الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

حُوّل للاعتقال الإداري يوم زفافه.. فرحة المقدسي محمد البكري مؤجلة حتى إشعار آخر

حجم الخط
محمد البكري
القدس - فرح البرغوثي - وكالة سند للأنباء

صمتت أصوات الفرح، وتوقف قرع الطبول التي كانت تعلن بدء مراسم الاحتفال بعريس البيت، وفرحة العائلة الأولى، لتنقلب البهجة لغصة تخنق العروسين وعائلتيهما، بعد أن قرر الاحتلال الإسرائيلي اعتقال العريس محمد البكري من منزله في بيت حنينا شمال القدس، ويحولّه للاعتقال الإداري في اليوم الذي كان مقررًا لزفافه!

وبدلًا من أن يدخل "محمد" لقفصه الذهبي مع عروسه، التفت القيود على معصميه، واقتيد للسجن المظلم، الذي خرج منه قبل عامين، بعد أن أمضى سبع سنين متواصلة في زنازينه.

ففي الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر الماضي، كان يتجهز "محمد" للذهاب لجلسة تصوير مع عروسه لإتمام "برومو الفرح"، لكن خطوات عناصر المخابرات الإسرائيلية كانت أسرع إليه، اقتحموا منزله، واعتقلوه، وأشعلوا النار في قلوب عائلته.

ومنذ اعتقاله، ماطلت سلطات الاحتلال بالإفراج عنه، على الرغم من عدم وجود تهم ضده، حتى أصدرت صباح اليوم الخميس -وهو اليوم الذي كان مقررًا لزفافه-، أمرًا بتحويله للاعتقال الإداري لأربعة شهور، لينقلب يوم الفرح لذكرى موجعة.

386875101_3607964459456085_925240032196204132_n.jpg
 

و"محمد" (27 عامًا)، شابٌ محبوبٌ ومهذّب، وطيّب القلب كما تصفه عائلته، زُجّ في الأسْر عندما كان طِفلًا لم يتجاوز سن الـ 15، وعادَ لأحضان عائلته بعد سبع سنوات، وهو من أهم الرياضيين ولاعبي "الباركور" في القدس، وشقيق المحرّر أحمد البكري الذي أُفرج عنه قبل شهرٍ ونصف، ليلتمّ شمل العائلة أخيرًا بعد طولِ انتظار.

"جلسةُ تصويرٍ لم تكتمل"..

وعن تفاصيل ما حدث، تقصّ والدته: "في كلّ فترةٍ من الأعياد اليهودية، يتم استدعاء محمد للتحقيق، ويتمّ تسليمه قرار بالإبعاد عن المسجد الأقصى مثل بقيّة الشُبّان المقدسيين؛ لكنّه يعود لنا بعد ساعتين من التحقيق، أما هذه المرّة فكانت غير متوقعة".

وتُكمل: "الخميس الماضي، كُنا مجتمعين أنا وزوجي وبناتي، أما مُحمد يستحم ويُحضّر نفسه من أجل الخروج لجلسة التصوير مع عروسته، وقد قُمتُ بكيّ قميصه الأبيض مرّتين حتى يظهر بأجملِ إطلالة لكنّه بقيَ مُعلّقًا بالخزانة!".

في تلك اللحظات، كان باب المنزلِ مُغلقًا دون إحكامه بالمفتاح، فأفراد العائلة جميعًا يستعدون للخروج؛ وفجأةً، اقتحمَ المنزل أربعةُ عناصرٍ من مخابرات الاحتلال الذين يرتدون الزيّ المدني، وبدأوا بالبحثِ عن "محمد".

وبنبرةٍ يشوبها الحزن، تضيف والدته: "خرَج محمد من الحمام فتفاجأ بعناصر المخابرات أمامه.. كان يُريد ارتداء قميصه الأبيض، فطلبَ منه المُحقّق ألا يرتدي هذا اللون، وذهبَ معه إلى غرفته واختارَ له ماذا يرتدي".

تصمتُ برهةً ثمّ تروي لنا حوارًا دَارَ بينَ "نجلها" وأحد المُحقّقين: "عندما أخبر محمد المُحقّق عن موعدِ جلسةِ التصوير، سَأَله "هل أقوم بإلغائها أم تأجيلها ساعتين؟"، لكنّه اكتفى بالردّ عليه بقوله: "أجّلها.. لا تُلغي".. اعتقدنا أنه سيعودُ سريعًا بعد التحقيق، ولم نودعه".

"فرحةٌ مخطوفة"..

عقارب الساعة أخذت تمشي ببطءٍ شديد، ودقات قلبِ "الأمّ" أصبحت تتسارع، وهي تترقّب على "أحرٍ من الجمر" أيّ خبرٍ يُطمئنها أنّ نجلها "محمد" سيعود، وسيُكمل جلسة التصوير وبقيّة مراسم فرحِه.

لكن قرارات الاحتلال الظالمة، أَبَت إلا أن تُثبتَ حضورها، وتُنغّص على عائلة "البكري"، بعد أن تمّ تمديد اعتقاله، وباتَ أسبوعه الأخير قبل زفافه بين جلسات محاكم الاحتلال ومركز تحقيق "المسكوبية".

وتصفُ والدته المكلومة هذه اللحظات: "بعد أن أخبرني نجلي أحمد بقرار تمديد الاعتقال، شعرت أنني غُيّبت عن هذه الدنيا، كُسِر ظهري، وتوقّفت فرحتي بابني الأول، بعد أن كانت أغاني العريس وتحضيرات الاحتفال لا تتوقف في منزلنا".

386868733_191971100586046_8179303621859662295_n.jpg


 

وتُشير إلى أنّ سلطات الاحتلال عقدت له جلسة مُحاكمة صباح يوم الجمعة الماضي، قبل وصول أفراد عائلته إلى المحكمة، وأصدرت قرارًا بتمديده ليوم الإثنين، دون أيّ تُهمة.

محاكمةٌ في يوم الزفاف..

وكان من المُقرّر إقامة حفلة "الشّمع" يوم الثلاثاء الماضي 3 أكتوبر/ تشرين أول، أما حفل الزفاف فكان محددًا اليوم الخميس؛ لكنّ القاضي رفضَ الإفراج عن محمد، وقرّر أن يعقد له جلسة محاكمة في هذا اليوم، الذي لطالما انتظره طويلًا حتى يرسم البهجة في قلبيْ والديْه.

وتُردد: "أصبحنا مثل المجانين، لا يغمض لنا جفن ليلًا أو نهارًا، أصبحت حياتنا بين الانتظار والتأجيل (..) جميع ما حجزّناه من بطاقات الزفاف والبَدلة والصالة والصالون والحلويات وتذاكر السفر قُمنا بتأجيلها بعد دفعِ العربون (..) حسبنا الله ونعم الوكيل".

وكما تخبرنا والدته فإن "مرارة اعتقال محمد سبع سنوات في كفّة، واعتقاله هذا الأسبوع في كفّةٍ أخرى (..) كان يُخطّط كثيرًا ويريد أن يفعل المستحيل حتى يُعوّض سنوات البُعد عنا، يُريد أن يفرّحنا بزفافه وأولاده".

وتستذكرُ مواقفها الطريفة معه، كيف كانت تقول له: "يلا صار عمرك 27، بدنا نشوف ابنك الصغير ونلعب معه".

وتختتم بالقول: "هذا احتلالٌ ظالم، يُريد أن ينغّص علينا فرحتنا (..) نحن نوكّل أمرنا لله وهو حاكمنا العادل، ونسأل الله الفرج القريب له ولكافة الأسرى".

وحتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، بلغ عدد الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال أكثر من 1300 أسير، بينهم ما يزيد عن 20 طفلًا، وأربع أسيرات، وفق معطيات نادي الأسير الفلسطيني.