لا تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الوجود الفلسطيني في مدينة القدس في سياق مخطط يهدف إلى تهويد المدينة وتغيير معالمها الديمغرافية.

وفي الآونة الأخيرة باتت الاعتداءات الإسرائيلية تستهدف المقبرة اليوسفية التي تواجه منذ سنوات محاولات الطمس وتغيير معالمها عبر العودة لتجريفها، وهدم عدد من قبورها مؤخرًا.

وتضم مدينة القدس 4 مقابر إسلامية إلا أنها قُلصت إلى 3 مقابر فقط؛ بعد مصادرة الاحتلال لمقبرة مأمن الله الواقعة غربي المدينة، ولم يتبقى سوى مقبرة الرحمة التي قطع الاحتلال أوصال قبورها بمصادرة بعض أجزائها ومنع الدفن فيها.

تقول الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، إن الاحتلال يخطط لتهويد المدينة وطمس كل ما يدلل على إسلاميتها وعروبتها.

مخطط "زاموش"

ويشير رئيس الهيئة ناصر الهدمي إلى أن الاحتلال ينفذ جزءًا من مخطط "زاموش" الذي كُشف عنه عام 2007م، وادعت حكومة الاحتلال حينها أنه ليس مخطط رسمي وإنما مجرد اقتراحات تطويرية.

ويشدد "الهدمي" في حديث لـ "وكالة سند للأنباء" على أن نشاطات الاحتلال على الأرض تفند ادعاءها؛ فحفرياتها في أرض عائلة صيام في سلوان، والعمل على مشروع القطر الهوائي والحفريات في محيط ساحة البراق تدلل على تنفيذ مخطط "زاموش".

ويؤكد أن بلدية الاحتلال مع سلطة الطبيعة التابعة لها تطمح لبناء حدائق وممرات توراتية على أرض المقبرة اليوسفية؛ بهدف تطبيع الوجود اليهودي بالقدس من خلال ما يسمى بالتدفق الحضاري للإنسان بالمدينة.

وتنبع أهمية الموقع الجغرافي للمقبرة بقربها من قرب سور القدس وباب الأسباط الذي يعد أهم مداخل البلدة القديمة، إضافة لأنها تحوي قبورًا لجنود أردنيين وضريح الجندي المجهول.

قوانين

قانونيًا يؤكد "الهدمي" أن محاكم الاحتلال الإسرائيلي تساعد في تنفيذ هذه المخططات لإحكام السيطرة على المدينة عبر القوانين الاحتلالية التي تصدرها.

ويلفت إلى أن الوضع القانوني في المقبرة اليوسفية ليس وضعًا سهلًا، وما يزيد تعقيدًا أن القاضي المتابع للملف هو مستوطن إسرائيلي متطرف.

وفي هذا السياق يعتبر عضو لجنة المقابر الإسلامية في القدس حمزة حجازي أن الاعتراض على قرار محكمة الاحتلال بإعادة تجريف المقبرة يُكسب اللجنة الوقت للبحث عن حلول ممكنة وتقليص أزمة القبور.

مخاطر

ويوضح "حجازي" لـ "وكالة سند للأنباء" أن ما يقارب 50 عائلة مقدسية ستتضرر من قرار الاحتلال ما يقارب دونم ونصف من أراضي المقبرة ومنع الدفن في نصف دونم آخر منها.

وينبه إلى أن محكمة الاحتلال أجبرت لجنة المقابر على دفع غرامات مالية تجاوزت الـ 100 ألف شيكل؛ بسبب إضافة العائلات المقدسية لشواهد على قبور أمواتهم في الأجزاء المهدد بالجرف.

ويطالب "حجازي" بضرورة التدخل العربي والدولي لوقف أزمة القبور في القدس؛ حيث لم يعد هناك متسعاً لدفن العديد من العائلات المقدسية؛ بسبب هجمات الاحتلال المتكررة تجاه المقابر.

وتناشد وزارة الأوقاف الإسلامية في القدس بضرورة وضع خطة لتحويل أرض وقفية أو شراء أراضٍ وتحويلها لمقابر إسلامية جديدة.

الأردن

وبما أن المملكة الأردنية الهاشمية معها حق الوصاية على المسجد الأقصى؛ فهي تمارس منذ أشهر ضغوطات دبلوماسية على حكومة الاحتلال لوقف الاعتداء على الأوقاف الإسلامية في القدس وعلى رأسها المقابر.

ويؤكد مدير دائرة الاوقاف الاسلامية في القدس الشيخ عزام الخطيب أن المملكة الأردنية الهاشمية تتحرك بإيعاز ملكي للضغط على حكومة الاحتلال في هذا الصدد.

ويشير "الخطيب" لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن الأوقاف الإسلامية في القدس تعمل جاهدة من أجل الحفاظ على المقبرة اليوسفية.

ويعتبر أن توجه الاحتلال للمحاكم ورفع القضايا تجاه أراضٍ وقفية دليل على نية سوء تُبيتها حكومة الاحتلال ضد الأوقاف الإسلامية وعقاراتها في القدس.

وبين أن تحول أرض وقفة أو شراء أرض جديدة وتحويلها إلى مقبرة إسلامية ليس بالأمر السهل في ظل الضغوطات والانتهاكات الاحتلالية وتدخل بلدية الاحتلال بتصنيفات الأراضي واستخداماتها.