تشكل خربة مكحول، في الأغوار الشمالية محط أطماع لسلطات الاحتلال، حيث تنمو المستوطنات، وتتسارع عمليات التطهير العرقي فيها على حساب البدو والمزارعين البسطاء.
ومنذ أعوام، تتعمد سلطات الاحتلال هدم البركسات والخيم وبيوت الصفيح وطرد الرعاة دون توقف، ومن بينها خربة مكحول، في سياسة ممنهجة لطرد الفلسطينيين من أراضيهم في الأغوار، على مرأى ومسمع المجتمع الدولي.
ويختصر برهان بشارات ابن العقد الخامس من عمره حكاية الخربة التي تمتد في التاريخ والحياة، غير مبالٍ بكل أشكال الملاحقات والتضييق لإجباره وآخرين على الرحيل، قائلاً "أنا عمري أكبر من عمر دولتهم المزيف".
ويعد بشارات واحد من العشرات الذين لا يملون من الثبات والرباط على جبهات المعركة، يقاتل باستماتة وصلابة للبقاء في مواجهات رعاة الأبقار والأغنام من المستوطنين الذين يتبعون كافة السبل لإجبار أهل الخربة على الرحيل، وإلى الأبد دون جدوى.
ويوضح بشارات في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن معسكر "مزوكحيم" الذي يحتضن خربة "مكحول" واحد من أربعة معسكرات وقواعد عسكرية تخنق الخربة، إضافة لمستوطنات حمدات وروعيه وبقعوت.
وسائل استيطان جديدة
وكشف بشارات، عن أحدث وسائل الاستيطان تتمثل في الاستيطان الرعوي، عبر رعي قطعان الأبقار والأغنام، ومنافستنا في المراعي، والتي تصل إلى مطاردة مواشينا بالكلاب المدربة وطائرات التصوير التي تحلق قريباً من الأغنام والتراكتورات الجبلية السريعة بين الأغنام لإجهاض حملها وقتلها.
وانتقل بشارات للعيش في الخربة بجوار العشرات منذ العام ٢٠٠٣بعد سلاسل من الهدم ومصادرة الأغنام والاعتقالات في منطقة الرواق القريبة بين الأعوام ١٩٩٧ -٢٠٠٣.
وتضج ذاكرة بشارات بسلسلة لا تنسى من استهداف الوجود الفلسطيني في الرواق وغيرها، وأبرزها اعتقال قطعان الأغنام والرعاة واحتجازهم في معسكرات ولا يخلى سبيلها، إلا بعد دفع غرامات مالية تلامس ما في الأفلام التلفزيونية .
تكلفة مالية عالية
ويعبر بشارات، بحسرة واضحة عن الكلفة المالية العالية التي تمثل فاتورة الصمود في المنطقة وكلفة الأعلاف والتبن والأدوية أضعاف أضعاف ما سبقها من كلفة سنوية بسبب سيطرة المستوطنين على المراعي.
ويلفت بشارات إلى كلفة المياه لشرب الأغنام، بينما أرضه تصدرها، وتعبر خطوط المياه جواره ولا يقدر على شربة ما منها، "إنهم يسرقون كل شيء من خيرات الأرض".
وباتت أسماع واستقرار عائلة بشارات وعائلات خربة مكحول نهبا لأصوات التدريب العسكري بمختلف أشكاله في الليل والنهار
ويضيف "صوت الرصاص لا ينقطع فلا يهنأ أحدنا بالنوم والأمان، ناهيك عن الاعتقال الفوري بأوضاع صعبة إن اقتربنا أثناء الرعي مسافة ٤٠٠ متر من أي وجود استيطاني أو عسكري ".