الساعة 00:00 م
الأحد 05 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.66 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أصغر الحفّاظ عمره 8 أعوام..

بالفيديو شعور فريد.. حفاظ للقرآن الكريم بغزة يتلونه كاملا في جلسة واحدة

حجم الخط
صفوة الحفاظ
غزة - فاتن عياد الحميدي – وكالة سند للأنباء

"يوم من أيام الله".. اجتمع فيه الصغير والكبير، تفرّغ العامل والمسؤول، وجاء القريب والبعيد، لسرد كتاب الله الكريم على جلسة واحدة في لحظات مهيبة، ضمن مشروع "صفوة الحفاظ 2" الذي أطلقته دار القرآن الكريم والسنة في قطاع غزة.

مشاهد تدمع لها العيون فرحًا، ضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي أمس الثلاثاء لـ 1471 حافظ وحافظة من مختلف الأعمار، لكنهم تساووا في الخضوع أمام كلمات الله، وعاشوا وأهاليهم فرحة تفوق كل أفراح الدنيا.

وبدأ الحفّاظ من مختلف محافظات قطاع غزة بسرد القرآن الكريم منذ فجر أمس، وحتى غروب الشمس، في أجواء مفعمة بالبهجة والترقب، لإتمام السرد في موسمه الثاني.

وشمل مشروع "صفوة الحفاظ" في موسمه الثاني 26 حافظًا من ذوي الاحتياجات الخاصة، و90 حافظًا من القطاع الصحي، و34 من أفراد الشرطة والأمن، و163 معلمًا ومعلّمة، بالإضافة لأحد نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل.

"أحفظ القرآن مثل اسمي"..

(60 عامًا) مرّ من العمر، لم تكن حائًلا أمام الحاج محمد المغني "أبو حسين" ليكون من بين الساردين لكتاب الله على جلسة واحدة.

يحدثنا الحاج عن بداياته في حفظ القرآن: "بدأت الحفظ عندما كنت في المرحلة الدراسية الابتدائية، بحفظ أجزاء قليلة، حتى أتممت الثلاثين جزءاً عند سن الثلاثين".

يصف "أبو حسين" وهو إمام وخطيب في مسجد "ابن عثمان" في حي الشجاعية شرق مدينة غزة يوم السرد بـ"البهجة العظيمة"، حيث غمرته مشاعر الفرحة العارمة الممزوجة بالدمعات والبكاء، بعد 12 ساعة سرد للقرآن على جلسة واحدة.

"أنا أعيش مع القرآن حتى لا أنساه"، بهذه الكلمات يُعبر "أبو حسين" عن علاقته بالمصحف الشريف، مضيفًا: "منذ حفظي للقرآن أراجع في اليوم خمسة أجزاء، وفي الأسبوع أختمه مرة، حتى لا يخونني العمر وأنسى حرفاً من كتاب الله".

وبصوتٍ مملوء بمشاعر الامتنان والفخر يُخبرنا ضيفنا: "أنا حافظ القرآن الكريم مثل اسمي".

وهذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها "أبو حسين" في مشروع "صفوة الحفاظ" لسرد القرآن، وما منعه من المشاركة العام الماضي، إتاحة المجال لمشاركة الشباب وفئة صغار السن في المشروع الأول، تبعًا لقوله.

ويستطرد: "لكني شاركتُ هذا العام لما فيه من تشجيع وتحفيز، ومشاركة من جميع الأعمار، فلم يمنعني العمر ولا أي انشغال آخر في الحياة عن القرآن".

شعور سرد الآية الأخيرة..

بدأ "أبو حسين" السرد في يومه المشهود، حيث امتزجت تلاوته بصوته الندي مع دمعات الفرح، معقباً على ذلك: "في بعض المواضع كنت أبكي، ويعتقد المشاركين عدم مقدرتي على إكمال السرد، إلا أن الآيات كانت تستوقفني، وسردتُ القرآن كأنه مفتوح أمامي".

مرّت الساعات على بدء الحاج "أبو حسين" بالتغني في القرآن، إلى أن بدأ القلب ينبض رهبةً، وتتسارع الآيات الخارجة من فيهِ، حتى وصل إلى الآية الأخيرة "من الجنة والناس"، فختمها بسجدة أجهش فيها بالبكاء.

ويلفت "ضيف سند" إلى أنه سرد القرآن بتمكن متقن، فلم يُعطه المُسمِّع إلا خطأً واحداً وتوجيهًا واحدًا في الثلاثين جزءًا، مرجعاً هذا الفضل إلى الله عز وجل.

أصغر حافظ في فلسطين..

ومن المُسن محمد المغني إلى الطفل أحمد الشيخ عمر، فبينهما يصير العمر فكرة ويشب حُب القرآن في القلوب، فالفرحة العارمة والمهابة العظيمة التي حاوطت الطفل أحمد (8 سنوات)، أصغر حافظ لكتاب الله في فلسطين، لا تسعها الكلمات.

هذا أحمد، فخر والديه، شرع في حفظ القرآن الكريم بمدرسة التابعين مذ كان في الخامسة من عمره، حيث بدأ القرآن صفحة بصفحة، إلى أن وصل لحفظ 10 صفحات في اليوم، أتم من خلالها حفظ القرآن الكريم كاملاً في 7 شهور.

"أنا سعيد جداً"، كلمات خرجت كالدّر من الطفل أحمد، ثم صمت بعدها مهابةً ورهبةً، وكما يقول والديه لـ"وكالة سند للأنباء": "وَعَدَنا أحمد أن يلبسنا تاج الوقار".

يقول رمضان الشيخ عمر والد الطفل أحمد، إن نجله تمكن من سرد القرآن الكريم في جلسة واحدة وفي غضون 7 ساعات.

وبالعودة إلى تفاصيل اللبنة الطيبة، يحدثنا "أبو أحمد": "بعد إتمام أحمد حفظ القرآن في 7 شهور، انتقل إلى مرحلة تثبيت الحفظ وهو في السادسة من عمره، وكانت والدته هي الساند له في ظل انشغالات الحياة".

ويلفت إلى أن نجله أتم السرد والتثبيت على مرحلتين، الأولى بدأها بسرد 5 أجزاء، تلاها عشراً، ثم انتقل للمرحلة الثانية بسرد القرآن الكريم كاملاً وذلك للمرة الأولى في شهر مايو/ أيار الماضي، أمام لجنة من ثلاث مشايخ حصل فيها على الامتياز بمرتبة الشرف.

ويُتابع ضيفنا، عُرِض أحمد على لجنة مشتركة من مدرسته "مدرسة التابعين"، ودار القرآن الكريم والسنة، ووزارة الأوقاف، واجتاز اختبار اللجنة بتقدير 95%.

وبتشجيع الأهل، استمر أحمد في مراجعته وسرده اليومي، حتى تمكن من سرد القرآن الكريم على جلسة واحدة، بدأها الساعة الخامسة من فجر أمس، وانتهى منها بعد صلاة ظهر.

"الصفوة.. حياة منتظرة"..

قصص لا تنتهي، ونماذج لا تملّ من النظر إليها في القسم المخصص للحافظات، أمّ جاءت مع رضيعها، وعروس لم يمض على زواجها سوى ثلاثة أيام، ومسنة هزمت تقاليد العمر، وأنعشت ذاكرتها بترتيل آيات الله.

الحافظة براءة زهير أبو العمرين، المشاركة في صفوة الحفاظ للمرة الثانية، تصف هذا المشروع بـ"الحياة المنتظرة من عام إلى آخر".

وتصف "أبو العمرين" شعورها لـ "وكالة سند للأنباء": " في العام الأول مُزج مشاعري بالرهبة مع المشقة والتكلُّف في السرد، وهذا العام، تكررت الرهبة نفسها، لكن شعور الراحة بالقرآن كان السائد في قلبي".

وتشير الحافظة إلى أن هذه السردة الثالثة لها، وبكلمات تنبض بالحب، تنقل لنا شعورها قائلةً: "التجهيز لبرنامج الصفوة يحمل في كل عام نفس الهيبة، فنكون على ترقب شديد رغم أننا مثبتين وحافظين، إلا أن للقرآن هيبة في قلب المؤمن، تزداد كل حين".

"ركب نجاة"..

أما الشابة الحافظة لكتاب الله أنوار فؤاد الجمال، فتصف "صفوة الحفاظ" ومشاركتها فيها بـ"ركب النجاة لها"، مضيفةً: "أنا لستُ شيئاَ إذا كنتُ بدون القرآن".

وكما قيل "الطمع في الدين"، كانت أنوار تطمع وتطمح دائماً لمكرمة القرآن، فمن "صفوة الحفاظ1" إلى "صفوة الحفاظ 2"، تنتقل ضيفتنا بين رحاب القرآن بنفس الرهبة والمهابة، وتقول: "كنت أرتل الآيات وكُلي مشغولٌ بها وسأظل أرتحل وأبحث عن الصفوة (..) فاستجِب لي يا الله بكرامة القرآن".