تسلك الشاحنة الصغيرة دربها بصعوبة بين الطرق الضيقة لتتوقف أمام حديقة أُعد ركن فيها لنشاط القراءة الذي تنظمه جمعية "أرماء" المقدسية.
تُفتح أبواب الشاحنة أبوابها من الجهتين وترفع وفاء مظلاتها الجانبية لتكشف عن رفوفٍ تحمل كتباً وقصصاً، فيتسابق الأطفال والكبار لاختيار كتاب سيكون رفيقهم لساعات، وها هي إحدى الفتيات تتلقف قصة ليلى والذئب الشهيرة.
توزّع منسقة المكتبة المتنقلة بالجمعية ورفيقاتها المتطوعات، القصص على الأطفال، ثم تجلس معهم تحت مظلة الشاحنة لتقصّ عليهم حكاية جديدة.
مشروع تربوي
تقول مديرة المشروع وفاء عصفور لـ"وكالة سند للأنباء"، "أرماء جمع رمين وهي السحابة الكثيفة المليئة بالمطر، وشاحنتنا هي سحابة في سماء القدس تحمل الخير لبلادنا".
وتتابع" قمنا بصنع كرفان مجرور بتصميم خاص، يفتح من الجانبين ليتمكن الطالب والعائلات من اختيار كتبهم بسهولة ودون الحاجة للدخول داخله، وأضفنا لتصميمه توليد كهرباء من الطاقة الشمسية لنتمكن من استخدام الأجهزة التي تحتاج إلى كهرباء من مصادر محافظة على البيئة".
وتضيف" أضفنا للمكتبة المتنقلة نظام الإضاءة الليلية لنتمكن من تقديم الأنشطة في الليل للعائلات، وخصصنا مساحة داخلية داخل المكتبة لتنفيذ الأنشطة التي تحتاج إلى تركيز ووضعنا الرسومات الجاذبة عليها".
ويشرف فريق كامل على المكتبة ويتنقل مع المكتبة بين عدد من الحدائق والمدارس المقدسية، لتكون المكتبة الوحيدة المتنقلة في المدينة.
وتبين ضيفة "سند" أن اختيار القصص والكتب المميزة المناسبة لجميع الفئات العمرية يتم بالتعاون مع إحدى دور النشر وتشمل مضامين الكتب العديد من المواضيع المهمة.
فتقول "وضعنا 10 أنواع من الأنشطة المتعلقة بتنمية القراءة، الكتابة والتفكير الإبداعي ليتم تطبيقها في المدارس والأنشطة المجتمعية، ونسعى لتوسيع الأنشطة لتشمل حملات تبرع كتب وتبادل كتب في الأنشطة المجتمعية".
طرق جذابة
ويقوم طلبة المدارس التي تزورها الحافلة باختيار الكتب، ثم يقومون بمطالعتها في "منطقة القراءة" التابعة للحافلة، خلال فترة زمنية تحدد بحسب عدد فصول المدرسة المختارة.
وتشير "عصفور" "إلى أن المكتبة بطريقتها الجذابة تزرع القيم بالطفل فيعرف قيمته وأنه يقدر أن ينجح، فمن لا يقرأ ينسى حقوقه وقوّته".
وتتابع "إن الجلسات داخل الشاحنة الصغيرة تركز على الأطفال ممن يعانون من مشكلة معينة ويحتاجون لظروف خاصة بهم، إضافة لأنشطة ترفيهية خاصة بهم".
صعوبات وعقبات
وتؤكد "عصفور" خلال حديثها لـ"وكالة سند للأنباء"، أن الصعوبات التي واجهت المشروع كانت بصعوبة إيجاد ممول للمشروع، كون أن الجمعية لم يمض على تأسيسها سوى 8 سنوات.
وتضيف "كانت فترة كورونا من أصعب المراحل التي مر بها المشروع حيث تزامنت جائحة "كورونا" مع بداية انطلاق المشروع، ما أدى لتأجيله لبرهة من الزمان، لحين ما سمحت الظروف بذلك".
تجربة رائعة
وتشير مديرة المشروع إلى وجود إقبال غير مسبوق من قبل طلاب المدارس للمشاركة في الأنشطة، واستحسان العائلات لوجود مكتبة متنقلة في الأماكن العامة، إلى جانب وورش عمل مختلفة ضمن البرنامج المجتمعي.
وتتابع "سيتم توفير لاحقاً محطات لتبادل الكتب ولقراءتها ولاحظنا استحسان العديد من الممولين للمشروع بعد وجوده على أرض الواقع".
وتأمل مديرة المشروع أن يتم دعم هذا المشروع ليستمر، حيث إن خدماته تقدم بالمجان في المدارس أو خلال الأنشطة المجتمعية راجيةً أن يكون هناك توجه لمساندة هذا المشروع مجتمعيا.
وتخطط "عصفور" لزيادة عدد المكتبات المتنقلة لتصبح أربعا إضافة إلى إنشاء مكتبة مركزية ثابتة تتبع للجمعية، وتوقيع قصص وروايات إضافة لتفعيل مجموعة عامة على الفيس بوك تابعة للمكتبة ليتم وضع معلومات الكتب عليها وأنشطتها، وسيُعلن عن مكان المكتبة في الأماكن العامة وضمن الأنشطة المجتمعية على صفحة المدرسة المتنقلة.