الساعة 00:00 م
الثلاثاء 21 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.69 جنيه إسترليني
5.21 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

الاحتلال يواصل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة لليوم الـ 227 تواليا

اجتياح رفح.. خوف من المجهول وذعر من تكرار سيناريو العذاب لشمال القطاع

بالفيديو جنين ومخيمها.. أرض لفظت عقود الاستعمار ومقاومة أثبتت بأسها

حجم الخط
جنين
جنين - نواف العامر- وكالة سند للأنباء

تاريخ ومجد مرصّع بالبطولات والتضحيات الجسام، سطرتها مدينة جنين ومخيمها على مر سنوات الاحتلال، وما سبقه من حملات استعمارية، لفظتها أرض جنين، كما لفظت عدوان الاحتلال الإسرائيلي عنها أمس، والذي استمر ليومين متتاليين، فخرج الاحتلال يجر أذيال الخيبة دون تحقيق مراده بوأد المقاومة في هذه البقعة الصغيرة.

بطولات جنين ليست وليدة اللحظة، فأرضها شهدت ولفظت الغزو الفرنسي وحملات نابليون مرورًا بالاستعمار البريطاني، إلى الاحتلال الإسرائيلي حتى اليوم.

ارتبط اسم المدينة بالقائد السوري الشيخ الشهيد عز الدين القسام، الذي أطلق ثورته ضد الاحتلال البريطاني، وقضى شهيدا في أحراش يعبد القريبة من جنين، وهو ما منحها رصيدا من المشاركة في الثورات والهبات والانتفاضات.

وشكّل مخيم جنين حالة من الحضور الوطني والثوري المقاوم منذ تأسس ملاصقا للمدينة، في أعقاب نكبة 1948، منتميا لقرى وعشائر نزحت من سفوح وتلال جبل الكرمل وسهول مرج بن عامر ومنطقة بيسان.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية رائد نعيرات، يشير في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، لقيادة جنين معركة "جبل النار" ضد الغزو الفرنسي وحملة نابليون، ويقول إن "يوسف الجرار" قام بتجميع قيادات شمال الضفة الغربية ورموزها وقاد معاركها ضد جيش نابليون وهو ما ألحق به الهزيمة، مضافا إليها هزيمته على أبواب أسوار عكا الحصينة.

ويضيف نعيرات: "نالت مدينة جنين لقب مثلث الرعب في عهد الانتداب البريطاني، وباتت مأوى للثوار ونقطة انطلاق للثورة، كما هو الحال في ثورة عز الدين القسام ومساعديه، ومنهم الشيح فرحان نمر السعدي، الذي أعدم في الثمانين من عمره وهو صائم؛ لمقاومته الجيش البريطاني".

ويردف: "في اجتياح 2002 شكّل المخيم الحالة الأبرز وربما الوحيدة بالصمود الفريد والعنيد، وبات رمزية للمقاومة ومركزا لها، تكاتف فيها المخيم والمدينة والريف، وسجل صمودا أبلغ من صمود غيره من الجغرافيا الفلسطينية بالضفة الغربية".

وفرض مخيم جنين ذاته في أهم مرحلة نضالية في الانتفاضة الثانية، ممثلا حالة نضالية لافتة ومخزنا للفدائيين، غيرت فيها معركة المخيم المعادلات وقلبت طاولة الحسابات، وفق "نعيرات".

رمزية المخيم باقية..

من جانبه، يلفت أستاذ التاريخ والخبير في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة، لحضور جنين في الثورات التي شهدتها الأعوام: 1919/1929/1936/1967، وحرب 1948 وحتى الان.

ويضيف "جعارة" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "الشعوب التي تقع تحت نير الاستعمار لن يكتب لها الاستقلال ان لم تقدم التضحيات الجسيمة، كما فعلت الصين إبان احتلال اليابان لها بفاتورة بلغت حوالي ستة ملايين صيني".

ويعزو "جعارة"، إطلاق الاحتلال اسم "البيت والحديقة" لعدوانه الأخير على مخيم جنين، لأن الاحتلال يرى امتلاك الفلسطيني لبيت يحوّله لثكنة والحديقة لأنفاق وخنادق في خدمة مشروع المقاومة".

ويستشهد جعارة بأقوال لضابط عسكري إسرائيلي سابق، في سياق مقابلة تلفزيونية على القناة 12، بأن الخسارة الإسرائيلية مؤكدة في حال قاد الفلسطينيون بالمخيم معركة استنزاف، متسائلا عن الأهداف التي تحققت مع نجاة لغالبية المقاتلين، بينما لا حل لذلك سوى البحث عن حل سياسي، وإلا، فالمدينة ستبقى مدينة، والمخيم سيظل مخيما برمزيته وحضوره.

صلابة وثكنات شعبية..

الباحث والكاتب سري سمور، يشير إلى جنين كانت تعد بلدة زراعية هادئة ما قبل النكبة، تحولت لثكنات شعبية مقاومة قابلة للتجييش والتطوع لمقارعة الاحتلال، وسطرت أحداثًا وسِيرًا متعددة تشير لصلابتها ومنعة رجالها.

ويضرب "سمور" خلال حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، مثالا على حضور المدينة في أتون الثورة والمقاومة بعملية فتحي عيسى الكانوح من المخيم ويعمل في مهنة الحدادة وقام بطعن جنديان من حرس الحدود قتل أحدهما قبل أن يلتحق بركب الشهداء.

ويبلغ عدد أهالي مدينة جنين زهاء 52 ألفا، عدد لا بأس به منهم لاجئون في أحيائها، ومنها الجابريات والبساتين وجبل أبو ظهير وخلة الصوصة والحي الشرقي والمراح ومراح سعد والزهراء وخروبة وعين نيلي وغيرها، وفق "سمور".

أما في مخيم جنين، فينتمي حوالي 15000 لاجيء فيه لعشائر وعائلات مهجرة، أبرزها أبو الهيجا من عين حوض والتركمان من المنسي وعرب التركمان وغيرها، وعائلة السعدي من المزار، يسكنون في أحياء المخيم كالحواشين وجورة الذهب والساحة والدمج وحي عبد الله عزام.

ولعبت الطبيعة الاجتماعية في المخيم، دورا في رفع شأن المخيم ومقاومته لانتماء سكانه للبدو والفلاحين، ما خلق قيادات جمعية من كل الأطراف والانتماءات، فرضت نفسها على حالة المقاومة كوحدة موحدة، سبقت مفهوم غرفة العمليات المشتركة بغزة، وكان من أبرز قياداتها جمال أبو الهيجا، وجمال حويل، وعلي الصفوري، ومحمود طوالبة وآخرين، وفق "نعيرات".

ويشير نعيرات، إلى أن المخيم حافظ على روحه القتالية إلى الان، حيث قاتل فيها الكل بعقيدة قتالية غير محزبة، ودون إرادات تنظيمية، زادت من تمكنهم ومكانتهم، وتميّزوا بقدرات على التجنيد، وجعلتهم محط استهداف.

وصعق مخيم جنين، جيش الاحتلال عام 2002، حين دفع الاحتلال بمعركة المخيم وفق اعترافاته 23 جنديا، وهو رقم كبير وخسارة جعلته يخرج دون تبجح بخيبة أمل.

وانسحب الجيش الإسرائيلي من مدينة جنين في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، بعد عدوان واسع أسفر عن ارتقاء 12 شهيدا، بينهم خمسة أطفال، وأكثر من 140 إصابة، بينها نحو 30 إصابة حرجة.

وبحسب التقارير منظمات طبية وحقوقية، فإن الاحتلال استهدف مستشفيات وفرق وسيارات إسعاف، وأعاق تحركاتها، كما حاصر نحو 13 ألفًا في المخيم وشرّد نحو 4 آلاف، واعتدى عليهم أثناء خروجهم من منازلهم بقنابل الغاز والمسيل للدموع.