الساعة 00:00 م
الأربعاء 01 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.27 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

إسرائيل والاتحاد الإفريقي.. هل نجحت إسرائيل باختراق القارة الإفريقية؟

حجم الخط
AP_20040490734296.jpg
خالد أبو الروس-وكالة سند للأنباء

لم يكن إحالة قرار منح إسرائيل عضوًا بصفة مراقب في الاتحاد الإفريقي إلى الجلسة المقبلة في فبراير/شباط المقبل عام 2022م إلاّ نتيجة للموقف الإفريقي الرافض لإدماج إسرائيل في القارة الإفريقية.

وأحدثت موافقة مفوضية الاتحاد الإفريقي على انضمام إسرائيل للاتحاد انقسامًا غير مسبوق، ما يهدد مستقبله ككيان جامع للدول الإفريقية.

وأبدت دولة الجزائر موقفًا متشددًا وحساسًا من انضمام إسرائيل للاتحاد الإفريقي، حيث اعتبرت أن انضمامها للاتحاد بمثابة شرخ وانقسام لا يمكن تداركه، حيث حصلت على دعم دول عديدة.

وتسعى إسرائيل إلى اختراق القارة الإفريقية في محاولة لكسب الشرعية؛ للاستفادة من كتلة التصويت الإفريقية الضخمة في المحافل الدولية؛ لتأييد القرارات التي في مصلحة إسرائيل.

أسباب التأجيل

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، إدريس عطية، إن تأجيل مناقشة انضمام إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الإفريقي جاءت بناء على الاختلاف والانشقاقات التي ظهرت خلال اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد.

ويضيف "عطية" لـ "وكالة سند للأنباء"، أن الجزائر ومعها 24 بلدًا تقود تصورًا يرفض من حيث المبدأ وجود إسرائيل في الاتحاد الإفريقي، ويرفضون القرار الإداري الذي أعطى للاحتلال عضوية فيه.

يشير إلى أن المغرب وفي إطار تحالفاته مع إسرائيل وفرنسا يسعى إلى مساعدة إسرائيل أن يكون لها تواجدًا في القارة الإفريقية من أجل إزعاج الدول ذات الفعالية الأبرز من بينها الجزائر.

ويوضح "عطية" أن إسرائيل لديها عاملان مهمان من أجل الارتباط بالقارة الإفريقية وهي: العامل الأول المرتبط بسلوك تصويتي للدول الإفريقية في هيئة الأمم المتحدة التي يتواجد فيها 55 بلدًا إفريقيًا يتجاوز عدد سكانهم ربع سكان العالم.

أما العامل الثاني فإن إسرائيل تبحث عن علاقات مع دول القارة الإفريقية وبالتالي محاصرة العالم العربي والإسلامي من الجهة الجنوبية، وفقًا لما يسرد "عطية".

وينبه "عطية" إلى أن دولًا عربية تحاول مساعدة إسرائيل في أن يكون لها حضور في القارة الإفريقية بأي شكل حتى تستفيد منه وتحقق شرعية بعد أن نجحت في اختراق العالم الإسلامي والعربي.

وبشأن أهداف إسرائيل في القارة الإفريقية يشير "عطية" إلى أن إسرائيل مرتبطة بأغنى يهود في العالم الذين يتواجدون في جنوب إفريقيا وهم "يهود الإشكناز"، ويرتبطون بأفقر يهود في العالم يتواجدون في الجنوب أيضًا وهم (يهود الفلاشا).

ويوضح أنه من الناحية التاريخية عرضت الولايات المتحدة على إسرائيل إنشاء وطن قومي لليهود في إفريقيا سواءًا في إثيوبيا أو في ليبيريا أو في جنوب إفريقيا أو حتى في إفريقيا الوسطى، لكن اليهود رفضوا وذهبوا باتجاه المزاعم التاريخية التي تعتبر فلسطين أرض الميعاد. 

التراث التاريخي

من جانبه، يقول الأستاذ المحاضر بقسم العلوم السياسية في جامعة ورقلة الجزائر د. مبروك كاهي إن تأجيل انضمام إسرائيل للاتحاد ناجم عن تفسير خاطئ للمفوض السامي للاتحاد الافريقي لصلاحياته التي بموجبها منح إسرائيل عضوًا مراقبًا دون القيام بمشاورات موسعة.

ويضيف "كاهي"، أن تفسير المفوض جاء على اعتبار أن إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع معظم دول القارة وهنا حدث "الخلط بين سيادة كل دولة وبين منظومة القيم القانونية والتنظيمية للاتحاد الإفريقي".

وينبه في حديث أجراه مع مراسل "وكالة سند للأنباء"، إلى أن القارة الافريقية من أكثر القارات التي عانت من الاستعمار التقليدي الكلاسيكي والهيمنة الليبرالية والتمييز العنصري والظلم.

يقول: "من هذا المنطلق كانت الحرية وقيم العدالة ونصرة القضايا العادلة في العالم والتوزيع العادل للثروة الدولية هو الشعار الذي رفعه الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الافريقية سابقا والاتحاد الافريقي حاليًا".

ويؤكد أن الدفاع عن هذه القيم تتطلب الوحدة والوقوف يدًا واحدة في وجه قوى الظلم والتي تمارس الميز العنصري وتصادر الحريات وتمنع حق تقرير المصير.

"والملاحظ أن إسرائيل لا تلتزم بقيم الاتحاد في مصادرة حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة كاملة السيادة وتحتل أراضيهم وأراضي دول عربية أخرى وتمارس التمييز العنصري وتنتهك الشرعية الدولية"ـ وفقًا لـ "كاهي".

ويشير إلى أن الميراث التاريخي للاتحاد الذي تدافع عليه عديد الدول مثل: نيجيريا، والجزائر، جنوب إفريقيا، وهي الدول الثلاث الأساسية الفاعلة في الاتحاد الإفريقي يقف أمام حصول إسرائيل على بطاقة عضو مراقب.

كما أن هذا الميراث يرفض تفرقة الأفارقة وانقسامهم، وعودة الوضع السابق قبل منح بطاقة عضو مراقب من قبل المفوض السامي للاتحاد الافريقي.

وتقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية مع 46 دولة إفريقية من أصل 55 دولة عضواً في الاتحاد.

دور المغرب

ويشير "كاهي" إلى أن مجموعة قليلة وقفت إلى جانب إسرائيل منها المملكة المغربية المنضمة حديثًا للاتحاد وبعض الدول الإفريقية.

ويؤكد أن "هذا الانقسام جعل وزراء خارجية الدول الإفريقية وممثليهم يحيلون أمر الفصل في الملف لقمة الرؤساء التي سوف تنعقد في شهر فبراير من العام المقبل".

ويؤكد أن الجهد لذي تقوم به الجزائر ومعظم الدول الإفريقية؛ لتصحيح الخطأ المرتكب من المفوض السامي، والحفاظ على وحدة الصف الإفريقي من الانقسام، هو ضمانة حقيقية للحفاظ على المنظمة الإفريقية ودفاعها عن القضايا العادلة، وعلى رأسها حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم كاملة السيادة.

ويعزو مراقبون الرفض الجزائري المتشدد لأسباب داخلية؛ لأنها تعتبر ذلك تهديدًا لأمنها القومي وعمقها الإفريقي خصوصًا وأن المغرب من الدول المؤيدة لقرار الانضمام.

وتعمقت الخلافات المغربية الجزائرية مؤخراً ووصلت لمرحلة القطيعة؛ حيث تتهمها الجزائر إسرائيل وبعض الدول الإفريقية بزعزعة أمن الجزائر.

مصلحة إسرائيل

ويرى بأن إسرائيل لها مصلحة في الحصول على بطاقة عضو مراقب وهو استكمال مد علاقاتها مع الدول الإفريقية، ومواصلة الاختراق الاستراتيجي لدول القارة عبر الدخول للمنظومة التي تجمع كل الدول الإفريقية.

ويشير إلى أن دول الاتحاد الإفريقي المقدر عددها بـ 55 دولة يشكلون ثلث منظمة الأمم المتحدة، وهي أصوات فاعلة ومؤثرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، منبهًا إلى أن الهدف المرحلي من اختراق إسرائيل للاتحاد الإفريقي هو تحييد هذه الكتلة المؤثرة.

أما الهدف الاستراتيجي فإن إسرائيل تسعى لإيجاد تجمع أو تكتل يحتضن إسرائيل ويعطيها دورًا فاعلًا؛ وذلك لاستحالته في الاتحاد الأوروبي أو حتى في التكتلات الآسيوية؛ لوجود دولة قوية قادرة على احتواء إسرائيل وهو ما لا تريده، حسبما ما يشير "كاهي".

ويوضح أن إسرائيل لديها هدف اقتصادي؛ حيث تبحث عن أسواق واستعمال منظمة الاتحاد الإفريقي كوسيلة لاختراق الأسواق الإفريقية عن طريق الاستفادة من الاتفاقيات المشتركة.

تعزيز الشرعية

الباحث السوداني في الشؤون الإفريقية والمحلل السياسي عباس محمد صالح عباس يقول إن إسرائيل تسعى من وراء الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي إلى تعزيز شرعيتها وتطبيع علاقاتها مع مؤسسات ودول العالم.

"لهذا تتبوأ القارة الافريقية والاتحاد الافريقي أهمية ديبلوماسية كبرى لأي دولة طبيعية ناهيك عن كيان مثل إسرائيلي واجه إشكالية في هويته وشرعيته"، وفقًا للباحث "عباس".

ويشير "عباس" لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن إسرائيل لها أهداف استراتيجية منها البحث عن الموارد والخيرات، كما أن القارة سوق مربحة لأسلحتها.

ويضيف بأن إسرائيل تبحث عن حلفاء لها على صعيد الشعوب والدول، ونسج علاقات مع المجموعات العرقية التي يمكن أن تساعدها في تعزيز مناعتها الديموغرافية، أو يمكن أن تكون جزءًا من استراتيجيتها الأمنية الأوسع.

أهداف استراتيجية

يقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية رشيد علوش، إن إسرائيل تسعى للتواجد في إفريقيا وفك الارتباط بين المحور العربي الإفريقي أو ما يعرف بدول الطوق الثالث.

ويشير "علوش" إلى أنها توظف العديد من الوسائل انطلاقًا من عملها على تكثيف التبادل الاقتصادي والاستفادة من الموارد الإفريقية من خلال فتح الطريق للشركات الإسرائيلية في المجالات التعدينية والزراعية.

كما أن "الأخطر من ذلك ربطها العديد من العلاقات مع الأنظمة السياسية بتوفير السلع الأمنية من خلال الشركات الأمنية و العسكرية الخاصة بتوريد السلاح والبرامج المرتبطة بالأمن السيبراني"، وفقًا للباحث "علوش".

يشدد "علوش" في حديثه مع "وكالة سند للأنباء"، أن إسرائيل تحاول ربط صلات مع الأنظمة السياسية يصعب فك الارتباط معها في المستقبل، وهو ما تجسد في برنامج "بيغاسوس" الذي تشغله العديد من الدول الإفريقية من بينها المغرب.

وعن مصالح انضمامها للاتحاد الإفريقي يقول "علوش" إن إسرائيل تسعى لهذا الانضمام منذ عام 2002، "فمن وراء ذلك تصل إلى تقسيم الدول الإفريقية خاصة فيما يتعلق بالكتلة التصويتية للدول الإفريقية التي لطالما صوتت لصالح القضية الفلسطينية في المنظمات الدولية".

فيما الهدف الثاني يرتبط بمحاولة إسرائيل تسويق سياساتها لدى الدول الإفريقية وتحييدها خاصة بعد اتفاقيات التطبيع من خلال الإيعاز للأفارقة بأن "لا طائل من استمرار رفض القبول بها لدى الاتحاد الإفريقي باعتبار أن الدول العربية ماضية في مسار التطبيع".

ويشير "علوش" إلى أن هناك مصلحة مرتبطة بمحاولة إسرائيل التغلغل في مؤسسات الاتحاد الإفريقي باعتبار أن الدول المراقبة تشارك في العديد من الاجتماعات، ما قد يمثل خطوة متقدمة نحو الضغط على الدول الإفريقية ودفعها نحو التخلي عن دعم الشعب الفلسطيني.

أطماع كبيرة

يقول الكاتب السياسي مهند عبد الحميد، إن إسرائيل لديها أطماع كبيرة ي إفريقيا، كتوسيع سوق السلاح الإسرائيلي إلى إفريقيا وقد استخدم السلاح الإسرائيلي في حروب أهلية راح ضحيتها الآلاف.

ويشير "عبد الحميد"، إلى أن إسرائيل ترغب في تغيير صورتها كدولة محتلة والخروج من عزلتها في مؤسسات الأمم المتحدة حيث يوجد 55 دولة إفريقية تصوت في معظمها لصالح الشعب الفلسطيني وضد دولة الاحتلال.

ويرى بأن إسرائيل لديها هدف استراتيجي يتمثل في الحصول على موطئ قدم في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، والوصول إلى الثروات الإفريقية لاسيما وأن إفريقيا غنية بمعادن الذهب والماس والبلاتين واليورانيوم والكروم.

و"الأخطر من ذلك أن الأنظمة العسكرية وغير الديمقراطية تجد في إسرائيل ضالتها في تدعيم حكمها في مواجهة شعوبها والقوى الديمقراطية التي تطرح التغيير، وتجد في إسرائيل البوابة الذهبية للدخول في علاقات مع أميركا"، وفقًا لـ "عبد الحميد". 

كما يهم إسرائيل الوصول إلى الثروات الإفريقية؛ "فالمعروف أن إفريقيا غنية بمعادن الذهب والماس والبلاتين واليورانيوم والكروم وغيرها".

ويشدد على أن الرفض الإفريقي يأتي نتيجة للقيم والمبادئ التي طالما ناضلت من أجلها الشعوب الإفريقية المناهضة للاستعمار، ومنح الشعوب حق تقرير مصيرها.

ويقول "عبد الحميد" إن إفريقيا ترفض كل أشكال الفصل العنصري "الأبارتايد" والتي تعتبر مسائل جوهرية بالنسبة للشعوب و الدول الإفريقية لذلك فإن الطلب المقدم من طرف إسرائيل يتعارض مع هذه الصفات و المبادئ.