في عمر الخامسة، تجلى حب الطبيعة في قلب حسين أبو الصادق (22 عاماً) من مدينة غزة، تمسك بألوان الطبيعة وخطّ بها رسوماً تضج بالحياة، سكب الجمال مع كلِ رشقةٍ للفرشاة، ليُنتج لوحةٍ فنية غاية في الألق والجمال.
تخطف بهجة التفاصيل عين كل من رأى لوحةً شكّلها أبو الصادق، لتُسافر في خطوطها وأعماقها ويكأن الحياة خطفتك إلى داخلها.
علاقة حب
فرشاة وبضع ألوانٍ، هي زاد أبو الصادق الذي لا يستطيع أن يمر عليه يوماً إلا وعلاقة الحب والصداقة مع الرسم تتجدد في كل لوحةٍ فنية يُشكلها، ليمنحها الوقت والجهد، وتمنحه السعادة التي لا مثيل لها.
كان قلم الفحم والورقة رفيق أبو الصادق في بداية مشواره الفني الذي لازمه طيلة أعوامه الماضية، فكان لهما الفضل في بزوغ موهبته وتطويرها بشكل أكبر.
تنقل أبو الصادق في ريشته بين اللوحات المختلفة، ومن ثم أسقط الجمال على الجدران والأقمشة، وصولاً إلى الإبداع الفريد من نوعه على مستوى قطاع غزة، وهو إنتاج المجسمات والرسم باستخدام "الفلين" والألوان الزيتية.
إنتاج دولفين
استطاع أبو الصادق أن يتميز في تصميم أول إنتاج "دولفين" من مادة الفلين، والتي كانت مشابهة جداً لدولفين البحر الحقيقي بألوانه الزاهية، ما أثار إعجاب كُل من رآه.
بعد انتشار صورة الدولفين الذي خطفت الكثير من الإعجابات والثناء للمواطنين، سارعت بعض مطاعم المأكولات البحرية إلى شراءه واقتنائه مباشرة، ليُعرض لديهم، ما أضفى جواً مضاعفاً من الجمال والواقعية.
هذا الإنتاج المميز، كان البحر الذي يعمل فيه والده كصياد، الصاحب الملهم لأبو الصادق، ما دفعه للتفكير بإنتاج عمل فني مميز كامتنان له، لتداهم فكرة تصميم كائنات بحرية كالبطريق والدولفين ذهنه، ويسارع في عملها.
ساعات طويلة وأيام، تلك التي يمضيها أبو الصادق مع كل عمل فني يقرر إنجازه بالشكل الذي يرتأيه، ينهمك في أدق التفاصيل والأمور التي تحيل ما بيده إلى لوحة متكاملة في التميز والإبداع.
ذاك الجهد الذي يُمضيه أبو الصادق برفقه لوحاته وإنتاجاته، هي بمثابة مداد السعادة والطاقة لروحه، حيث لا يتخيل حياته وهي تمضي دون تلك الرفقة التي تؤنسه في جميع أوقاته، وتمنحه شعوراً مميزاً لا يجده إلا في ذاك العمل.
إبداعٌ فريد
وتعد صناعة المجسمات باستخدام الفلين فن مميز وفريد، حيث يتم تطويع مادة الفلين من خلال نحتها وتحويلها إلى مجسمات وأشكال مختلفة، ليصبح أبو الصادق أول فنان يستخدم هذا الفن في قطاع غزة.
لم يقتصر عمله في مجال معين، حيث مدّ يده ليُبدع في كل زاوية تقع بين يديه، دوّن الجمال عبر رسومات الطبيعة الخلابة والمميزة.
كما وجسد الشاب أبو الصادق معاناة الشعب الفلسطيني عبر لوحاته المناصرة للأسرى والشهداء ونقل الصورة الحقيقة التي يعيشها أهالي قطاع غزة.
مع كل عمل ينتهي منه أبو الصادق، يشعر أنه قطعة من روحه، وأنّها تحمل الكثير من المشاعر التي عايشها برفقته.
طموح أبو الصادق لا يتوقف، تلاحقه الأمنيات في أن تُعرض لوحاته الفنية في معارضٍ خارج القطاع، لتوصل رسالة الطبيعة وحب الأرض والوطن.
ويتمنى أن يجد الدعم المناسب من قبل المؤسسات المختلفة في قطاع غزة، لاحتضان هذه المواهب والمساهمة في تطويرها وإبرازها بالشكل المطلوب في الداخل والخارج، لنقل الصورة الحقيقة للواقع الذي يُعاش في قطاع غزة.