الساعة 00:00 م
الخميس 28 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.19 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.98 يورو
3.68 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

مصير مجهول.. كابوس يلاحق عائلات الأسرى المرضى في السجون

حجم الخط
الأسرى المرضى غلاف
الخليل - يوسف فقيه - وكالة سند للأنباء

آلام شديدة، وآهات تخنق صاحبها وهو يصارع المرض والوجع وحيدًا ومكبلًا في سجون الاحتلال، لا يقوى إلا على تذكر وتَمنّي يد حانية تمسك يده، تضمه وتُقاسمه الألم فتهون عليه أوجاعه، وتبرأ جراح قلبه.

لكنه يعلم، أن تلك الجدران العالية والقضبان السميكة، لا تمنع أهله وأحبته من الشعور به، فألمهم واحد، وخشيتهم من تكرار جريمة قتل الأسرى المرضى وإعدامهم البطيء حاضرة في أذهانهم، لا سيما بعد استشهاد الأسير ناصر أبو حميد في 20 كانون أول/ ديسمبر الجاري، بعد صحته نتيجة إصابته بالسرطان.

وتُبدي عائلات الأسرى المرضى خشية حقيقية من مصير مجهول ينتظر أبناءهم، في ظل استمرار إدارة سجون الاحتلال في سياسة الإهمال الطبي، ورفض تقديم العلاج المناسب لهم وفتك المرض بأجسادهم.

وتفتحت جراح ومواجع أكثر من 600 عائلة فلسطينية على أبنائها الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، بعد استشهاد "أبو حميد"؛ خشية أن يصلهم ذات الخبر الصاعق الذي وصل والدته قبل أيام باستشهاد ابنها.

ويقبع 24 أسيرًا مريضًا بالسرطان في سجون الاحتلال، وهم بحاجة ضرورية للعلاج، منهم من توقفت الجرعات الكيماوية له بعد اعتقاله، وآخرون يرفض الاحتلال نقلهم للمستشفى.

أوجاع دون علاج..

عائلة الأسير علي الحروب من دورا جنوب الخليل، تعيش حالة من الخوف والقلق الدائم على حياته، وهو المريض بالسرطان ويعاني من أوجاع شديدة دون أن يتلقى العلاج اللازم لحالته.

وأجريت للأسير "الحروب" عملية استئصال للورم الخبيث قبل عام ونصف، إلا أنه عاد ينتشر في جسده، وفق زوجته جيهان الحروب، التي تمكنت من زيارته قبل أسبوعين من إعداد هذا التقرير (27 ديسمبر)، لتراه بحالة من الإعياء الشديد.

الأسير علي الحروب.png
 

وتصف "الحروب" حالة زوجها خلال زيارته: "بدا متعبًا جدًا، ولم يستطع الوقوف في الزيارة، وكان يضطر للجلوس بين الحين والآخر خلال الزيارة بسبب الآلام الشديدة التي يشعر بها، كما ظهرت بقع زرقاء في مختلف أنحاء جسده".

وتُشير إلى أنّه يرفض الاحتلال نقل زوجها من معتقل النقب إلى المستشفى، ولا يقدّم له سوى حبة دواء كمسكن للآلام التي تستشري في جسده؛ بسبب عودة الورم الخبيث.

وتضيف: "تم استئصال الورم من صدره وتحت إبطه قبل عام ونصف، وأعيد للسجن قبل استكمال العلاج بعد العملية، ما أدى لتدهور وضعه مرة أخرى، وهذا دليل على مضي الاحتلال بقرار الإعدام البطيئ وقتل الأسرى المرضى مثلما حصل مع الأسير ناصر".

وتلفت إلى أنّ حالة الشهيد "ناصر" مشابهة لحالات مرضية كثيرة بالسجون، هم بحاجة للعلاج الكيماوي والإشراف الطبي الحثيث، لكن كل ذلك لا يتم تقديمه للأسرى المرضى.

واعتقل الحروب عام 2010 وحكم عليه بالسجن لخمسة وعشرين عامًا، وهو أب لأربعة أبناء وثلاثة بنات، حيث تطالب عائلته المؤسسات والجهات الرسمية والحقوقية بالتدخل للإفراج عنه وتقديم العلاج المناسب له.

وحسب معطيات نادي الأسير الفلسطيني، فإن هناك 600 أسير يعانون من أمراض بدرجات مختلفة، بينهم 200 بمرض مزمن بحاجة لمتابعة ورعاية صحية حثيثة، منهم 24 أسيرًا على الأقل مصابون بالسرطان، والأورام بدرجات متفاوتة.

اعتقال رغم المرض..

قبل ثلاثة شهور، كانت عائلة الرفاعي من قرية كفر عين قرب رام الله، على موعد مع حدث ضاعف حزنهم وألمهم على ابنهم المريض بالسرطان عاصف الرفاعي (20 عامًا)، بعد أن اعتقلته سلطات الاحتلال رغم مرضه وخضوعه للعلاج الكيماوي وصعوبة حالته.

"وقف العلاج الكيماوي يعني الموت"، هكذا أخبر الأطباء عائلة الرفاعي، محذرين من أن عدم خضوع "عاصف" لـ12 جلسة من العلاج الكيماوي يعني المخاطرة بحياته.

وقبل الاعتقال كان الشاب المريض قد خضع لثماني جلسات من العلاج الكيماوي، إلا أنه حرم من العلاج منذ اعتقاله قبل ثلاثة شهور.

الأسير عاصف الرفاعي.jpg

بألم وحزن شديدين، يخبرنا عبد المعطي الرفاعي والد الأسير "عاصف"، أن نجله أصيب بمرض السرطان من الدرجة الرابعة قبل اعتقاله، وأبلغه الأطباء أن حالته صعبة، وأن استئصال الورم لا يكفي، ويجب أن يخضع لاثني عشر جلسة بالعلاج الكيماوي، وهي ضرورية لكي ينجو من الموت.

ويضيف في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن نجله تلقى ثمانية جلسات من جرعات الكيماوي للعلاج من مرض السرطان الذي أصابه في القولون والغدد، وتم اعتقاله في 24 أيلول/ سبتمبر الماضي، وقبل أيام من موعد الجلسة التاسعة، مما حال دون استكماله للعلاج، مشيرًا إلى أن ابنه لم يتلقى أي علاج منذ اعتقاله.

ويعاني "عاصف" من النزيف المستمر بسبب وجود فتحة في بطنه، حيث لم يكن قد شفي من العملية الجراحية قبل اعتقاله، ولم يعد يستطع النوم بسبب تفاقم آلامه، ورفض الاحتلال تقديم العلاج له في معتقل عوفر، وفق والده.

وبصوت تملأه مشاعر الخوف على فلذة كبده، يكمل الأب الحديث: "تقرير مستشفى المطلع في القدس حيث كان يتلقى الرفاعي علاجه، أكد أن توقفه عن العلاج يعني الموت، وحذرونا سابقاً بضرورة الالتزام بمواعيد جلسات العلاج الكيماوي التي كان يخضع لها على مدار 56 ساعة لكل جلسة؛ بسبب صعوبة حالته".

ويُشير ضيفنا إلى أنّ "الإهمال الطبي بحق نجله يعني الإعدام البطيء، مثلما حصل مع الشهيد أبو حميد وغيره من الشهداء (..) نحن الآن لا نطالب سوى باستكمال علاجه الكيماوي ونقله للمستشفى".

تنكيل داخل المستشفى..

ويتعرض الأسرى المرضى للتنكيل داخل المستشفيات، وفق مؤسسات حقوقية، حيث يتم تقييد الأسير بالسرير، إضافة إلى أن نقله للمستشفى يكون عبر "البوسطة" التي تشكل رحلة عذاب للأسرى في الوضع الطبيعي.

وعما يتعرض له الأسرى المرضى، يقول مدير مركز حريات للدفاع عن حقوق الإنسان، حلمي الأعرج إن "ما يجري في السجون الإسرائيلية مع الأسرى المرضى هو بمثابة إعدام بطيء، لأن الاحتلال يتعمد سياسة الإهمال الطبي بحقهم، ويمتنع بقصد عن إجراء الفحوصات الدورية، التي من شأنها اكتشاف الأمراض المزمنة حتى يسهل علاجها".

ويوضح الأعرج لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ "الاحتلال يماطل بإجراء العمليات الجراحية، ولا يقدّم العلاج المناسب للمرضى في مستشفيات متخصصة، وإنما يتم نقلهم إلى عيادة سجن الرملة، وهو غير مؤهل للعلاج والإقامة للمرضى".

ويلفت لتعمد إدارة السجون نقل الأسرى عبر "البوسطات" من عيادة سجن الرملة إلى السجون وبالعكس، كما يتم إعادتهم للسجون بعد إجراء العملية ولا يتم إبقاءهم مدة كافية للاستشفاء، خاصة لمن يجرون عمليات جراحية.

الأسرى المرضى.jpg
 

وفي تعقيبه على احتجاز جثامين الشهداء الأسرى، يقول ضيفنا أنّ "الاحتلال ينفذ جريمة حرب تتمثل باحتجاز جثامين الشهداء الأسرى، فعندما يكون الأسير على فراش الموت، كما حصل مع الشهيد ناصر أبو حميد، والاحتلال على يقين أنه في طريقه للموت يمنع حتى من زيارة عائلته".

وتبعًا لـ "الأعرج" فإنّ الجهات الحقوقية الدولية على إطلاع بما يجري مع الأسرى المرضى، خاصة الصليب الأحمر، بحكم اتصاله المباشر مع الأسرى من لحظة الاعتقال إلى الإفراج، لكن طالته تقليصات كبيرة حيث أن هناك طبيب واحد لكل السجون.

ويشتكي من أن هذه المؤسسات لا تمارس دورها الكافي للضغط على الاحتلال للالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني رغم إطلاعها المستمر على وضع الأسرى.