الساعة 00:00 م
الجمعة 19 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية..

قطاع المقاولات بغزة يواجه "الإفلاس".. والإعمار مهدد بالتوقف

حجم الخط
الحصار
هداية عصمت حسنين - وكالة سند للأنباء

منذ بدء الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا (24 فبراير/ شباط المنصرم)، يشهد الاقتصاد العالمي تحولات متزايدة، تشمل ارتفاعَ أسعار الغذاء والنفط والغاز، وتأثراً واضحاً في قطاع الحديد والصلب، الأمر الذي ألقى بظلاله على قطاع المقاولات والإنشاءات في فلسطين، إذ بات يواجه شبح "الإفلاس".

وفي هذا التقرير، ترصد "وكالة سند للأنباء" على لسان ضيوفها، الواقع الحالي لقطاع المقاولات والإنشاءات الفلسطينية خاصةً بقطاع غزة، وما يعانيه، وتداعيات ذلك على إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل في عداونها الأخير (مايو/ أيار 2021).

تأثيرٌ صارخٌ

يصف نقيب المقاولين بقطاع غزة علاء الأعرج، الانعكاسات التي تواجه المقاولات والإنشاءات الفلسطينية إثر العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا بـ "التأثير الصارخ"، نتيجة الارتفاع "غير المسبوق" بأسعار الحديد ومواد البناء المختلفة.

وارتفعت أسعار الحديد بغزة لأكثر من 36%، بينما ارتفع سعر خلطة الأسفلت "البيتومين" لأكثر من 60%، والألمنيوم بنسبة 40%، والنحاس 35%، وغيرها من المعادن ومواد البناء، ما يجعل قطاع الإنشاءات الأكثر تضرراً من ارتفاع هذه الأسعار، وفقاً لـ "الأعرج".

ويؤكد النقيب لـ "وكالة سند للأنباء" أن هذه ليست المرة الأولى التي يشهد فيها قطاع المقاولات ارتفاعاً بالأسعار، فمؤخراً نتيجة التداعيات العالمية لجائحة "كورونا" ارتفعت أجرة النقل البحري بـ "شكلٍ جنوني"، لتصل لأكثر من خمسة أضعاف.

وسابقًا، كانت أجرة النقل البحري لشحن مواد البناء القادم لغزة تبلغ 2000 دولار، لكنها تصل الآن لـ 17400 دولار، ما جعل أجرة النقل أكثر حتى من أسعار بعض مواد البناء الواردة أساساً، تبعًا لـ "الأعرج".

وضع كارثي

وبالحديث عن حال المشاريع الإنشائية ووضع المقاولين، يقول إن "توقف المشاريع لارتفاع الأسعار المهول، أو قد تُستكمل حالياً لكن دون تعويض المقاولين، وبالتالي فإن الوضع "كارثيٌ" بكلتا الحالتين، مشيراً إلى أن المشاريع ربما ستكون في طريقها للتوقف".

ويوضح أن المشهد ينذر بـ "شلل كامل" في ظل عدم اتخاذ أي إجراءات على أرض الواقع لتعويض المقاولين عن الخسائر التي يتكبدونها، والمكفولة قانوناً بموجب قانون الشراء العام المعتمد من مجلس الوزراء الفلسطيني، والذي ينص على أن أي ارتفاع أو انخفاض أسعار المواد بنسبة تزيد على 3% فإن الطرف يستحق التعويض.

ويردف "الأعرج" أن قطاع الإنشاءات والمقاولات كان يشغل في الوضع الطبيعي أكثر من 22% من القوى العاملة، ويساهم بـ 30% من الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين، ما يعني أن انهياره وشلله ينذر بـ "كارثة حقيقية" ويساهم بزيادة البطالة في صفوف القوى العاملة.

من ناحيته، يؤكد وكيل وزارة الأشغال ناجي سرحان لـ "وكالة سند للأنباء" أن "واقع المقاولات المتضرر، سيؤثر بلا شك على إعمار غزة"، قائلًا إن هناك لجنة مشتركة تعمل حاليًا لاحتواء ومتابعة هذا الأمر.

ويوضح "سرحان" أن الوزارة تعمل مع الجهات الراعية للإعمار كاللجنة القطرية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، لتفادي الأزمة بطريقة تضمن عدم تأثر المواطن، إذ سيتقاضى سعراً من الداعمين يوازي إعمار بيته بالوضع الحالي، بغض النظر عن حالة الارتفاع التي تشهدها أسعار الحديد ومواد البناء هذه الأيام.

بطء عجلة الإعمار

ويتحدث "ضيف سند" عن أن "عجلة الإعمار تسير ببطء" مضيفًا: "لنا ما يزيد على 10 أشهر بعد انتهاء العدوان، وكنا نأمل أن نبدأ  إعمار البيوت المهدمة قبل نصف هذه المدة، لكن هناك معيقات فرضت تأخر العملية".

وفي سؤالنا ما أبرز هذه المعيقات؟ يرد: "تتمثل بـتأخر وصول الأموال، وشروط المانحين، عدا عن التضييقات التي تفرضها سلطات الاحتلال على دخول مواد البناء للقطاع"، علمًا أن هذه مواد لا تعبر غزة إلا من خلال معبر كرم أبو سالم الذي تتحكم به إسرائيل.

وبشأن ما تم تحقيقه من عملية الإعمار، يفيد "سرحان" ببناء 117 وحدة سكنية من الأموال القطرية، من أصل 17000 وحدة سكنية دمرت كاملاً خلال العدوان واصفًا ذلك بـ "رقم متواضع".

ويستطرد: "في ضوء ما سبق يعني أن ما أُنجِزَ لم يمثل سوى 5% من الإعمار، فيما بدأت مصر بدأت بإنشاء الكورنيش"، موضحاً أنه بذلك لم يبدأ الإعمار الحقيقي بالفعل.

ويذكر "سرحان" أن التقديرات المالية لإعادة الإعمار تفوق الـ 400 مليون دولار نتيجة الخسائر المباشرة للعدوان الأخير، علماً أن التقديرات لما يحتاجه القطاع الآن لمعالجة الخسائر المتعلقة بالعدوان الأخير وما سبقه على غزة تبلغ 600 مليون دولار.

وأما حول الأموال الخارجية التي خُصصت للإعمار، يورد "سرحان" أن من تعهد بالإعمار هي مصر وقطر، وكل واحدة منهما تكفلت بـ 500 مليون دولار، لافتًا إلى أن الأموال الأخرى التي وصلت من جهات مختلفة لا يمكن اعتبارها أموال إعمار أمام تقديرات الخسائر السابق ذكرها.

وفيما يخص استكمال الإعمار بعد دخول "أونروا" وبعض المؤسسات التي وصلتها أموال للإعمار، يتوقع في ضوء ذلك بأنه تُستكمل العملية مطلع أبريل/ نيسان القادم، آملاً أن تكون سريعة، وألَّا تتأخر فتتأثر أكثر وتتوقف في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي وازدياده سوءاً.

تأزمٌ متوقع

وفي ظل أزمة الواقع الإنشائي الفلسطيني الحالي، يرجح الخبير الاقتصادي ماهر الطباع في حديث مع "وكالة سند للأنباء" أن تتوقف الكثير من المشاريع بما فيها المتعلقة بإعادة الإعمار.

ويُرجِع "الطباع" هذا التوقف؛ لضعف القدرة والقوة الشرائية بل انعدامها أحياناً في قطاع غزة، في ظل الارتفاع الكبير بأسعار الحديد ومواد البناء، ما سيؤثر بدوره على المواطن الذي ينتظر إعمار بيته بلهف لكن الواقع يلوح بـ "أزمة أصعب متوقعة".

ضبابية اقتصادية

ويلفت "الطباع" إلى أن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية الراهنة على الوضع الاقتصادي لا يمكن أن تنتهي آثارها بهذه السهولة، حتى وفي حال توقفت العملية العسكرية، مبينًا أن هذه الأزمة "زادت الطين بِلة" ولا يمكن أن يتعافى الاقتصاد بسهولة، وهو لم يتعافَ بعد من أثر الأزمة السابقة إثر جائحة كورونا.

وتُشير التقديرات الاقتصادية _بحسب الطباع_ إلى أنه بعد أشهر من انتهاء العملية العسكرية، ربما تبدأ الانعكاسات تتحسن تدريجياً وببطءٍ ملحوظ بالعالم أجمع، وفي الأراضي الفلسطينية كجزءٍ منه.

ويختم حديثه: "نحن نتحدث عن روسيا وأوكرانيا، وهما من أكثر الدول إنتاجاً للقمح والزيوت وللبترول بالعالم، إضافة للمعادن والحديد الصلب وغيرها، وبهذا الثقل الاقتصادي لهما من الطبيعي أن يكون هناك تأثيرٌ بهذا الحجم إثر هذه الأزمة".