الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

في ضيافة زيتونة الأرض وسحِرها..

بالصور موسم الزيتون في عين صاحبه.. أعطِ الأرض تُعطيك

حجم الخط
زيتون.jpg
غزة - وكالة سند للأنباء

ماذا يعني أن تعيش الزراعة كأسلوب حياة؟ سؤال يتبادر إلى الذهن كلّما صادفنا فلاحًا يُعطي أرضه من الحُبّ والعطاء كما يُعطي أبنائه، حتى صُورت له الطبيعة الخلابة وما تحمله مواسمها من بشريات كأنها فردوس أبدي.

وأنت تسير على الطريق الممتد شرق قطاع غزة في موسم قطف الزيتون، تُسلّم نفسك لا إراديًا لجمال المساحات الخضراء الشاسعة، وزيتونها وزرقة سمائها، وصوت عصافيرها السعيدة، وعذوبة النسمات الخريفية.

وبينما تستمع إلى حكايا المزارعين، وتراقب ليومٍ واحد فقط روتينهم الشاق في رحلة قطاف الزيتون، تعرف أن عطاء الأرض من عطاء أصحابها، ولا ينجح في ذلك إلا مُحب مُخلص، كالذي اتخذ الزراعة أسلوب حياة.

في هذا التقرير رافقت "وكالة سند للأنباء" المزارع الفلسطيني أبو محمد حجي، أثناء عمله في قطف الزيتون شرق قطاع غزة، ليسرد لنا حكايته مع هذه الشجرة المُعمرة والعطاء المتبادل بينهما، وسرّ نجاحه، حتى أصبح  يشار إليه بالبنان "هذا معلّم زيت وزيتون".

B905CC53-2C31-440B-86CD-E5A0DFFD6708.jpeg

"أبو محمد" مزارع فلسطيني (53 عامًا)، من سكان حيّ الزيتون شرق قطاع غزة، عاش طفولته وسط عائلة ريفية متمسكة بفكرة الأرض وزراعتها والاعتناء بها، سُقي هذا الحب من أجداده، تعبوا كثيرًا إلى أصبحت عائلتهم واحدة من أشهر العوائل المعروفة بـ "بيع الزيت والزيتون" في القطاع.

يستهّل حديثه معنا، بالقول: "موسم الزيتون، سيّد المواسم في فلسطين، حيث تُبشر الأشجار أصحابها بزرقٍ وفير، يعتمدون عليه طوال العام لإعالة أسرهم وتلبية احتياجاتهم المعيشية".

ويمتلك "أبو محمد" عشرات الدونمات من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون، يعمل على حراثتها والاعتناء بها، على مدار العام، ليُجني ثمار تعبه في موسم الزيتون السنوي، يُضيف: "الزيتون أعطيه اهتمام وعناية، بيعطيك ثمار كثيرة، هذه قاعدة أساسية للنجاح".

ويبدأ موسم قطف الزيتون في فلسطين كل عام، في شهر أكتوبر/ تشرين أول ويتمد حتى نوفمبر/ تشرين ثاني، حيث يُباشر المزارعون بالجنّي بعد أول شتوية في الموسم المعروفة بـ "تصليبة الصليب".

"صلّب الصليب"، تعني في الموروث العربي، بدء موسم قطف الزيتون بعد هطول زخات المطر، حيث تُغسل حبّات الزيتون بالمطر، فيصبح ناضجاً غنيًا بالزيت، ولا جدوى من تأجل قطافه.

C1A75299-E7CF-4DE4-A387-F77AF308A6D6.jpeg

وخلال فترة قطف الزيتون يتفرغ "أبو محمد" للموسم ويُجهز العُصي والشوادر والقحاشات، ويشّد رحاله إلى أراضيه في منطقة ججر الديك شرق غزة، برفقة عدد من العمّال لمساعدته في جنّي ثمار الزيتون وفرزها.

كما يُخصص المزارع "حجي" نساء لجمع حبّات الزيتون المتساقطة على الأرض قبل وأثناء عملية القطف، أما زوجته، فقد أُوكلت إليها مهمّة إعداد الطعام والمشروبات خلال الرحلة اليومية التي تبدأ مع ساعات الفجر الأولى حتى المغيب.

"قلاية البندورة"، متبّل الباذنجان، وزبدية "الدقة الغزاوية" التي يكون فيها الفلفل الحار عنصرًا رئيسيًا، إلى جانب البندورة، وعين الجرادة، والبصل، والملح، وعصير الليمون، أشهّي ما تعدّه "أم محمد" للمزارعين من طعام في هذا الموسم.

كما أن للشاي الساخن بالنعناع المُعد على النار، مذاق مختلف، سيما وقت الظهيرة وهو المخصص لراحة العمّال تحت "الزيتونات" على وقِع أهازيج وأحاديث العمّ "أبو محمد".

يحكي عن ذلك: "بعيدًا عن فكرة موسم الزيتون كمهنة، هذه الشجرة فيها سرّ ثباتنا، فهي من هويتنا، وشاهدة على الحكاية الفلسطينية التي لم تنتهِ؛ لذا أحَرص دائمًا تثبيت قميتها في نفوس الشبّاب العمّال".

"ماذا عن التجمعات العائلية بهذا الموسم؟"، في رده يشوقّ السامعين إلى عذوبة النسمات الخريفية صباح يوم الجمعة من كل أسبوع، ولذّة المقلوبة المُطهوة على النّار بنَفسٍ طيّب.

وإلى "قهوة العصريّة" بمزاجها المختلف مع "خراريف الأم" تحت خيمة صغيرة تُظللها ورق العنب وجريد النخيل الجاف، رويدًا رويدًا يستدرجك لقول "ليتني معكم" في السهرات العائلية الطويلة أمام الأضواء الخافتة ليلًا.

ويزرع "ضيف سند" في أراضيه ما يزيد عن سبعة أنواع من أشجار الزيتون، أشهرها "السُري، والشملاني والسوري، والـ K18".

8B77C8D0-9F96-46AB-BE8E-F1A9F1056CEA.jpeg

ويُعرف عن أشجار الزتيون، بـ "تبادل الحِمل"، حيث يكون الحمِل غزيرًا في عام، وشحيحًا في العام الذي يليه، كيف حال أشجار العمّ "أبو محمد" هذا العام؟ بعد تمتمات بـ "الحمد والشكر لله" ردّ بصوتِ سعيد: "اسم الله الغصون ضعيفة عالثمر، الإنتاج وفير ومجدي اقتصاديًا هذا العام، نسأل الله البركة".

"من الشجر للحجر"

يعمل أبو محمد حجي أيضًا في عصر الزيتون تمهيدًا لبيعه زيتًا وفقًا لطلبيات الزبائن من مختلف مناطق قطاع غزة، وأثناء حديثه عن ذلك، استذكر مثلًا شعبيًا كان يتردد على لسان جدّه دائمًا "من الشجر للحجر" في إشارة إلى ضرورة عصره أولًا بأول.

سألته عن سرّ هذا المثل، فأجاب: "مذاق وجودة الزيت ونسبة الحموضة فيه، كلها أشياء تتأثر سلبًا عند عصر الزيتون بعد مدّة من قطفه"، ولأجل ذلك لا ينسى "حجي" وصيّة جدّه، فالأهم من تحقيق الربح هو تقديم الأفضل للناس، ليظّل اسم العائلة لامعًا في هذا الموسم.

ولا يُحدد المزارع "حجي" كمية محددة للزيت، يقول: "ما يصلح من الزيتون للعصر، أحُوّله للمعصرة فورًا، ثم نُباشر بالبيع وفقًا لتوصيات الزبائن والتجار، والفائض يُحفظ بمكانٍ بارد لمدة تزيد عن عامين".

وعن أسعار الزيتون والزيت هذا العام، يصفها، بـ "المتوسطة"، إذ يتراوح ثمن الكيلو غرام من الزيتون ما بين 5 لـ 8 شواكل، حسب جودته.

أما تكلفة العبوة الواحدة من زيت الزيتون التي تتسع لـ16 لترا، فتترواح سعرها حسب جودة الزيت، ما بين 350 شيكل إلى 450 شيكل،  وفق أبو محمد حجي.

وتقدّر مساحة الأراضي المزروعة بشجر الزيتون المثمر في قطاع غزة بما يزيد عن 33 ألف دونم، وسط توقعات بإنتاج 23250 طنًا من الزيتون، منها 6750 طنًا للكبيس (المخلل)، وباقي الكميّات تخصص للعصر.

وبحسب وزارة الزراعة فإن الإنتاج الكلي من زيت الزيتون في القطاع يقارب 2750 طنًا، فيما يبلغ متوسط استهلاك الفرد من الزيتون 15 كيلوغرامًا، بما يشمل 3 كيلوغرام من الزيتون المخلل، و12 كيلو من الزيتون تُنتج نحو 2 كيلوغرام من الزيت.

731882B1-8C6C-4D43-BA00-97AF08430D2A.jpeg

0C27502E-A0F2-4B59-9DA2-5AA4C662C408.jpeg

C9A76C98-172B-4960-93F2-697333628B78.jpeg