الساعة 00:00 م
الجمعة 19 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.72 جنيه إسترليني
5.35 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.79 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قلقيلية.. المدينة الساكنة في قلب جدار الفصل العنصري

حجم الخط
جدار الفصل
نواف العامر- وكالة سند للأنباء

كالسوار يحيط بالمعصم، يلتف جدار الفصل العنصري حول مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، ليخنق الحياة بكل تفاصيلها، ويفصلها بشكل كامل عن الداخل الفلسطيني المحتل من ثلاث جهات، بينما تطبق مستوطنة تسوفيم ومعسكر لجيش الاحتلال على بوابتها الشرقية .

ولطالما كانت مدينة قلقيلية مهدًا لعمليات المقاومة والمقاومين وممرًا للفدائيين، ما جعلها هدفًا للانتقام والثأر، إلى جانب ما تتميز به نظرًا لموقعها الجغرافي الذي تبوأته قديما وحديثا، وقربها من الساحل الفلسطيني والداخل، إضافة لخصوبة أرضها وغزارة الآبار والمياه في جنباتها .

ومع بدايات عام 2002، وعقب جلسة عاصفة للحكومة الإسرائيلية في عهد أرئيل شارون رئيس الحكومة آنذاك، شرع ببناء جدار العزل العنصري حول المدينة، وبات يخنق زهاء 60 ألفًا على مدار الساعة، بحسب محافظ قلقيلية رافع رواجبة.

ويقول "رواجبة" لـ "وكالة سند للأنباء" إن مساحة أراضي المحافظة تصل لـ 36 ألف دونم، نصيب المدينة منها ثمانية آلاف دونم، وقد نالت نصيب الأسد من الخنق البيئي بفعل جدار الفصل العنصري، الذي وقع كالصاعقة على مجمل الحياة ومحاورها الاجتماعية والسياسة والاقتصادية والنفسية .

ويحيط الجدار بالمحافظة بطول 54 كم، مدمرًا بفعل مساره خمسة آلاف دونم من الأراضي الخصبة، وفق "رواجبة".

ويردف: "ليس الجدار وحده من يحول الحياة لجحيم، فالمستوطنات والبؤر والمناطق الصناعية والمعسكرات التي بلغ عددها 26، حوّلت تجمعات عرب الرماضين الشمالي والجنوبي، وعرب أبو فردة والخولي لتجمعات معزولة مخنوقة خلف الجدار".

قلقيلية.jpg
 

ومؤخرًا، يتحدث المحافظ، عن البدء بالمرحلة الثانية من إقامة الشارع الالتفافي الرئيس حول قلقيلية لخنقها أكثر، مضيفًا أن "الشارع يبدأ من منطقة عزون حتى بلدة جيت بعد اكتمال المرحلة الأولى، وبعزل قرية النبي إلياس حتى عزبة الطبيب قرب قلقيلية".

ويرى اللواء "رواجبة" أن الخطورة تكمن في المرحلة الثالثة المستهدفة لمنطقة المشاتل في قلقيلية، بمخططات يصل فيها عرض الشارع الالتفافي إلى 300 متر، وتستهدف فيه 14 مشتلا، يعمل فيها قرابة 600 عامل وموظف .

وحسب دراسة نفذتها مديرة مركز عصفور فلسطين الثقافي زهرة خدرج، فقد نهب الجدار 220 كم من أراضي الضفة، حوالي 13% منها مسّت حياة 180 تجمعًا فلسطينيًا، وعزلت أهم الآبار الارتوازية .

وفيما يتعلق بمحافظة قلقيلية أظهرت الدراسة مسار النهب للجدار الذي عزل خلفه 35 ألف دونم من أراضي محافظة قلقيلية و12 بئراً ارتوازية، واقتلع 20 ألف شجرة زيتون، و180 ألف شجرة متنوعة بين الحمضيات والجوافة والحرجيات .

عزل جغرافي واجتماعي

وتعود التسمية قلقيلية وفق الباحث ممدوح بري، للاسم الكنعاني "كليكلة"، وتعني القرية التي تجني رزقها من السهل وتعيش على أطراف الجبل، وكان مركزها صوفين كبلدة عامرة في العهد العثماني.

ويشير الباحث "بري" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" إلى أن الجدار عزل قرى وخِربًا عن التجمعات الزراعية والسكانية التابعة لها، من بساتين وأرياف داخل الجدار غربا، وبالتالي حرمت الناس أرزاقها ومياهها.

وشكّل الجدار والمستوطنات الأربعة الرئيسية "الفيه منشيه، وتشعاري تكفا، وأورانيت، وعيتس أفرايم" عازلا عن امتداد قرى المثلث المجاورة من حيث العمل والمصاهرة والبعد العائلي، وعزلت قرى وادي قانا عن تواصلها مع بلدات السهل الساحلي وفق الباحث.

من جانبه، يقول الباحث عبد العزيز عرار، إن مدينة قلقيلية ببعدها النضالي المقاوم "تعرضت للانتقام من الاحتلال الذي دمّر وفجّر 80% من منازلها عام 1976، ونهب الاحتلال ومستوطنيه مقدرات المدينة وكنوزها التاريخية والشخصية في مجزرة نهب ثأرية لردع المدينة وأهلها" .

ويضيف "عرار" لـ "وكالة سند للأنباء": "اجتهد أهالي المدينة بعد نهب أراضيها السهلية بإعمار المناطق شبه الصخرية وزراعتها، بينما لا زالت المدينة تحتفظ بنتائج الدعوى التي رفعها سعيد صبري في أروقة الأمم المتحدة، وأجبرت الاحتلال على إعادة الأهالي إليها عقب تهجيرهم منها عام 1967م".

وتعرضت قلقيلية في حرب عام 1967 لقصف مدفعي إسرائيلي عنيف، حيث هدم العشرات من منازلها وشرّد أهلها، إلى أن توجّه رئيس بلديتها آنذاك حسين صبري لأخيه الشيخ سعيد صبري الذي اجتمع مع السفير الأمريكي في القدس، وطالبه ببذل الجهود لإعادة أهالي قلقيلية إلى بلدهم، وعادوا إليها بعد أقل من شهر من تاريخ هجرها.

ويختم الباحث "عرار" بالقول: "منذ ذلك الوقت ظلت المدينة شوكة في حلق الاحتلال، وتدفع الفاتورة باستهدافها" .