الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

أبو رعد خازم.. عن المطارد الملهِم وحضوره في النضال الفلسطيني

حجم الخط
أبو رعد خازم
نابلس - وكالة سند للأنباء

لم يكن الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني يسمعون بفتحي خازم "أبو رعد" قبل السابع من نيسان/ أبريل الماضي، لكن صورته وكلماته التي أعقبت استشهاد نجله "رعد" في ذلك التاريخ، انتشرت كالنار في الهشيم، ليتحوّل إلى رمز وأيقونة وطنية فلسطينية.

فبعد الإعلان عن تنفيذ ابنه "رعد" عملية ديزنغوف بتل أبيب، ألقى "أبو رعد" وهو عقيد في جهاز الأمن الوطني، كلمة مرتجلة، حملت الكثير من معاني التضحية والفداء، وكانت نقطة البداية لبروز قائد ملهِم افتقده الجمهور طويلا.

وأسفرت العملية التي نفذها الشهيد "رعد" (29 عامًا) عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة 16 أخرين، قبل أن يستشهد باشتباك خاضه مع قوات الاحتلال بعد تسع ساعات من تنفيذه للعملية وملاحقته.  

رعد خازم.jpeg
 

ومع رفضه تسليم نفسه للاعتقال، واستشهاد ابنه الثاني "عبد الرحمن" قبل نحو أسبوع، زادت حظوة "أبو رعد" بين الجماهير، وصار نموذجا للقائد المطارد الذي لا يظهر إلا في المناسبات الوطنية؛ فيبث الحماس في النفوس ويعمل على تصويب البوصلة.

أستاذ الإعلام بالجامعة العربية الأمريكية سعيد أبو معلا، يرى أن الالتفاف الجماهيري حول "أبو رعد" يدل على تلهف الشارع الفلسطيني لوجود قائد ملهم يلتف حوله.

ويضيف في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "في الانتفاضتين الأولى والثانية، ظهر أكثر من قائد ملهم، لكن بعد انتهاء الانتفاضة الثانية وتغييب القادة الملهمين إما بالاغتيال أو الاعتقال، افتقرت الساحة الفلسطينية لقائد يلتف حوله الناس".

وتفرز الحالة النضالية في كل مرحلة _تبعًا أبو معلا_ قائدا مناسبا لتلك اللحظة التاريخية، وما يميز أبو رعد خازم أنه برز كقائد مناسب لهذه اللحظة التاريخية.

ومما ساهم في تشكل الهالة حوله، يفسّر أبو معلّا: "أبو رعد لا يقدّم نفسه كممثل لحزب أو اتجاه سياسي محدد، ورغم أن العمليات الناجحة الأخيرة لم يكن له صلة بمنفذيها، إلا أنه كان له دور غير مباشر كمصدر إلهام وتوحيد للناس وتعزيز الثقة بالنفس".

أما العامل الثاني برأي ضيفنا، هو حضور الخطاب الديني بشكل واضح في كلام "خازم"، وهذا الخطاب يجذب الناس ويشحنهم، موضحًا: "في ظل إجراءات الاحتلال بالقدس والتي تأخذ طابع الصراع الديني، ولأن القدس تشكل النقطة المركزية لكل مفاصل الصراع مع الاحتلال، فإن الخطاب الديني يعزز علاقة خازم مع الجماهير".

وكون المطارد "أبو رعد" سليل أسرة مناضلة ومضحيّة، فإن ذلك يضفي مصداقية على خطابه، وفق "أبو معلا"، مضيفًا: "الناس يشعرون أنه صادق ومخلص في كل كلمة يقولها، والناس لديهم القدرة على التمييز بين المخلص والمدّعي".

عودة رمزية المطارد..

وعن عودة رمزية المطارد من جديد في الضفة الغربية، يقول ضيف سند: "في السنوات الماضية كان هناك غياب للقائد الوطني الملهم، ولأن الطبيعة لا تقبل الفراغ، فإذا لم يجد الناس وخاصة الشباب قائدا ملهما في الحقل السياسي، فسيبحثون عنه في حقول أخرى".

ويكمل: "في ظل الشعور بالإحباط من انسداد الأفق السياسي، يأتي "خازم" والمقاومون ليعوضوا الناس عن هذا الغياب".

وعلى مدى الشهور الماضية، شكّل "خازم" حالة تبثّ روح الأمل والدافعية في صفوف الجماهير، حتى أنه وجه رسالة لأفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية دعاهم فيها ليكونوا جزءا من الحالة النضالية الحالية.

ويعتقد "أبو معلا" أن تصاعد شعبية خازم سيجعل من استهدافه أولوية إسرائيلية، وفي حال نجاحهم باغتياله فقد تحدث انتكاسة للروح النضالية، لكن قد يكون لها تأثير عكسي بتصاعد الروح النضالية بخلاف رغبة الاحتلال".

ويزيد: "كلما حاول الاحتلال قمع شعبنا قام المارد بداخلنا، وهذا ما لم يستطع الاحتلال أن يدركه حتى الآن"، مشددًا على ضرورة أن يحتفظ "خازم" برمزيته ومكانته، وفي الوقت ذاته يجب أن تتطور الحالة النضالية بطريقة مختلفة.

من "القسّام" إلى "خازم"

وظاهرة المطارد، ليست حديثة على الشعب الفلسطيني، فقد عرفها تاريخ النضال الفلسطيني المعاصر منذ بداية الاستعمار البريطاني، بحسب الكاتب والباحث ساري عرابي.

ويوضح "عرابي" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء": "في تلك الحقبة، ظهرت الكثير من النماذج أهمها الشيخ عز الدين القسام، الذي استطاع تكوين مجموعته من الثوار، والتي طوردت وحوصرت واستشهد أفرادها في أحراش يعبد".

كما كانت الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 "ثورة مطاردين"، وكان الثوار مطاردون في الجبال والسهول، ويشكلون المجموعات المسلحة، وفق "عرابي".

ويسرد ضيف سند : "بعد تأسيس ما تُسمى بدولة إسرائيل، وانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، وخلال ستينات وسبعينات القرن الماضي، كان هناك باستمرار مطاردون يلتف حولهم الناس مثل محمد الأسود "جيفارا غزة".

وأخذت ظاهرة المطارد بُعدا جديدا في الانتفاضة الأولى مع ظهور مجموعات من المطاردين من مختلف التشكيلات المسلحة للفصائل، يُتابع: "ولعل أشهر المطاردين في نهاية تلك الحقبة الشهيد يحيى عياش، وما يزال من تلك الحقبة أشهر المطاردين على الإطلاق محمد ضيف القائد العام لكتائب القسام".

ويوضح أن "سيرة المطارد هي من سيرة النضال الفلسطيني، ولهذا فقد تراجعت هذه الظاهرة مع مجيء السلطة الفلسطينية التي مثلت قطعاً مع الانتفاضة الأولى عام 1987 التي أخذت تظهر في أواخرها تشكيلات مقاومة وبعض الأسماء المطاردة".

وما كادت تخبو هذه الظاهرة حتى عادت وبقوة في انتفاضة الأقصى عام 2000، ثم تراجعت مرة ثانية حتى كادت أن تنعدم في الضفة، خاصة في نهايات الانتفاضة الثانية وبداية الانقسام الداخلي عام 2007، بحسب ما يورده "عرابي".

ويسترسل: "في السنوات التي تلت ذلك، حدثت محاولات لخلق نماذج جديدة ملهمة للشباب الفلسطيني، وهي نماذج الشباب الذين يشاركون بمسابقات غنائية عربية، لكن ذلك لم يدم طويلا، وما لبثت أن استعادت ظاهرة المطارد حضورها، ذلك الفدائي المقاتل والمطارد الذي يمثل رمزا للفلسطينيين".

ويرى ضيفنا أن "أنماط المطاردة الحالية تختلف عن الأنماط التقليدية السابقة، فالمطاردون في جنين ونابلس يشكلون أنماطا شبه منكشفة فيظهرون بوجوههم وبزيّهم اليومي، بعكس المطاردة الكلاسيكية".

ومما سبق، يخلص "عرابي" إلى أن ظاهرة المطارد تتراجع مع انحسار الحالة الكفاحية أو تقدم سياسات تتعارض مع فكرة المقاومة والمواجهة، مشيرًا إلى أن الاحتلال يألُ جهدا لتجفيف هذه الظاهرة في بداياتها قبل تعاظمها.

ويسعى الاحتلال لحصار المطارد وقطع خطوط الإمداد عنه، وقد يعتقل أقاربه وأصدقاءه، وتضييق الدائرة عليه ليكون مصيرة في النهاية الاعتقال أو الاغتيال.