجله للمكوث في المستشفى لفترات طويلة الأمر الذي يتطلب توفير حراسة أمنية.

ولفت النظر إلى أن ادعاءات الاحتلال تلك دفعها للجوء والبحث عن أطباء جدد واستصدار تقارير تؤكد عدم أهمية إجراء هذه العملية وإيجاد بدائل عنها.

وشدد نفاع على أن الاحتلال يلجأ لهذه السياسة بالتعامل مع وضع نجله الصحي من باب الانتقام منه، وشكل من أشكال العقاب الذي يمارسه الاحتلال بحق الأسرى، للتأثير على نفسياتهم وكسر إرادتهم.

واستدرك: "نجلي محكوم بالسجن 20 عاما، لا زال يتمتع بمعنويات عالية على الرغم من وضعه الصحي، حيث يعاني من صعوبة في التنفس ومضغ الطعام".

ولفت النظر في نفس الوقت إلى أن عائلته لا تثق بالاحتلال الذي يماطل ويعوّل على مرور الوقت، بعد رفض ضغوط المؤسسات الحقوقية التي تدخلت لمساندة نجله المريض.

معاناة الأسيرات

أكثر من 41 أسيرة بينهنّ 18 أماً، و4 أسيرات قيد الاعتقال الإداري "بلا تهمة"، يحتجزن في سجن الدامون يعانين هن الأخريات من ظروف حياتية صعبة، في ظل سياسات إدارة السجون، ومن بينها الإهمال الطبي.

فقد نقلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عنهن مؤخرًا مطالباتهن المتواصلة بتوفير طبيبة نسائية، وتقديم العلاج الطبي اللازم للأسيرات المريضات والجريحات.

ومن أبرز الحالات الأسيرة إسراء الجعابيص والتي تعاني من حروق في كافّة أنحاء جسدها، أصيبت بها أثناء عملية اعتقالها، والأسيرة نسرين حسن والتي تعاني من السكري والأعصاب.

وكذلك الأسيرة أنسام شواهنة والتي تعاني من آلام في المفاصل، والأسيرة مرح باكير والتي تعاني من تشنجات، بالإضافة إلى الأسيرة روان أبو مطر والتي تعاني من آلام في البطن.

 من جهته، أكد والد الأسيرة أنسام شواهنة، من بلدة كفر ثلث قرب مدينة قلقيلية، تعرض ابنته لسياسة الإهمال الطبي من قبل إدارة سجن الدامون الذي تحتجز به.

وأوضح ناصر شواهنة خلال حديث مع "وكالة سند للأنباء"، أن ابنته بدأت تعاني منذ 8 أشهر من أوجاع في قدمها، وبسبب تلكؤ إدارة السجن انتقلت الأوجاع الى بقية الأطراف، وازداد وضعها سوء.

وأشار إلى أن إدارة الاحتلال وبعد ضغوطات من قبل ممثلة الأسيرات، نقلت أنسام إلى إحدى المستشفيات الإسرائيلية، حيث أجريت لها فحوصات طبية، أظهرت إصابتها بنقص كبير في الفيتامينات.

وتابع: "ابنتي (محكومة 5 سنوات) عانت بشكل واضح طوال الفترة الماضية، حيث طرأ انخفاض واضح على وزنها، وكانت تعاني من الأرق وقلة النوم، مما أثر بشكل واضح على وضعها الصحي".

ولفت إلى أن إدارة السجن تقدم لابنته، حاليًا، حبتيْن من الدواء، فيما ترفض تسليم التقارير الطبية الخاصة بها، ما دفع العائلة لتوكيل إحدى المحاميات لأخذ ملفها الطبي، لعرضه على أطباء فلسطينيين والاطمئنان على وضعها الصحي، في ظل سياسة الغموض الذي تتعامل به إدارة السجن.

العيادات معاناة مضاعفة

وكشفت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، أن الأسرى المرضى من الحالات الصعبة يقبعون في "عيادة سجن الرملة"، ويعانون أيضاً من سياسة الإهمال الطبي.

وصرّحت: "لا يقدم لهم العلاج اللازم ولا يتم تشخيص الحالات المرضية، وتكتفي إدارة السجون بتقديم المسكنات مما يفاقم الأوضاع الصحية للأسرى".

ويوضح التقرير الصادر عن "الضمير" بأنه يقبع في عيادة سجن الرملة ما بين 14- 16 أسير بشكل دائم، يعانون ظروفًا صحية واعتقالية قاسية.

وأردف: "هناك المصابون بالرصاص والمصابين بأمراض مزمنة وأورام خبيثة، وبعضهم مقعد والبعض الآخر يستخدم الكرسي المتحرك نتيجة لإصابته".

ويُشير إلى أنه لا يوجد طاقم طبي مهني متخصص، حيث يتم نقل الأسرى المرضى في حالات كثيرة للمستشفيات المدنية لإجراء الفحوصات أو معاينة الطبيب وذلك بعد مماطلة كبيرة

وفيما يتعلق بالعيادات الموجودة في سجون الاحتلال فهي، وفق التقرير، تفتقر لوجود طاقم طبي متخصص ومهني لمتابعة الحالات المرضية خاصة المستعصية منها.

واستطرد: "هناك تباطؤ في تعيين مواعيد المراجعات الدورية الطبية والصحية".

أسرى شهداء

سياسة الإهمال الطبي الممنهج والمتعمد التي تمارسها إدارة السجون ليست بالحديثة، حيث استشهد العشرات منهم نتيجة لهذه السياسة كان آخرهم الشهيد سامي أبو دياك.

ولا تكتفِ سلطات الاحتلال بممارسة سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى بل وتبقي على جثامين الشهداء محتجزة لديها.

وباستشهاد الأسير أبو دياك على سرير المرض، يوم 26 نوفمبر 2019، ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 222 شهيداً، بينهم 67 أسيراً جراء الإهمال الطبي المتعمد، وآخرون بسبب التعذيب.

وامتد أثر سياسة الإهمال الطبي ليطال الأسرى المحررين بعد الخروج من السجن، حيث سقط العديد من الشهداء بعد تحررهم من الأسر نتيجة للإهمال الطبي الذي تعرضوا له أثناء فترة الاعتقال.

وتؤكد المؤسسات الحقوقية والإنسانية أن سلطات الاحتلال مع استمرارها بممارسة سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى فإنها تنتهك كافة الأعراف والمواثيق الدولية التي تكفل حقهم بتلقي العلاج اللازم وعدم التعرض للتعذيب والتنكيل.

وتتنصل سلطات الاحتلال من التزاماتها بموجب المواثيق الدولية كقوة احتلال ملزمة بضمان سلامة المعتقلين وتقديم الرعاية الطبية لهم.