تضجّ أسواق مدن الضفة الغربية، بحركةٍ تجارية نشطة وازدحام ملحوظ في يوم السبت من كل أسبوع، سببها وفود الفلسطينيين من مدن الداخل المحتل إليها للتسوق، ما يُنشط الاقتصاد الفلسطيني، فكيف ينظر المختصون إلى هذا النوع من الحركة؟
يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح نائل موسى، إن زيارة فلسطينيي الداخل إلى مدن شمال الضفة، سلاح ذو حدين، فالأول يتواصل أهالي الداخل مع سكان الضفة، في مشهدٍ يوصف الشعب الواحد بذات الهموم السياسية والاجتماعية.
أما الثاني يُضيف "موسى" لـ "وكالة سند للأنباء" أن "معدل إنفاق المركبة الواحدة يفوق ألف شيقل، وهذا يرفع قوة اقتصادنا، لكنّ في المقابل تشكل قوة ضغط على الأسعار كون المتسوق من الداخل مستوى دخله مرتفع".
ويسجل معدل خط الفقر في الداخل ستة آلاف شيقل، ويمثل أكثر من ثلاثة أضعاف مؤشر الفقر في الضفة التي بلغ فيها المعدل 1850 شيقل، وفق "موسى".
65% من اقتصاد جنين..
الناطق باسم غرفة تجارة وصناعة جنين محمد كميل، يؤكد أن 65% من أسواق مدينة جنين تعتمد على تسوق فلسطينيي الداخل.
وأردف "كميل" لـ "وكالة سند للأنباء" أن الفرد في الداخل ينفق زهاء 100 دولار، في الزيارة الواحدة لأسواق الضفة، وفق معطيات دولية وإسرائيلية وفلسطينية رسمية.
ويتركز حضور فلسطيني الداخل أثناء زيارتهم لجنين في الأماكن السياحية، الممثلة بالمطاعم والمتنزهات، فيما تسجل الإحصائيات عبور سبعة آلاف مركبة من الداخل لجنين عدا عن الحافلات، تبعًا لـ "كميل".
خسارة ملياري شيقل
ويُشير إلى أن خسائر مدينة جنين جراء جائحة كورونا وإغلاق الحواجز في وجه فلسطينيي الداخل نحو المدينة، تجاوزت الـ 2 مليار شيقل.
لكن بعد إعادة فتح حاجز الجلمة من قبل سلطات الاحتلال، انتعشت مجددًا القطاعات الاقتصادية والزراعية والسياحية والمطاعم بالمدينة، ما أدى لارتفاع مؤشر القدرة الشرائية بشكل تراكمي، بحسب "كميل".
ويتحدث الكاتب سري سمور، عن نقلة نوعية في تحسين أداء السوق بعد تجديد فتح حاحز الجملة، مردفًا: "القطاعات التي أرهقتها جائحة كورونا والإغلاق، تأثرت إيجابيًا بعد فتح الحواجز على المحافظة".
إنفاق دون حساب..
يصف عضو مجلس إدارة غرفة تجارة نابلس ياسين دويكات، زيارات أهالي الداخل لأسواق نابلس بـ "إنفاق دون حساب" قائلًا: "إن زيارتهم للأسواق تعني ارتفاع في السيولة النقدية وزيادة الاستهلاك التي تُحرك عجلات الاقتصاد خاصة يومي السبت والأحد".
وأردف "دويكات" لـ "وكالة سند للأنباء" الاقتصاد في نابلس يعتمد على زيارات فلسطينيي الداخل بنسبة متفاوتة تتراوح بين 30 - 40٪ كمساهمة في رفع نسبة المبيعات.
ويُوضح أن تعدد الأصناف وجودتها في السوق النابلسي وتميزه بالموقع والحلويات الشهيرة وبلدتها القديمة والأسعار المناسبة والخدمات المنافسة، ساهم كثيرًا في استقطاب المتسوقين.
"لولاهم على اقتصاد طولكرم"
أما الإعلامي معين شديد من طولكرم، حين سألناه عن حراك فلسطينيي الداخل في سوق طولكرم رد: "لولاهم لكان وضعنا الاقتصادي سيء للغاية".
ويُقول "شديد" لـ "وكالة سند للأنباء" إن هذه الزيارات يُمكن وصفها بـ "شريان الحياة" لاقتصاد طولكرم".
ووفقًا لـ "ضيف سند" فإن عدد من الزوار انتقلوا بأعمالهم التجارية من الداخل المحتل إلى أسواق طولكرم كالمطاعم والمؤسسات التجارية، ما شكّل رافعة اقتصادية مؤثرة في السوق المحلي.
ونبّه أن مطاعم المدينة تعتمد على فلسطينيي الداخل بنسبة 90% من قدرتها؛ فيما يُنظم رجال أعمال والغرفة التجارية حملات توفير وسائل مواصلات من الشمال المحتل لأسواق طولكرم تمتد حتى ساعات منتصف الليل.
الحال ذاته في مدينة قلقيلية، إذ يقول المدير التنفيذي لحديقة الحيوانات في المدينة عيسى صبري: "زيارات أهل الداخل خاصة يوم السبت، ساهم في رفع مداخيل الحديقة".
وتابع "صبري" لـ "وكالة سند للأنباء" الإقبال المتزايد على الحديقة من قبل الزوار خاصة من فلسطينيي الداخل، رفع من دخلها، ما ساهم في إحداث تطورات كبيرة فيها لجذب الزبائن أكثر.
ويختم حديثه: "هناك ثقافة وطنية من فلسطيني الداخل تؤكد على العلاقة الوطنية بين شطري الوطن في الضفة والداخل، وأن التواصل تعبير عن أصالة الفلسطيني أينما كان".