الساعة 00:00 م
الأربعاء 24 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

104 أعوام على "وعد بلفور"..جريمة متكاملة ومساعٍ لتغيير الرواية التاريخية

حجم الخط
GettyImages-869343698.jpg
خالد أبو الروس-وكالة سند للأنباء

يصادف اليوم الثلاثاء، الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر، الذكرى الـ104 لصدور "وعد بلفور" المشؤوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين.

"إعلان بلفور" هو بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.

وتتزامن هذه الذكرى في وقت تزداد الهجمة الاستيطانية ضد الشعب الفلسطيني، دون اكتراث للقوانين الدولية ونداءات الدول التي تحذر من استمرار هذه المخططات وأثرها على خيار حل الدولتين.

ورغم مرور 104 سنوات على هذا الوعد إلا أن إسرائيل تسعى من خلال نفوذها وتحالفاتها مع دول غربية إلى تغيير الرواية التاريخية لتجعل منها دولة طبيعية في فلسطين.

أهداف أمريكا وأوروبا

يقول رئيس مركز دراسات اللاجئين الفلسطينيين كمال الكحلوت، إن الهدف الأمريكي والأوروبي من إصدار وعد بلفور، هو إقامة كيان يهودي في فلسطين؛ بهدف السيطرة على مقدرات المنطقة دون الأخذ بالاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني.

ويضيف "الكحلوت" في حديثه مع مراسل "وكالة سند للأنباء"، أن الحجج الدينية والوعود التوراتية التي سوقها اليهود لم تثبت علميًا أحقيتهم بهذه الأرض وكانت عبارة عن "وعود باطلة".

ويشدد على أن الأنظمة الغربية أرادت إقامة وطن قومي لليهود بفلسطين؛ بهدف إبقاء المنطقة تحت سيطرة الاستعمار الغربي؛ لمنع نهوض الأمة العربية والإسلامية وعودتها لتبوؤ مكانتها في النظام العالمي الذي فقدته مع هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1914-1918).

ويشير إلى أنه مع بداية تفكك الامبراطوريات الأوروبية واندلاع الصراعات الدموية التي دارت داخل أوروبا في العصور الوسطى، تشَّكلت في هذه الحقبة ما يسمى بمفهوم "الدولة الوطنية".

ويبين أنه في هذه المدة ظهرت حركات ذات طابع عنصري عرقي ديني في أوروبا، تتعامل مع اليهود كعرق ودين مخالف للمجموع الغربي في المجتمع الأوروبي.

ونتج عن ذلك ملاحقات ومطاردات لليهود حيث اتُهموا اتهامات كثيرة، نشأ عنها بعض المذابح ضد أتباع الديانة اليهودية"، وفقًا لـ "الكحلوت".

ويرى "بأن الأنظمة الأوروبية وبدلا من أن تُعطي اليهود حقوقهم الأصلية في مواطنهم الأصلية التي عاشوا فيها خلال مئات السنين قاموا بترحيل المشكلة عبر إيذاء وطرد شعب آخر".

ويوضح "الكحلوت" أن الترحيل الأوروبي هذه المشكلة دفع ثمنها الشعب الفلسطيني، رغم أنه لم يتورط في صراع مع اليهود قبل نشوء وعد بلفور المشؤوم.

وأتى الوعد على شكل تصريح موجه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر جيمس بلفور في حكومة ديفيد لويد جورج في الثاني من تشرين الثاني عام 1917، إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية.

وجاء ذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى، واستطاع من خلالها اليهود إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.

السياقات التاريخية

كانت فلسطين تعتبر جزءًا أصيلًا من الدولة العثمانية التي كانت بمثابة القطب الأوحد قبل هزيمتها الحرب العالمية الأولى، كما كانت تعتبر دولة عابرة للإثنيات والقوميات المختلفة.

في هذا السياق، يوضح "الكلحوت" أن الشعب الفلسطيني وكغيره من شعوب التي كانت تعيش تحت وصاية الدولة العثمانية بدأ يتحسس هويته الوطنية ويحاول تكوين كينوته السياسية.

"وبينما كان يبحث الشعب الفلسطيني عن مستقبله عاجله المستعمر الأجنبي بوعد بلفور المشؤوم، حيث كان هذا الوعد هو تكفير عن جرائم اليهود التي ارتكبها الأوربيين تجاههم"، بحسب ما تحدث به "الكحلوت".

ولفت إلى أن الغرب سعى من وراء هذا المخطط تكريس وجوده في المنطقة خدمًة لمصالحه الاستعمارية.

ومن وجهة نظره فإن هجرة اليهود إلى فلسطين كانت تكرار لصراعات الحروب الصليبية في العصور الوسطى؛ للسيطرة على الشرق مستعينًا بمقولة مؤرخ يهودي مضمونها بأن "إسرائيل ليست دولة يهودية ولكن هي دولة صليبية بديانة يهودية"

وحول الرواية التي تقول أن الشعب اليهودي تسبب بمشكلات في أوروبا دفعت الحكومات الغربية لحلها من خلال إقامة وطن قومي لليهود بفلسطين يقول "الكحلوت": "هذا شأن أوروبي خالص".

ويضيف: "الشعب الفلسطيني ليس له علاقة بالصراعات الإثنية الداخلية في أوروبا (..) فهل من المنطقي أن يتحمل شعب نتيجة هذه المشكلات ويدفع ثمنها؟"

ويؤكد أنه لا يجوز أن يتحمل الشعب الفلسطيني نتائج هذه الصراعات، على حساب أرضه وأبنائه ومقدراته بالنيابة عن أوروبا.

التوحد خلف حق العودة

ويدعو "الكحلوت" الشعب الفلسطيني؛ لضرورة التوحد خلف خيار حق العودة وعدم التنازل عنه وتحقيق الوحدة الوطنية من أجل تصليب الموقف الفلسطيني وصولًا إلى حق العودة.

ويشدد على أهمية عدم التنازل بأي درجة عن حقوق الشعب الفلسطيني تحت أي ضغوطات أمريكية أو أوروبية، مشيرًا إلى الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة مؤخرًا للقبول بـ "اتفاق الإطار".

وينبه إلى وجود اتفاقية تعمل أوروبا في الوقت الحاضر على توقيعها مع "أونروا"؛ من أجل مساومة الشعب الفلسطيني على قبول بعض الشروط من أهمها وأخطرها تغيير الرواية الفلسطينية والقبول بالرواية الإسرائيلية المتعلقة بالنكبة الفلسطينية.

ويرى "الكحلوت" بأن الهدف من هذه الاتفاقيات هي تحويل إسرائيل إلى جسم طبيعي ومقبول على الأرض الفلسطينية، مشددًا على ضرورة مواجهة هذا المخطط؛ لأن له تداعيات خطيرة وكارثية على الشعب الفلسطيني.

مخالفة للقوانين الدولية

مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي يوضح أن دولة الاحتلال تعتقد أن شرعية وجودها يستند إلى وعد بلفور والانتداب البريطاني على فلسطين، "وهذا لا يوجد له أي وجهة قانونية".

وأوضح لـ "وكالة سند للأنباء" أن الانتداب أهدى فلسطين إلى العصابات الصهيونية؛ ليخالف القوانين الدولية وحق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره، و"ما بني على باطل فهو باطل".

ويؤكد "هويدي" أنه لو أن المجتمع الدولي لم يعترف باحتلال فلسطين عام 1948، على مساحة 78% لما تجرأ على احتلال الجزء الثاني عام 1967.

ويقول: "لابد من تغيير منهجية الكيل بمكيالين التي تمارسها الأمم المتحدة والخضوع لنفوذ القوى السياسية في العالم، وهذا يتطلب مراجعات علمية ومنهجية لرؤية الشعوب للمؤسسة الدولية في ظل موازين القوى ورجاحة النفوذ والهيمنة على الحق".

ويشدد على أن هذا الوعد باطل وسيسقط عاجلًا أم آجلًا "وهو ليس الوحيد ضد قضيتنا الفلسطينية، نحن لنا حق من رأس الناقورة إلى أم الرشراش وهذا الحق لا يسقط بالتقادم الزمني".

خطأ استراتيجي ونتائج كارثية

ويُضيف "هويدي" أن "الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه المجتمع الدولي بالاعتراف بالوعد بلفور كانت له نتائج كارثية للشعب الفلسطيني.

ويُردف: "هذا وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وهذا الخطأ لا يزال مستمرًا إلى اليوم بعد 104 سنوات فيما لا زالت تداعياته حاضرة حتى الآن".

ويشير "هويدي" إلى وجود أكثر من 8 مليون لاجئ في أماكن اللجوء والشتات وسرقة مساحة فلسطين التاريخية من الاحتلال وتدمير ما يقارب 531 قرية بالإضافة إلى احتلال القدس والمسجد الأقصى المبارك.

ويحذر من استمرار التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، حيث "ما يزال هذا التوسع آخذ بالتفاقم".

تدارك الخطأ الاستراتيجي

ويعتقد أنه إذا لم تتدارك الأمم المتحدة هذا "الخطأ الاستراتيجي" وتقر بذلك وتمهد لشطبه وإلغائه عن الساحة السياسية، فهذا يعني استمرار الاحتلال في تغوله بالأراضي الفلسطينية دون رادع أو عقاب.

ويؤكد على ضرورة أن تصوب الأمم المتحدة هذا القرار وإلغاؤه؛ لأن ذلك يُمهد إلى توفير البيئة والأمان والسلام العالمي.

ويقول "هويدي": "لو قامت الأمم المتحدة بالتراجع عن قرارها فهي خطوة مهمة لتنقية المجتمع الدولي من الشوائب والاستغلال السياسي للقانون ودوره المقيت في تشويه صورة الحقائق وتزييفها".

ويشدد على أنه من اللازم عدم نسيان حقيقة أنه عندما تم إطلاق وعد بلفور في 1917م كانت بريطانيا تحمل صفة دولة محتلة لفلسطين.

ويوضح "هويدي" أن الخطأ الذي وقعت فيه الدول أنها كانت تُعدُّ تشريعاتها ومقررات عصبة الأمم على أساس أن يكون وعد بلفور ضمن هذه التشريعات حتى يحدث هناك "قوننة لهذا القانون".

"ولكن وفقًا للقانون الدولي لا يحق لبريطانيا كدولة محتلة أن تعطي أو أن تعد بإعطاء الدولة التي تحتلها لغرباء جاؤوا من مختلف أقطار المعمورة" وفق ما أورده "هويدي".

ويُكمل: "هذا لم يكن ليحصل لولا وجود ضغط ونفوذ سياسي مارسه لورد لوتشرد أحد أثرياء الجالية اليهودية في بريطانيا وقادة سياسيين إسرائيليين مثل حاييم وايزمن الذي قدم خدمات لبريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى".