الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

صفحات إسرائيلية تتكلم العربية.. سلاحٌ ناعم للاختراق كيف نواجه خطره؟

حجم الخط
صفحة المنسق
نابلس/ غزة - لبابة ذوقان- وكالة سند للأنباء

بشكل متكرر وأنت تتصفح منصات التواصل الاجتماعي، حتى وإن لم تكن متابعًا ومتفاعلًا معها، فإعلاناتها الممولة، أو منشوراتها التي لاقت تفاعلًا كبيرًا، ستدفع بصفحة "المنسّق" للخروج على شاشتك.

الفضول قد يدفع بكثيرين لمتابعة الصفحة، فطبيعتها الظاهرية أنها صفحة خدماتية هدفها التواصل مع الفلسطينيين لتسهيل الحصول على التصاريح والتواصل مع ما يُسمى بـ "الارتباط" الإسرائيلي.

لكن الأمر يتعدى الفضول عند آخرين، فتجدهم لا يتابعون الصفحة فحسب، بل يحملّون تطبيق "المنسّق"، الذي ينتهك خصوصية الهاتف المحمول فور تحميله، ويزوّد الاحتلال بمعلوماتك وصورك وملفاتك الموجودة على هاتفك فورًا.

لا ينحصر الخطر باختراق الهاتف، فصفحة وتطبيق المنسق، والصفحات الإسرائيلية المشابهة كـ "إسرائيل تتحدث بالعربية" التي يزيد عدد متابعيها عن 3 مليون متابع، هي مكان خصب لاصطياد فرائس سهلة للتخابر مع الاحتلال.

اختراق وإسقاط..

الخبير بالأمن السيبراني والباحث في معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي عامر أبو هنية، يشير إلى أن الاحتلال أقدم "بوسائله القذرة"، لاختراق حياة الفلسطينيين والتجسس عليهم مستخدماً التكنولوجيا؛ للسيطرة عقول الفلسطينيين ببث السموم الإلكترونية من منشورات وصفحات تعمل على تبييض صورة الاحتلال بالمساعدات والخدمات المدنية، وبث روح العمل لدى دولة الاحتلال.

ويضيف "أبو هنية" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "جاء هذا بطريقة إزالة المنع الأمني وإصدار تصاريح العمل، ولكثرة العاطلين عن العمل من الشباب ظهرت فكرة صفحة المنسق التي تحظى بما يقارب المليون متابع، وهذا الكم الهائل من المتابعين ثروة حقيقة ودسمة للاحتلال من خلالها يحظى على معلومات استخباراتية هامه وحقيقة".

لكن، كيف يحصل الاحتلال على هذه المعلومات؟ يجيبنا "أبو هنية": "بمجرد دخول الشخص على صفحة المنسق وعمل متابعة له، فهو قد أعطى كل شيء عنه مجاناً، فمن يدير صفحة المنسق ليس شخصاً عادياً، ولكنهم مجموعة من المختصين في مجالات عدة، منهم الأمنيين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين".

ويزيد: "المختصون يتابعون الحالة الأمنية لدى المتابعين، سواء أبناء فلسطين أو أبناء الدول العربية، بحيث يتابعون اهتماماتهم الشخصية، وهل هم من داعمي المقاومة والمجموعات المسلحة، كما يتابعون الحالة الدينية، هل هم من المتشددين أم لا، إضافة لمتابعة صورهم ومنشوراتهم ومواقعهم وعناوينهم".

وينوه إلى أنّ "كل هذه المعلومات يمكن أن تخدم جيش الاحتلال وتحمي أمنهم من أصغر وأبسط معلومة نشرت على صفحات التواصل الاجتماعي".

أما عن دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، فيقول ضيفنا: "من خلال متابعتهم لحالة ومنشورات المتابعين يقومون بتحليل هذه المعلومات من ناحية نفسية، بمعنى أنّ هذا الشخص فقير يحتاج لعمل ومال ويضعف مقابل المال، يمكن بهذه الحال تسليط الضوء عليه والدخول في حياته الشخصية من هذا المنطلق".

ويتابع: "في هذه الحالة يسهل تجنيده للعمل لدى المخابرات الإسرائيلية، ومنهم من يضعف أمام الجنس والنساء الجميلات، فيقع في فخ الابتزاز الجنسي، وبالتالي بسبب خوفه من المجتمع والفضيحة يقع في فخ التخابر".

وماذا عن تطبيق المنسق؟ يوضح ضيفنا: "أن خطره على وجه التحديد يكمن في تحميله وتخزينه في الأجهزة الذكية، فهذا التطبيق مخترق ومدمج بفيروس التجسس، الذي يعمل على اختراق الأجهزة ومتابعتها وتحميل كل ما لدى الضحية من صور ومحادثات وأسرار شخصية وعائلية، علماً أنّ هذه الأسرار ممكن أن تؤدي إلى معلومات استخبارية أو إلى التخابر مع الاحتلال خوفاً من الفضائح".

ويشرح: "تطبيق المنسق يعمل على جمع كم هائل من المعلومات، فعلى جميع من يريد العمل في إسرائيل أو من يريد خدمات عامة، عليه تحميل التطبيق، وبمجرد أن تعمل على الاشتراك وإدخال البيانات الشخصية، بذلك يكون تطبيق المنسق قد حصل على قاعدة بيانات غنية بالمعلومات والتي يمكن أن يسخرها في خدمة الاحتلال".

ويحذّر "أبو هنية" من تلك الصفحات والتطبيقات، قائلًا: "يجب التعامل معها بحذر مطلق، ولو كان الشخص مضطراً لاستخدامها، يجب أن تكون معلوماته مخفية أو على الأقل أو غير حقيقة على صفحات التواصل؛ حتى لا تعطي الاحتلال أي فرصة لاستخدام أي معلومة منه أو من أي صديق لديه، بمجرد صورة أو منشور أو متابعة لشخص ما حتى ولو كان لايك (..) لا تعطيه فرصة ليرى ما تفعل على السوشيال ميديا".

أما بالنسبة لتطبيق المنسق، فينصح ضيفنا: "لو أردت استخدامه لإصدار بطاقة ممغنط أو تصريح عمل، أنصح باستخدام جهاز جوال آخر لا يوجد عليه أي معلومة خاصة أو عامة تخصك أو تخص غيرك، فقط جهاز لتحميل التطبيق عليه، وتعمل على إنجاز ما تريد وتغلقه تمامًا، بمعنى آخر: أن يكون جهاز مخصص لتطبيق المنسق فقط لا غير".

نشر الدعاية الإسرائيلية..

ويوظف الاحتلال وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل كبير لنشر دعايته والدفاع عن "مشروعه الإحلالي الاستيطاني واختراق المجتمع العربي والفلسطيني"، وفق ما أورده الصحفي الفلسطيني سامر خويرة.

ويشير "خويرة" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن الاحتلال أطلق من خلال وزارة الخارجية الإسرائيلية دائرة دبلوماسية جماهيرية خاصة بمتابعة السوشيال ميديا، تضم مستشارين وإعلاميين وموظفين يديرون نحو 350 قناة رقمية واجتماعية، و20 موقعًا الكترونيًا بسبع لغات، ونحو 80 موقع إلكتروني لسفارات ومكاتب إسرائيلية حول العالم.

ويردف: "هذه الصفحات منها الموجه للفلسطينيين وأخرى للمحيط العربي، منها صفحة المنسق التي يحاول الاحتلال تصويرها بأنها جانب خدماتي بحت، كتقديم التصاريح أو رفع منع السفر أو الصلاة في الأقصى، إضافة لصفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" موجهة للعالم العربي، وصفحة أفيخاي أدرعي وغيرها من الصفحات الخطيرة جدًا، والتي يتجاوز عدد متابعيها 3 مليون".

وتحاول هذه المواقع والصفحات التأثير على الوعي بطرق ذكية وناعمة، فالاحتلال يعتبر مواقع التواصل الاجتماعي ساحة رئيسية لمعركة لاختراق الوعي العربي، من خلال تصوير "إسرائيل" بأنها دولة حضارية وجميلة ولها تاريخ وكيان متطور وتكنولوجي، وفق "خويرة".

ويبيّن، أن هذه الصفحات تعتمد بشكل كامل على الرواية الإسرائيلية في حال حدوث حدث أمني مقاوم، واستخدام مصطلحات يستخدمها جيش الاحتلال كـ "مخربين" و"إرهابيين"، وتحاول حصر الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال، على أنه بين "إسرائيل" المتسامحة دينيًا واجتماعيًا، وبين الفلسطينيين الإرهابيين في الضفة وقطاع غزة.

وعن اختيار المنشورات والصور، يوضح "خويرة": "صفحة المنسق وإسرائيل تتكلم بالعربية تختار مكونات المنشور بعناية فائقة جدًا، فالصورة تكون منتقاة ومدروسة وتوصل رسالة الاحتلال، والنص يصاغ بطريقة احترافية وباستخدام الآيات والأحاديث يتم اللجوء إليها أو أمثال أو قصص، فالأمر ليس عبثيًا على الإطلاق".

ويرى ضيفنا، أن "أخطر ما في هذه الصفحات، أنها تعتبر مصائد للإسقاطات، والتي تتم من خلال مختصين إسرائيليين نفسيين، يدخلون للتعليقات، ومن ثم للحديث على الخاص، يتحدثون معه ويميلوه للإسقاط من خلال الرغبة بالحصول على تصاريح العمل، أو حاجة إنسانية، أو من خلال الجنس، أو الإسقاط المالي".

وبالتالي فإن التعامل مع هذه الصفحات أمر خطير للغاية _والكلام لضيفنا_ حتى لو كان التعليق شتائم ضد الاحتلال، فهو بالنسبة لهم مفيد لأنه يزيد عدد التعليقات.

ويلفت خويرة، أن الصفحات الإسرائيلية المتحدثة بالعربية، تدعم الدعاية الإسرائيلية في تحطيم وحدة الشعب الفلسطيني وبث الخلافات والتركيز على الانقسام، وإحداث شرخ بين المجموعات المقاومة.

ويؤكد أنها تلعب دورًا كبيرًا بالتعليق من خلال حسابات وهمية، أحدهم يمدح والآخر يشتم، بالتالي يصبح التفاعل أكثر، كما أنهم يتطرقون لقضايا حزبية كفتح وحماس، أو دينية كسني وشيعي، ومسلم ومسيحي.. الخ، وكل من يعلق هم أصحاب حسابات وهمية.

ويخلص للقول: "هذه الصفحات هي أخطر من المعركة العسكرية على الأرض، فالمعركة يمكن أن تقتل عدة أشخاص، أما هذه الصفحات فتقتل شعبًا كاملًا إذا لم يتم التعامل معها بوعي كامل".

تفسيخ المجتمع..

من جانبه، يقول الخبير الأمني مصطفى أبو هربيد، إن الهدف من هذه الصفحات هو تفسيخ المجتمع الفلسطيني، وتأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة.

ويضيف في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "الأمر مرتبط بهندسة الجمهور والعقول، بمعنى أنها تعتمد على تعديل بعض الأفكار وتزييف الحقائق، وتمرير بعضها، مثل ربط الأزمات التي يختلقها في القطاع كالإغلاقات، بأنشطة المقاومة، والزعم بأن المقاومة هي التي تحول دون تحقيق التحسينات اليومية في حياة الناس".

ويردف أبو هربيد أن: "الهدف من ذلك، تغيير قناعات الناس ودفعهم لتحريض الجمهور على أنشطة المقاومة".

ويُبيّن أن الفارق في الدعاية الموجهة للضفة والقطاع، أن المحافظات الشمالية تستهدفها بالبيئة الدعائية، إلى جانب الحاجات المرتبطة للمواطنين بالإدارة اليومية مع الاحتلال، مقابل صراع أدمغة حقيقي يقوده الاحتلال في القطاع، ما يعني أن الهدف المتقدم يتمثل في محاولات التجنيد.

ويُشير ضيفنا، إلى أنّ هذه الصفحات ترتبط بالاحتياج اليومي للفلسطينيين، وتسعى لإقامة خط تواصل مع أصحاب الحاجات، كالعمال أو الطلاب أو المسافرين أو من لديه حاجة بالداخل المحتل.

وتهدف أيضًا لتحسين صورة الاحتلال إعلاميًا، إضافة إلى أن التواصل مع هذه الصفحات له أبعاد أمنية واستخبارية، وأخرى مرتبطة بالتجنيد عبر استغلال الحاجات، ومساومة أصحابها؛ لتحويلهم لمتعاونين ومتخابرين، تبعًا لـ "أبو هربيد".