الساعة 00:00 م
الأربعاء 01 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.27 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالصور يوميات صحفي على خط النار بالضفة.. "عَ الندهة" والسيارة منزلنا المتنقل

حجم الخط
صحفيو الضفة
نابلس- لبابة ذوقان- وكالة سند للأنباء

على أهبة الاستعداد، وفي وضعية الانطلاق للتغطية في كل وقت ولأي مكان، يعيش الصحفيون والمراسلون الميدانيون في الضفة الغربية "على الندهة"، تأهبًا لأي حدث طارئ، أو اقتحام إسرائيلي مفاجئ لمنطقة هنا أو هناك.

ففي الضفة، لا وقت محدد للاشتباك، ولا يوم محدد للاقتحام أو المواجهة، ما يبقي المراسل الميداني في حالة طوارئ دائمة، متأهبًا لأي حدث قد يفصله عن حياتهم الاجتماعية والأسرية، وينقلهم لعالمهم المليئ بالمخاطرة والمغامرة وتغطية المواجهة من مسافة صفر، كما جرى أمس الاثنين في جنين ومخيمها.

وفي ظل هذه الظروف التي يحياها صحفيو الضفة، فهم يضطرون لقطع مسافات طويلة من مدينة لأخرى بمركباتهم، التي تتحول في حياة الصحفي والمراسل الميداني لمكتب متنقل، وغرفة معيشة، ومكان للنوم أيضًا في بعض الأحيان.

"إذا سألتني عن المكان الذي أقضي فيه معظم وقتي أجيب: على الشوارع في السيارة"، يتحدث الصحفي ومراسل تلفزيون العربي في الضفة الغربية عميد شحادة، مضيفًا: "قد يستغرب من يرى ما نحمله في السيارة من طعام ومعلبات، فنحن نضطر لقطع مسافات لمناطق بعيدة، بالتالي السيارة تتحول لبيت متنقل وليست أداة عمل فقط".

يكمل "عميد" حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "السيارة يجب أن يتوفر فيها كل شيء، شواحن وبطاريات ومحوّل للكهرباء، فراش وغطاء للنوم، ماء ومعلبات، لأننا لا نعرف كم سنقضي من الوقت في التغطية، هل سنعود مبكرًا أم نبقى بسبب استمرار الحدث أو إغلاق الطرق أو اعتداءات المستوطنين، لذلك فالسيارة تحولت لجزء مهم كثير بحياتنا العملية".

وفي حال احتاج المراسل للمبيت في منطقة الحدث يتوجه للفنادق، لكن في حال استمرار الحدث، يضطر للبقاء في مركبته في منطقة الحدث، تبعًا لضيفنا.

ويستذكر "عميد" أيام التغطية في حدث هروب الأسرى الستة من سجن جلبوع، قائلًا: "لم يكن من الممكن ترك الحدث والذهاب للفندق، كنا ننام بالسيارات، نشعل النار بالقرب من السيارة التي أصبحت هي البيت ووسيلة التنقل بالنسبة لنا، على الرغم من توفر الفنادق وإمكانية المبيت فيها، لكن لا ليس دائما يمكننا ترك الميدان".

إلا أن الخوف الأكبر لدى الصحفيين خلال تنقلهم من مدينة لأخرى وقطع مسافات طويلة في الضفة، وفق "عميد"، هو "ما الذي سيحصل معنا على الطريق".

348378831_2034567283552604_7812664517667540176_n.jpg
 

ويزيد: "في يوم عملية ديزنغوف بتل أبيب التي نفذها رعد خازم في أبريل/ نيسان 2022، اضطررت الوصول لحدود الأردن، وأقطع مسافة لست ساعات، وأعود فجرًا من رام الله لجنين، والتنقل ما بين المخيم والتلال المحيطة ونكون على أهبة الاستعداد لما قد يجري".

إلا أن الأمر يزداد صعوبة فيما يتعلق بالطعام، في حال الإضرابات التي تصاحب بعض الأحداث، وعن ذلك يحدثنا "عميد": "نضطر للاتصال على الأهل لتجهيز الطعام وإيصاله لمكان التغطية،  والتي عادة تكون في جنين أو نابلس، أو إذا كنا في نابلس نذهب لمنزل زميلنا المصور حتى نستطيع مواصلة العمل".

أما إذا كان المراسل في منطقة بعيدة للتغطية، فإنه يُحضر نفسه مسبقًا، ويواصل "عميد" حديثه: "كثير من الأحداث نواصل التغطية لـ 15 ساعة، ولا نستطيع تناول الطعام حتى، ونكتفي بشرب الماء، فعليًا نكون مضربين عن الطعام مجبرين".

أما عن قلق الأهل الذي يصاحبهم خلال تغطياتهم للأحداث الساخنة، يُشير إلى أنه من الاستحالة أن يعتاد الأهل على ظروف العمل.

 ويسهب: "الأهل يتابعون الشاشة ليرون أين أنا، فعليًا والداي يتابعان تغطياتي لحظة بلحظة لمعرفة أخباري، ولعدم مقدرتي على الرد على الهاتف، فوسيلتهم الوحيدة للاطمئنان، هو أنّ صورتي وصوتي لا يزالان على الشاشة أم لا".

ويزيد: "على الرغم من إخباري لهم بأني لا أستطيع الرد على الهاتف، لكن ذلك لا يمنع والدي من الاتصال بي، يطمئن ويوصيني بأن أنبته وأبتعد عن مكان المواجهات أو الخطر، ودائما يقول لي: بدناش هذا الشغل!".

يستذكر بعد ضحكةٍ خافتة أحد المواقف عندما كان يغطي حدثًا في نابلس: "أختي أرسلت لي رسالة تقول لي فيها "أبوي بقلك انبطح"، كان يخشى إصابتي، ويظن أنه يمكنني الخروج على الهواء وأنا منبطح أرضًا".

348911452_646490903536179_2877762823060555815_n.jpg


348362920_821938862876627_1741021064858581595_n.jpg
 

"العمل والعائلة"..

أما المصوّر الصحفي عصام الريماوي، الذي بدأ عمله مع العديد من الصحف والوكالات المحلية والعالمية منذ عام 2010، فيشير إلى أن توفر تقنية الـ 3g سهّل على الصحفيين عملهم الميداني، بعد أن كانوا يضطرون للعودة لمكاتبهم لتحرير وإرسال المواد.

ويتابع: "الآن الأمر أسهل في حالات الطوارئ والأحداث الساخنة أصبحنا نرسل الصور مباشرة، خاصة مع تطور الكاميرات، ووصل الكاميرا بالهاتف وإرسالها مباشرة".

ويحرص عصام الريماوي كغيره من الزملاء، على حمل عدته ولوازمه الخاصة بالتغطية في مركبته، فالحدث لا ينتظر، كما يُخبر مراسلة "وكالة سند للأنباء".

ويُردف: "بالطريق نعمل على تتبع الحدث من الزملاء الذين يصلون أولًا، نطلب منهم إرسال الموقع والمكان الآمن وخارطة التحرك؛ حتى لا يشكل تحركنا خطرًا علينا، وهنا يكمن مبدأ التعاون والتواصل فيما بيننا".

وتماشيًا مع ظروف عمله الطارئ على مدار 24 ساعة، لا يلزم "عصام" نفسه بمواعيد عائلية، قائلًا: "لا أعطي أحدًا أي موعد من الأقارب أو الأصدقاء، فأي موعد أتبعه بعبارة "فيما لم يحصل شيء".

348361693_3098903307072699_6453811244931657802_n.jpg
 

ويضيف "ممكن قبل الذهاب لأداء واجب اجتماعي أو زيارة يطرأ حدث يضطرني للذهاب لتغطيته، أو قطع الزيارة، أو العودة قبل الوصول لإرجاع العائلة للمنزل والذهاب للعمل".

ويستطرد: "هذا أمر مرهق لكن بالنهاية هذا العمل مصدر رزقنا والعائلة تتفهم هذا الأمر جيدًا، ويتفهمون أن عملي دائما بوضع الطوارئ، حتى بأيام الإجازات ممكن أضطر لإلغاء إجازتي والذهاب لتغطية حدث".

ويستذكر أحد المواقف: "قررنا الذهاب برحلة عائلية للاستجمام قبل سفري بيوم واحد، وفي موعد الانطلاق للرحلة وقعت عملية قتلت خلالها مستوطنة، عندها اضطررت لترك العائلة وقلت لهم ساعتين وأعود، لكن وصلنا لمكان الحدث، والجيش أغلق المنطقة ومنعنا من الخروج لخمس ساعات".

ويعقّب: "تخيّل كيف الأولاد والعائلة مهيئين أنفسهم، لكن العمل يحتم أمورًا أخرى، هذا عدا عمّا نراه من صور وأحداث تنعكس على نفسياتنا لاحقًا بشكل كبير".

348380517_1369220937268829_548414438276697820_n.jpg
 

"مكاتب متنقلة"..

أما الصحفي محمد أبو ثابت، فكانت مركبته التي ترافقه في التغطيات هدفًا لحجارة المستوطنين في أحد المرات، ويقول: "يتم الاعتداء علينا من قبل المستوطنين بشكل متكرر، وخلال تغطيتي المباشرة لاعتداءاتهم تم رشق مركبتي بالحجارة، ما أدى لإصابة المركبة بأضرار".

وتتحوّل مركبات الصحفيين لمكاتب مؤقتة عند انتهاء الحدث، وفق "أبو ثابت"، مضيفًا: "بعد الانتهاء من التغطية، نتجه لمركباتنا لفتح أجهزة اللابتوب وتحميل المواد، وفي بعض الأحيان نتجه لأماكن فيها شبكة انترنت قوية".

ويتابع "محمد" لـ "وكالة سند للأنباء": "خلال التغطيات الطويلة أو في ساعات المساء، نتلقى مساعدة كبيرة من المواطنين، كتقديم المشروبات وأحيانا الطعام، وفي بعض الأحيان نحتاج للصعود على أسطح المنازل للحصول على التغطية، وخلال تواجدنا في هذه البيوت نتمكن من شحن الهواتف وأجهزة اللابتوب وما يلزمنا خلال التغطية". 

348361003_638424998189914_591730742363466825_n.jpg
 

ويوكّل الصحفيون الميدانيون مهمة قيادتهم وتوجيه تحركاتهم في الميدان لأحد الزملاء ذوي الخبرة، وفق "محمد"، مردفًا: "كزملاء بالميدان، نأمّر أحد الصحفيين من أصحاب الخبرة، ليكون مسؤولًا عن تحركاتنا بشكل آمن، ونصل للمكان بشكل جماعي حتى لا يتم الاستفراد بأحدنا".

ويختم: "العمل الميداني فيه الكثير من المخاطر، فجيش الاحتلال لا يراعي حق الصحفي في التغطية أو أي مبادئ، بالتالي يتم الاعتداء على الصحفيين أو اعتقالهم وهناك الكثير من الشواهد أبرزها حادثة استشهاد الزميلة شيرين أبو عاقلة في مايو/ أيار 2022".