الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"مقهى بدران" .. صمود تاريخي يؤرق الاحتلال

حجم الخط
مقهى بدران 1 (1).jpg
الخليل- نزار الفالوجي- سند

يقف شامخاً كصخرةٍ في وجه محتلٍ بغيض، يضرب بجذوره عمق الأرض، تختزل في أروقته الكثير من الحكايا.

في عمق حارة القزازين التاريخية في البلدة القديمة بمدينة الخليل، لازال "مقهى بدران" يرسم لوحةً من الصمود، رغم تحديات الاحتلال، لا سيما عنف المستوطنين وجرائمهم المستمرة.

 150 عاماً، عمر المقهى الذي افتتحه أحد أعيان الخليل جميل بدران، حيث كان بمثابة تجمع كبيرٍ لرجال العشائر وزوار المدينة.

اعتبر المقهى عنواناً للقادمين إلى البلدة القديمة من المدن والقرى المجاورة، وملتقى للقادمين من مضارب البدو الذين يحضرون لبيع منتجاتهم من ألبان وصوف ومفارش بدوية، فيشتروا بثمنها من أسواق الخليل ما يلزمهم من حاجيات.

ملتقى اصلاح

 الحاج أبو زيدان الجعبري (76 عاماً) من كبار رجال العشائر في جبل الخليل  يؤكد أن هذا المقهى شهد فيه عقد صلح لمئات حوادث الدم والقتل التي كانت تجري في المحافظة، حيث يلتقى كبار رجال العشائر لعقد راية الصلح بين أهل القاتل وأهل المقتول .

ويقول الجعبري بلهجته البسيطة لــ"سند": يا عمي كان مقهى بدران عنوان للبلد ولكبارها، كان زي البرلمان يجمع الجميع وملتقى للكل، ما في يوم يعدي إلا ونلتقي فيه".

ويوضح أن المقهى كان بمثابة مقر لأي شخص يريد أن يدعو لمناسبة ما، ومحطة للتجمع والانطلاق، فكان بمثابة الروح في حياتنا، ولا استغناء عنه مطلقاً.

ويضيف:" الله يرحم أيام زمان، كانت الناس إيد وحدة، على فنجان قهوة في المقهى ننهي أكبر مشكلة".

مقراً للثورة والثوّار

ولعب المقهى دوراً نضالياً وسياسياً، فشهد زيارات الكثير من الشخصيات التاريخية والوطنية وقيادات بارزة إبان ثورة عام 1936م .

 الحاج حسن أبو اسنينه (86 عاماً) يقول:" استقبلنا الحاج أمين الحسيني في المقهى، وذبحنا له الذبائح، واستقبله كبار وجوه العشائر من آل أبو اسنينه، والنتشة، وعمرو، وبدر، والقواسمي، والجعبري، وغيرهم".

ويبين أنهم نظموا حلقات الدبكة في ساحة المقهى ورددوا الكثير من الأغاني منها
حاج أمين يا منصور وبسيفك هدينا السور.. حاج أمين يا مغوار وكلنا في جيشك ثوار.

لم يتوقف استقبال الأهالي للحسيني على الترحيب الحار، بل وقدموا له الدعم برجالٍ ثوار، وكان يمثل جبل الخليل القائد عبد الحليم الجولاني الملقب ب" الشلف".

ويضيف أبو سنينة لــ"سند": حينما انطلقت الثورة، تم تحويل المقهى ليلاً كمقر لجمع السلاح والذخيرة، وكان الثوّار يتسللو ليلاً من الحضر، ومضارب البدو والقرى المجاورة، وحارات الخليل".

معركة جورة بحلص

ويصف تفاصيل تجمع الثوار حينما كان يأتون بالسلاح ويجمعونها في " شوالات" و" بكسة الخضار"، ومن ثم يحملونها على الحيوانات ويقودها الشباب إلى شِعب الملح غرب الخليل، كونه مقر لقيادات الثورة، فيستلمها القائد الشلف.

ويتابع:" بعد استلام الأسلحة، يبادر الثوار في مهاجمة الإنجليز، وكانت آنذاك "معركة جورة بحلص" شمال الخليل، قادها الشلف".

يستذكر أياماً مضت، بحنين يملأ حديثه "يا عمي المقهى كان إله أيام عز، وتاريخ وماضي برفع الراس".

يُجمع الكثير من رجال الخليل على أن مقهى بدران كان مركزاً تجارياً وسياسياً وعسكرياً واجتماعياً، يضم عشائر جبل الخليل ويوحدهم، ومقراً لانطلاق إبان الثورة الكبرى عام 1936م .

لازال مقهى بدران ينبض بالحياة، في قلب مدينة الخليل، رغم محاولات التضييق المستمرة من قبل المستوطنين، واقتحامات جيش الاحتلال المتكررة، والسعي لإغلاقه والاعتداء على مريديه لمنعهم من الوصول إليه.

  مقهى بدران 2 (1).jpgمقهى بدران 3 (1).jpg
مقهى بدران 4 (1).jpg