الساعة 00:00 م
الجمعة 10 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.02 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

إبعاد الرموز المقدسية.. سياسة إسرائيلية لتفريغ القدس من مرجعياتها

حجم الخط
ناجح بكيرات وعكرمة صبري
غزة/ القدس - فاتن عياد الحميدي – وكالة سند للأنباء

ضمن معركة الوجود في مدينة القدس، يخوض الاحتلال الإسرائيلي حربًا شرسة تستهدف الشخصيات المركزية والفاعلة والمرجعيات الدينية في المدينة المقدسة، في محاولات ترمي بالصورة الأولى لإفراغها من أهلها وأصحابها وتهويدها بشكل كامل.

وتمارس سلطات الاحتلال سياسة الإبعاد بحق الناشطين والمؤثرين عن الأقصى والبلدة القديمة بالقدس، لاستبعاد تأثيرها ودورها عن محيطها، في إطار حرب ممنهجة تهدف لسلخ المقدسي عن تاريخه وجذوره ومسجده الأقصى، وإحلال المستوطنين مكانه.

ولم تكتف سلطات الاحتلال بإبعاد الشخصيات المقدسية عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة، بل وصل الأمر لإصدار قرارات بالإبعاد الكامل عن مدينة القدس، كما جرى مع نائب مدير الأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات، عندما صدر قرار بإبعاده عن القدس لمدينة بيت لحم في 12 يوليو/ تموز الماضي، ولمدة ستة شهور، في سابقة هي الأولى بحقه في إبعاده خارج المدينة ومكان إقامته.

ورغم اعتقاله لأكثر من 30 مرة منذ عام 1981 وحتى الآن، وإبعاده لأكثر من 30 مرة أيضا منذ عام 2003 عن الأقصى والبلدة القديمة، وإضافة لمنعه من السفر 5 سنوات، إلا أنها المرة الأولى التي يتم إبعاد "بكيرات" خارج المدينة ومكان إقامته.

ويصف "بكيرات" إبعاده عن المدينة بأنها "خطوة استباقية وعنصرية من الاحتلال، تدلل على مدى بشاعته في متابعة الرموز المقدسية والتنغيص على الحياة اليومية لهم في مدينة القدس".

ويبيّن "بكيرات" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن الاحتلال يهدف من سياسة الإبعاد محاولة لتهجير المقدسيين، بدءًا بالرموز وتنتهي بالسكان وكل من يقف أمام الاحتلال، إضافةً للمساس بالمرجعيات الدينية؛ من أجل خلق فراغ إداري وديني، وإيصال رسالة لليمين الإسرائيلي المتطرف "بتحقيقهم ما يريدون".

ويردف: "قضية الإبعاد تزداد يوماً بعد يوم، إذ تبدأ بالإبعاد عن الأقصى ثم عن المدينة القديمة، وتارة المنع من دخول الضفة، وتارة أخرى الإبعاد إلى الضفة عن القدس، وهي سياسة متخبطة ينتهجها الاحتلال".

ويوضح ضيفنا، أن إبعاد الشخصيات المقدسية يأتي ضمن المعركة الديمغرافية التي يشنها الاحتلال ضد المدينة، وتُخطط لحسمها لصالح المستوطنين، بحيث لا يبقى سوى 50 ألف مقدسي حتى عام 2040.

وينظر الاحتلال إلى الشخصيات المقدسية الفاعلة ومدى قدرتها على التأثير وحشد الجماهير من جهة، ومدى صلة المقدسيين بهذه الشخصيات من جهة أخرى؛ لتقييد المرجعيات الفاعلة، وخلق حالة من الفراغ، لملئه بمرجعيات أخرى تخدم الاحتلال، وتحاول من خلالها تذويب المجتمع المقدسي في الماكنة الإسرائيلية.

السيادة على الأقصى..

من جهته، يرى خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، أن أي اعتداء إسرائيلي من اعتقالات واقتحامات وإبعاد وهدم للبيوت المقدسية، يصب في تهويد القدس ويسعى الاحتلال من خلاله إلى فرض السيادة على الأقصى.

ويشير "صبري" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، إلى التخوفات الإسرائيلية من وجود الرموز الفاعلة، معتبراً أن العناصر المقدسية النشطة تُظهر المخططات الاحتلالية، وهو ما ترفضه "إسرائيل".

وتعرض الشيخ عكرمة صبري مطلع يوليو/حزيران الماضي، لاعتداء إسرائيلي بمنعه من السفر، وذلك إثر خطبة جمعة دعا فيها أهالي مدينة ومخيم جنين للصمود أمام الاحتلال، إبان العدوان الإسرائيلي الغاشم عليها في الثالث من يوليو، والذي خلف عشرات الشهداء والجرحى.

ويشرح "ضيف سند": "الاحتلال يرى من سفر خطيب المسجد الأقصى زيادة للتوعية بمخاطر الاحتلال وانتهاكاته، ما يثير تخوفات الاحتلال، لذلك منعت من السفر لستة شهور، إضافة لحملة تشويش وتحريض ضدي، وهي ليست الأولى".

أرقام وتخوفات..

ويتفق "ضيوف سند على أن العام الجاري 2023 هو الأكثر تطرفاً وإجحافاً بحق المقدسيين من إبعاد وتهجير عن الأقصى والبلدة القديمة، مرجعين ذلك إلى أن دعاة التطرف الإسرائيلي أصبحوا في موضع القرار وشركاء في الحكومة الإسرائيلية.

ولم يختلف الحال في العام الماضي 2022 كثيرًا، فقد فاقت أعداد المبعدين عن المسجد الأقصى والمدينة 400 مقدسي بحسب ما أورده الشيخ "بكيرات".

وتخشى سلطات الاحتلال من وصول عدد المقدسيين إلى 600 ألف مع حلول عام 2040، ويصبح هناك تفوق مقدسي عربي على الوجود اليهودي في المدينة؛ لذلك تخطط لإبعاد المقدسيين عن مدينتهم، وخاصة القيادات والمرجعيات الدينية والوطنية.

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي لضرب مؤسسة أوقاف القدس، في ظل مطالبات بإضعافها وإخراجها من المسجد الأقصى، ويتمثل ذلك بإبعاد الشخصيات الدينية عن المدينة، ومنع إعمار الأقصى، وكله يأتي في سياق تهديد للمجتمع المقدسي وتسليط العصى الغليظة أمامه، وفق ضيوفنا.

ويشير كلٌ من "بكيرات" و"صبري" في حديثهما، إلى أن الاحتلال ينفّذ مخططاً شاملاً من حرب الحفريات، وحرب منع الترميم، والتهجير، والاقتحامات، أو حرب هدم البيوت، والتي ترتبط بسياسة واحدة وهي تهويد المدينة وتنظيمها على أنها مدينة يهودية.