الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

قوارب غزّة السياحية.. محاولة لإنعاش موسم الصيف

حجم الخط
قوارب سياحية
أحلام عبد الله - وكالة سند للأنباء

مراكب سياحية بألوانٍ وأحجامٍ مختلفة مُزينة بالأعلام الفلسطينية، ترسو بعضها على رمال الشاطئ الصفراء، وأخرى داخل ميناء غزة، تنتظر المصطافين من مختلف محافظات القطاع، الذين يجدون في البحر "المتنفس الوحيد" خاصة بفصل الصيف في ظل ارتفاع درجات الحرارة واستمرار أزمة الكهرباء منذ سنوات.

وبسبب التضييقات والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بحق قطاع الصيد في قطاع غزة والتي أثرت سلبًا على هذه المهنة، اتجه عشرات الصيادين والبحارة، إلى فكرة تحويل مراكب الصيد لقوارب سياحية يجدون فيها مصدرًا للرزق، حيث يصطحبون فيها الزائرين برحلة بحرية على متنها مقابل شواقل معدودة.

وتضم مهنة الصيد 5606 أشخاص، منهم 3606 صيادين، يعانون من ظروف مادية صعبة، ويبلغ متوسط دخل الصياد بغزة 500 شيكل شهريا.

الشاب خضر بكر يلاحق بمركبه قرص الشمس منذ ولادته فجرا، حتى انتهاء رحلته واختفائه خلف الأفق، في يوم جديد على أمل أن يظفر برزق يسد ثغرات احتياجاته.

يقول "خضر" لـ "وكالة سند للأنباء" إنه اختار بفكرة العمل بالقوارب السياحية، الابتعاد عن الخطر في عرض بحر غزة الذي لا يقتصر على الأمواج العاتية، بل تصاحبه زواق الاحتلال التي تراقبهم مثل أسماك القرش التي تتربص بفريستها.

ويُضيف أنه يتملك منذ 18 عامًا  قاربًا سياحيًا يعمل به في فصل الصيف بجانب قارب الصيد، مشيرًا إلى أنه ورث هذه المهنة عن والده.

ويرسو "خضر" يوميًا بمركبه بمحاذاة الشاطئ، ويترقب العائلات والرحلات على أمل أن يظفر بضيف يُقله على متنه؛ ويصطحبه بجولة داخل البحر مقابل مبلغ من المال.

ويورد أنه يُجهز المركب منذ ساعات الصباح بما يحتاجه من معدات ووقود، ويبدأ رحلته بتقديم السترات للركاب، لضمان سلامتهم، ويستمر عمله فيها حتى ساعات المساء.

ويوضح أن القوارب السياحية تشهد إقبالًا متفاوتًا خلال العام، فهو ينشط يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، وفي الأيام المشمسة خلال فصل الشتاء.

ويستطرد: "يبدو شعور الدهشة والفرحة واضحًا على ملامح من يركب القوارب ويجوب البحر، فهم يعتبرون هذه الرحلة بمثابة كسر للروتين وترويح عن النفس في ظل ضغوطات الحياة التي تُحاصرهم من كل اتجاه".

وينبه أن تسعيرة الراكب الواحد للقارب السياحي 5 شواقل، ويكتفي الصياد بجولة ثمنها 15 أو عشرين شيقلًا، لجمع تكلفة "البنزين" الذي يحتاجه لتشغيل القارب في جولاته داخل البحر.

لكن موسم السياحة تعرض لانتكاسة كبيرة خلال العامين الماضيين بقطاع غزة نتيجة جائحة كوورنا وتداعياتها، ما أثر بشكلٍ كبير على أصحاب هذه القوارب، وتحوّل الموسم من فرصة للرزق إلى عبء جديد يُضاف على كاهلهم وفق "خضر".

ويلفت إلى أنه بعد جائحة كورونا تقلصت يومية الصياد الفلسطيني في القطاع إلى النصف، ففي بعض الأحيان نعود إلى بيوتنا بـ "خفي حُنين"، موضحًا أنهم كانوا يحصلون على 200 شيقلًا باليوم، بعدها أصحب الربح لا يتجاوز الـ 20 شيقلًا، أو يعود خالي الجيب لأولاده.

وتعد عائلة "بكر" التي تتركز منازلها على بُعد أمتار قليلة من شاطئ بحر، واحدة من أكبر العائلات في قطاع غزة التي يعتاش أبناؤها من مهنة صيد الأسماك المتوارثة جيلًا بعد جيل.

وعلى الشاطئ في ميناء مدينة غزة، يجلس الصياد والمنقذ البحري رجب غانم (50 عاما) قرب قاربه السياحي، والذي لم يعد يستخدمه بسبب القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على دخول المعدات اللازمة لهذه المهنة وبسبب ارتفاع تكاليفها.

يقول "غانم" لـ "وكالة سند للأنباء"، "اشتريت قارباً سياحياً منذ 20 عامًا، إلى جانب عملي كمنقذ بحري على شاطئ بحر غزة، فالناس تفضل أن يكون على متن القارب من يجيد السباحة إذا انقلب القارب لاسمح الله".

ويتفق "غانم" مع "بكر" في أن عمل هذه القوارب يزيد في الأعياد والمناسبات والإجازات، وأن فصل الصيف كان بمثابة موسم ذهبي له، إذ كان ربحه اليومي يتراوح من 100 لـ 300 شيقل.

ويُردف: "أن الكثير من المصطافين يرغبون بركوب القوارب السياحية، لكن ظروفهم الاقتصادية لا تُمكنهم من ذلك، وهنا يتجه بعض البحارة إلى تخفيض سعر الرحلة، لكن الأغلب لا يستطيع اتخاذ هذه الخطوة بسبب غلاء الوقود وتكاليف التراخيص وغيرها من الالتزامات".

ومنذ بداية جائحة "كورونا" يشير "غانم" إلى أن الموسم الصيفي لم يعد كمان كان قبلها، بسبب ضعف إقبال الناس على القوارب السياحية، ما دفع بعضهم للعودة إلى مهنة الصيد.

ويؤكد "غانم" في ختام حديثه، أن عمل مراكب الصيد والمراكب السياحية يُساهم بتوفير مئات من فرص العمل ويُنعش الصيادين، لكنّ ما تُعانيه غزة من ارتفاع نسب الفقر وتدني الوضع المعيشي، أثر على مختلف القطاعات بما فيها قطاع الصيد.

تدمير ممنهج..

من ناحيته المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب يقول لـ "وكالة سند للأنباء"، إن "القيود التي تفرضها إسرائيل على مهنة الصيد في بحر غزة واعتداءاتها المتواصلة على الصيادين جعلتها في مهب الريح".

ويلفت "أبو جياب" لاقتصار القوارب السياحية على أعداد "محدودة جدا"، حيث لا يوجد في قطاع غزة قوارب سياحية بالشكل الحقيقي لها، بل يتم استخدام مراكب الصيد بشكل مزدوج، مضيفًا: "هذه المراكب لا يتجاوز عددها الـ 15".

وعن مدى المساهمة الإيجابية لهذه القوارب من الناحية الاقتصادية يتحدث، "إنها موسم عمل مؤقت خلال فصل الصيف ومدخولها المالي خاص بأصحابها وبالتالي لا يُمكن أن تنعكس على المستوي الاقتصادي العام بغزة".

وبحسب "أبو جياب" فإن توسيع هذه المهنة وتطويرها مرتبط بـ "تسهيلات الاحتلال الإسرائيلي، كونه يمنع إدخال معدات ومراكب الصيد والمواتير الخاصة بها وقطع الغيار".