الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

عمالة المستوطنات.. لقمة مسمومة تخطف أرواح الأطفال

حجم الخط
أطفال.jpg.crdownload
نابلس - وكالة سند للأنباء

محاولات يفرضها الواقع الفلسطيني لمواجهة تقلبات الحياة، وفرص تأتي واضعةً وارديها على المحك؛ لانتزاع لقمة العيش، كَمَن ينتزع قطعة اللحم مِن فمِ الأسد، لا يدري إلى أين سينتهي به المطاف.

لكن لقمة "مسمومةً" هذه المرة، أوْدَت بحياة 9 فتية بعمر الورود، قرب قرية فصايل شمال أريحا، لتخسرهم بلدة "عقربا" بلمح البصر، في السادس من يناير/كانون الثاني، في طريق عودتهم من العمل بمزارع المستوطنات الإسرائيلية في الأغوار.

لم يكن هؤلاء الأطفال الوحيدين الذين يعملون في المستوطنات بالأغوار، فهناك قرابة 18 ألف طفل يعملون في المستوطنات، حسب تقديرات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.

تزداد عمالة الأطفال في فترات العطل المدرسية، إذ تلتحق أعداد إضافية من الأطفال بسوق العمل في المستوطنات؛ لتحقيق دخل يعين أسرهم في مواجهة متطلبات الحياة.

وتحظى بلدة عقربا وغيرها من البلدات الشفا غورية بنصيب الأسد من عمالة الأطفال في المستوطنات؛ بسبب قربها الجغرافي.

"درس صعب"

"دفعنا فاتورة ثقيلة ومؤلمة" هذا ما قاله رئيس بلدية عقربا صلاح الدين خليل لـ "وكالة سند للأنباء"، معتبراً أن الحادث بمثابة درس بطريقة صعبة، لن يكون ما بعده مثل ما قبله.

ويؤكد "خليل" أنه سيكون هناك نقاش مجتمعي واسع لوضع حد لظاهرة عمالة الأطفال بالمستوطنات التي دقت ناقوس الخطر، والاهتمام أكثر بالتعليم.

ويدعو رئيس البلدية الأهالي للاستثمار الحقيقي في مستقبل أبنائهم، الذي لا يكون بالعمل في المستوطنات، وإنما في التعليم.

"واد الموت"

وهذا ليس الحادث الأول من نوعه في مستوطنات الأغوار التي أصبحت "واد الموت" خاصة للعمال الأطفال، ما يضع مسؤولية كبرى على الجهات الرسمية وغير الرسمية لإنهاء هذه الظاهرة.

يشير "خليل" إلى التناقض الإسرائيلي في التعاطي مع العمال، ففي الوقت الذي لا يمكن لعامل إسرائيلي العمل دون السن القانوني، يتم اجتذاب أطفال فلسطينيين للعمل في المستوطنات.

ويعتبر أن الاحتلال سببٌ مباشرٌ في هذا الحادث من خلال سياساته بالتضييق على المواطن الفلسطيني، ودفعه للعمل بالمستوطنات التي أقيمت غصباً على الأرض الفلسطينية.

ويتابع، " الاحتلال يقتل الفلسطيني بطرق مختلفة، وهذه إحدى الأشكال، إما أن يُقتل برصاص الاحتلال أو المستوطنين، أو التضييق على لقمة عيشه لدفعه للعمل في المستوطنات".

"عمالة غير قانونية"

ويسلط هذا الحادث الضوء مجددًا على عمالة الأطفال في المستوطنات، والتي ازدادت في الآونة الأخيرة بشكل مقلق وظاهر للعيان.

يذكر الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد لـ "وكالة سند للأنباء" أن عمالة الأطفال جريمة ترتكبها إسرائيل، يجب أن تعاقب عليها.

وينوه ضيفنا للتحذير المستمر من عمالة الأطفال في المستوطنات لما تشكله من خطورة كبيرة.

وتشير المعلومات إلى أن سوق عمالة الأطفال بات مغريًا لسماسرة العمال الذين يجتهدون في توفير الأطفال للعمل بظروف قاسية، من حيث ساعات العمل وانعدام شروط الصحة والسلامة.

ويستطرد ضيفنا بقوله إن السماسرة يتقاضون عن كل عامل أجرًا يوميا بمعدل 250 شيكلاً، يعطون العامل منه 70-90 شيكلاً فقط، بلا أي حقوق عمالية أخرى.

ويعمل أغلب الأطفال في الزراعة، كقطف التمور وجني المحاصيل المختلفة وإطعام الحيوانات، بالإضافة إلى مجال الخدمات كالتنظيف.

ويذكر "سعد" أن أماكن العمل في المستوطنات غير خاضعة للرقابة الحكومية الإسرائيلية، ما يتيح استغلال الأطفال بشكل مخالف للقانون.

وتقع أسبوعيًا حوادث عمل وإصابات وعمليات نصب بحق هؤلاء الأطفال، بحسب ما أوضح "سعد".

"خارج المتابعة الفلسطينية"

ولا تتابع وزارة العمل الفلسطينية عمالة المستوطنات الإسرائيلية كونها غير شرعية بالأساس.

ويقول الناطق باسم وزارة العمل رامي مهداوي لـ "وكالة سند للأنباء" إن عمالة الأطفال بالمستوطنات تمثل جريمتين؛ العمل في المستوطنات غير الشرعية، وتهريب الأطفال للعمل من خلال السماسرة.

وخلال جائحة كورونا، يوضح "مهداوي" أنه تم تجريم عمل السماسرة وملاحقتهم من الأجهزة الأمنية.

ويمنع القانون الفلسطيني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة عمالة الأطفال، ويسمح القانون بالعمل بسن 17 ضمن شروط محددة تتواءم مع الأطفال، خاصة في المشاريع العائلية.

ويحمل وزير العمل نصري أبو جيش في تصريح صحفي الاحتلال المسؤولية، كونه يسمح بعمل من هم دون السن القانوني.

ويؤكد "مهدواي" أن الاحتلال يشكل أكبر عائق أمام محاصرة هذه الظاهرة، من خلال السماح بدخول الأطفال لمناطق خاضعة لسيطرته.

ويلفت إلى عدم قيام جهات الاختصاص في إسرائيل، بمراقبة تطبيق قانون العمل الإسرائيلي وشروط الصحة والسلامة المهنية، سواء في مناطق الداخل المحتل أو المستوطنات، وينعكس ذلك بزيادة حالات الوفاة في صفوف العمال الفلسطينيين.

ويشدد ضيف "سند" أن وزارة العمل سترفع رسالة لمنظمة العمل الدولية لتعرية هذا الأمر، وفضح استغلال الأطفال الفلسطينيين بما يتنافى مع حقوقهم الإنسانية.

ويطالب "مهداوي" منظمة العمل الدولية بالوقوف تجاه مسؤولياتها في فلسطين، دون الاكتفاء بإصدار التقارير السنوية، إذ يجب أن تكون هناك عقوبات على قطاع العمل الإسرائيلي.

وعلى حد قوله، تتابع عمالة الأطفال في سوق العمل الفلسطيني، خلال العامين الأخيرين حيث قام مفتشو الوزارة بحملات متعددة في هذا السوق.

وشمل ذلك حملات توعية وإرشاد للعديد من القطاعات، وتحويل عدد من أصحاب المنشآت إلى المحاكم الفلسطينية بسبب ارتكاب مخالفات.

وتم التوجه لبعض الأسر من خلال وزارة التنمية الاجتماعية وشرطة الأحداث؛ لمتابعة العديد من قضايا عمالة الأطفال.