وصف قادة فصائل فلسطينية اليوم الاثنين ما يحدث في مدينة جنين ومخيمها بالملحمة البطولية، في ظل محاولات إسرائيلية لاجتثاث المقاومة وضرب الحاضنة الشعبية لها، داعين إلى الوحدة والاشتباك مع الاحتلال في كل الساحات.

وأجمع عدد من قادة الفصائل في أحاديث منفصلة لـ "وكالة سند للأنباء"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول صرف النظر عن الأزمة الداخلية التي تعيشها حكومته، بتوجيه ضربة للمقاومة في الضفة الغربية وجنين على وجه التحديد.

وتشهد مدينة جنين ومخيمها، منذ منتصف الليلة الماضية اجتياحًا بريّا وجويَا واسعاً، أسفر حتى الآن عن استشهاد سبعة فلسطينيين وإصابة العشرات بجروح بينها خطيرة، إلى جانب تدمير البنى التحتية في محيط المخيم.

وتصدت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة لاقتحام جنين ومخيمها، باستهداف الآليات العسكرية بالعبوات الناسفة شديدة الانفجار، والاشتباك المسلح مع الجنود في أكثر من محور، كما أسقطت طائرتين مسيرتين.

وتحدت المقاومة جيش الاحتلال أن يعلن خسائره المؤكدة بين قتيل ومصاب في جنين، بحسب بياناتٍ صدرت عنها اليوم، في حين اعترف الاحتلال بإصابة أحد جنوده بجراحٍ طفيفة.

أي انتفاضة قادمة ستكنس الاحتلال..

عضو المجلس الثوري لحركة فتح جمال حويل، وصف ما يحدث في جنين بـ "الملحمة البطولية"، مردفًا: "حتى لو استشهد كل أبناء المخيم، فلن يحققوا سوى البطولة التي عرفها عنهم شعبهم الفلسطيني دائما".

وأضاف حويل أن هذه الملحمة ستتجاوز حدود المخيم، مشيرا إلى مشاركة ضباط وعناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية بإطلاق الرصاص صوب الطائرات المسيرّة، معقبًا: "هذا تطور مهم ويشير إلى أن المعركة ستتجاوز حدود ما يحاول الاحتلال رسمه".

ويردف: "مخيم جنين يملك جيلا استثنائيا يقدر على تحقيق معادلات مختلفة في هذا الاجتياح مقارنة باجتياح السور الواقي عام 2002، فهو يقاوم بشكل موحد، ويلقن درسا للجميع حول وحدة البنادق بين أبناء شعبنا".

ودعا "حويل" إلى ضرورة الحشد لهبّة شعبية في كل الأرض الفلسطينية؛ لتحويل هذه المواجهة إلى ملحمة بطولية عارمة تقود لاندلاع انتفاضة شاملة تقتلع الاحتلال.

وتابع: "أنّ ما يحدث في جنين وبقية محافظات الضفة وفي القدس والداخل وغزة، يقود برمته لإشعال انتفاضة أقوى وأعتى من الانتفاضات السابقة".

ورأى "حويل" أن أي انتفاضة قادمة ستكون قادرة على كنس الاحتلال بشكل نهائي؛ مع ضرورة توفر رغبة وغطاء سياسي لها، داعيًا لإنهاء أي مسار يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال، والتفكير ببرنامج مقاوم يستعيد الحقوق.

وختم بالقول: "الجيل الذي يقاتل في جنين اليوم خرج بعد الاجتياح الأول، فلو نجح الاحتلال في اجتياحه الأول لم يكن لهؤلاء الأبطال أن يخرجوا له من أزقة المخيم مجددا، أكثر بأسا وقوة".

دعوة لنصرة جنين ومخيمها..

من جانبه، دعا القيادي في حركة "حماس" مصطفى ابو عرة أهالي الضفة الغربية للنهوض ونصرة جنين ومخيمها الصامد ودعم مقاوميها وحاضنتها الشعبية.

وقال "أبو عرة" إنّ "الاحتلال يحاول تحقيق أهداف عدة من هذه العملية، في مقدمتها محاولة تصفية المقاومة في جنين، وضرب الحاضنة الشعبية لها، ويظهر ذلك من أعمال التدمير والتخريب للبيوت والشوارع والبنية التحتية في المخيم".

وأضاف أنّ "ما يجري هو محاولة لإشغال المعارضة في إسرائيل وثنيها عن مواصلة المظاهرات ضد قانون التعديلات القضائية، وبالتالي محاولة تقوية الجبهة الإسرائيلية الداخلية الهشة التي تعاني من أزمات عدة".

وأكد "أبو عرة" أنّ الأهداف التي يسعى الاحتلال لتحقيقها وهمية لترميم صورته أمام الرأي العام الإسرائيلي وذلك عبر تدميره للبيوت والشوارع والممتلكات والنية التحتية، مضيفًا: "بالرغم من حجم قوة الاحتلال وقوة النار والدمار إلا أنه لم يستطع الدخول إلى داخل المخيم حتى الآن، ومعظم عملياته العسكرية في أطرافه وذلك بسبب بسالة المقاومة وشراستها في التصدي له".

ما يجري تعبير عن يأس الاحتلال

من ناحيته، أشار القيادي في حركة الجهاد الإسلامي ماهر الأخرس، إلى أنّ اجتياح جنين أظهر مبادرة وجرأة المقاومين في مواجهة قوات الاحتلال.

وبيّن "الأخرس" أنّ "ما يجري هو تعبير عن يأس الاحتلال في تعامله مع المقاومة والحق الفلسطيني، ومحاولة بائسة للتغطية على أزماته الداخلية عبر تخريب الأوضاع في الضفة".

وأكد على ضرورة منع الاحتلال الاستفراد بمخيم جنين، وضرورة مناصرة المقاومة فيه ومؤازرتها بإشعال مواضع الصراع مع الاحتلال في كل مكان.

ولفت إلى أنّ الأوضاع الميدانية الجارية تُنذر بإشعال الضفة الغربية لهيبًا في وجه الاحتلال، مطالبًا "بتشكيل قيادة مؤقتة، تقود الفعل الشعبي والمقاوم في المرحلة القادمة".

ما يحدث ترجمة فعلية لتهديدات الاحتلال

إلى ذلك، قال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، إن الحرب الإسرائيلية على مخيم جنين، هي بداية لمجزرة إرهابية هددّ بها رئيس حكومة الاحتلال ووزراء لديه، في المناطق الشمالية بالضفة.

وأوضح "البرغوثي" أن ما يحدث في جنين ترجمة فعلية للتهديدات التي أطلقتها المؤسسة العسكرية خلال الأيام الماضية، مضيفًا: "هذا العمل لم يحدث منذ الانتفاضة الثانية في ظل التحشيد العسكري غير المسبوق من دولة الاحتلال، بما يشير لرغبتها ارتكاب جرائم حرب في المخيم".

واعتبر أن ما يجرى بمثابة مواجهة شاملة ضد الاحتلال، ما يستدعي توفير التعزيزات اللازمة لإطلاق انتفاضة شعبية تشمل كل المناطق، مشددًا على ضرورة عدم ترك جنين وأهلها وحدهم ليستفرد الاحتلال بهم.

وتابع "البرغوثي" أن "التطور الأهم فيما حصل، قدرة المقاومة في اجتراح مأثرة جديدة، عبر تصديها لهذه الجرائم المتتالية".

ولفت النظر إلى أنّ الاحتلال سيفشل مرة أخرى في كسر مقاومة الشعب الفلسطيني؛ مؤكدًا أن صمت العالم على فاشية الاحتلال هو ما يشجعه على تكرار جرائمه.

وعمّ الإضراب اليوم عدة مدن فلسطينية وعلقت مؤسسات تعليمية وجامعية ونقابية، دوامها، تنديدًا بالعدوان وحدادًا على أرواح الشهداء، فيما دعت القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة إلى التصعيد والنزول إلى الشوارع وقطع الطرق أمام المستوطنين.