الساعة 00:00 م
الإثنين 29 مايو 2023
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.58 جنيه إسترليني
5.11 دينار أردني
0.12 جنيه مصري
3.99 يورو
3.63 دولار أمريكي

خاص بالفيديو إبراهيم النابلسي وشهر رمضان.. سردية الحنين والذكريات ترويها والدته

حجم الخط
إبراهيم النابلسي ووالدته في رمضان
نابلس - وكالة سند للأنباء

لا كلمات تعزي فاقداً عمَّا فقد، لكنه الشوق الذي أبى أن يغادر والدة الشهيد إبراهيم النابلسي، وقد أثار طيفه الذي يرافقها على مائدة رمضان الأولى بعد غيابه، الكثير من الحنين وذكريات لا تنضب.

"إبراهيم له أثر كبير بقلبي"، هكذا بدأت السيدة هدى جرار والدة الشهيد إبراهيم النابلسي حديثها معنا عن ذكرياتها ونجلها في رمضان، وهي تعبر عن شوق يراودها كل حين، قائلةً: "كنت كل رمضان أعيشه أجمل من السنة التي تسبقه، ولما سمعت إنه رمضان جاي شعرت بشوق كبير لإبراهيم".

وهنا تضع أم الشهيد "النابلسي" أمام "وكالة سند للأنباء" بعضاً من المواقف التي لا تغيب، والتي تعتبرها طِباً تبقَّى لها مع كثيرٍ من حب لفقيدها "إبراهيم".

تحاول الأم الصابرة إخفاء دمعة شوقها، لكن رجفة صوتها أبت إلا أن تفصح بالكثير، تقول السيدة "جرار" إن الله أكرمها وعائلتها بأن يكون نجلها مجاهداً، لكنهم راضون بهذا الاصطفاء ولا اعتراض على حكم الله.

مواقف لا تُنسى..

ذكريات لا تقوى والدة "النابلسي" على نسيناها، ففي لحظة ما استسلمت لحنينها وهي تعد مائدة إفطار رمضان، فلم تعد قادرة على صنع ما كان يحبه "إبراهيم" مرة أخرى.

"عصير الكركديه".. كان هذا المشروب المفضل والمميز لدى "إبراهيم" فلم يفارقه على مائدة رمضان طيلة الشهر الفضيل، وبنبرة يجتاحها الحنين تقول والدة "النابلسي": "لكن ما قدرت أعمله هاذي المرة"..

"شو طابخة يا حجة"، " آه يا شيخ إيمتا بدك تأذن"، تسمع والدة إبراهيم النابلسي صوت نجلها الشهيد كأنه أمامها، وهو يترقب سويعات الإفطار في رمضان بأجواء تضفي المرح والمزاح على مائدة العائلة.

تلفت ضيفتنا في حديثها إلى أن "إبراهيم" كان سيد الضحكة والبهجة وكما وصفت لنا، فإن "حلاوة العيشة كانت معه".

تستذكر "جرار" حوارها مع نجلها عن أكلات رمضان " إمي في حلو؟ إذا مفش لحتى أنزل أجيب"، "شو طابخة حجة؟ المهم ما تطبخي رز"، فعلى حد قولها كان لا يأكل الأرز في رمضان إلا في طعام "المنسف".

أما عندما تُعد "جرار" طعاماً كان يحبه "إبراهيم"، تسامره بحب وتحدث طيفه قائلة "إمي إبراهيم اليوم طبختلك الأكلة عشان إنت بتحبها"، معتبرةً الطعام المفضل لديه صدقة عن روحه.

ذلك الفتى اليانع، لم تلهه زينة رمضان من أداء العبادة، فكما أخبرتنا والدته أن خوف إبراهيم من ضياع أجر السحور وذهاب صلاة الفجر عليه، كان يمنعه من النوم بالمطلق بعد الإفطار، فلا يهدأ له بال حتى يتم صلاة الفجر، ويغط في نوم عميق بعدها.

ماذا عن علاقته بمن حوله؟ تصف لنا والدة "إبراهيم" علاقته بالناس حوله بالطيبة المليئة بالحب والاحترام، حيث عُرف إبراهيم بين أهالي البلدة بـ" الخلوق الخجول المؤدب" الذي كان يفرض محبته على الجميع بأفعاله وأدبه.

وتضيف: "إبراهيم ما راح من عندي، هو عايش بكل نفس حر شريف، كل ما أشوف أحبابه بقول إبراهيم عايش".

لم يزر "إبراهيم" والدته في المنام ولو لمرة واحدة، إلا أنها رأته في عيون الناس ممن بشروها برؤيته في منامهم، توضح لنا السيدة "جرار" أن من ضمن الرؤى "فتاة من الجزائر رأت أن إبراهيم يطلب زراعة شجرة زيتون له في المسجد الأقصى"، وبالفعل تمت زراعة شجرة له حيث طلب، على حد قول والدته.

لا يقتصر الفقد على إبراهيم فحسب بل تفقد الأم "جرار" وجود نجلها إياد المعتقل في سجون الاحتلال، وهو مَن تخاف عليه بشدة معللةً ذلك "إياد عند الاحتلال وبخاف عليه وبفقده، لكن إبراهيم ما بخاف عليه لأنه عند رب العالمين".

وتوجهت والدة الشهيد "النابلسي" برسالة صبر لجميع أمهات الشهداء والأسرى والجرحى مطالبةً إياهن بعدم الجزع والثبات، مذكِّرةً "لا حزن بعد اليوم، فمكانة الشهداء تشعرنا بأريحية، وابنك زادك رفعة بذكره في الأرض والسماء، وأولادنا هم بداية النصر والطريق لله".

وكان إبراهيم النابلسي أحد أبرز "المطلوبين" لدى سلطات الاحتلال، وقد نجا من عدة عمليات اغتيال، قبل استشهاده في 9 أغسطس/ آب المنصرم، بعد اشتباكٍ خاضه مع جنود الاحتلال داخل البلدة القديمة من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.