الساعة 00:00 م
الإثنين 06 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.66 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

14 تجمّعًا هُجّروا منذ بدء العدوان على غزة

سكّان التجمّعات البدوية بالضفة.. على صفيحٍ ساخنٍ ونكبة جديدة

حجم الخط
تهجير تجمعات بدوية.jpg
رام الله- فرح البرغوثي- وكالة سند للأنباء

على طول امتداد السفوح والمرتفعات الشرقية للضفة الغربية، يعيشُ أهالي التجمّعات البدوية واقعًا صعبًا مليئًا بالقلقِ والخوف، وحالًا أشبه بـ "النكبة"، في ظلِ ما يتعرّضون له من مجازر هدمٍ وترحيلٍ قسّري من جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه المسلّحين.

وفي الآونة الأخيرة، صعّد المستوطنون بحماية جيش الاحتلال من اقتحاماتهم للتجمّعات البدوية، وأخذوا يعيثون فيها فسادًا، ويعتدون على الأهالي وممتلكاتهم، ويسرقون مواشيهم التي يعتاشون منها، ويستولون على منازلهم وأراضيهم وأدواتهم الزراعية قسرًا، ضاربين بعرضِ الحائط كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

هذا الواقع، يعيشه نحو 200 ألف نسمة من سُكّان التجمّعات البدوية في المناطق المُصنّفة "ج"، في مختلف محافظات الضفة الغربية، ويتوزعون على نحو 157 تجمّعًا، وفق المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن البدو في فلسطين، حسن مليحات.

WhatsApp Image 2023-12-26 at 8.10.26 PM.jpeg
 

تهجيرٌ قسّري..

يقول "مليحات" في حديثه مع "وكالة سند للأنباء"، إن حدّة هجمات الاحتلال ومستوطنيه ضد التجمّعات البدوية اشتدت وتصاعدت بشكلٍ كبير، خلال معركة "طوفان الأقصى"، وجسّدت انعكاسًا واضحًا لنظام الفصل العنصري "الأبارتهايد".

ويشرح: "الهجمات تمثّلت بالاستيلاء على الأراضي، وتهجير السكّان وترحيلهم قسّرًا، وهدم المنازل والممتلكات، والاعتداءات الجسدية، والاعتقالات التعسّفية، وسياسية الحرمان من الخدمات الأساسية، والإرهاب اليومي الذي يُمارسه المستوطنون بدعمٍ من حكومة الاحتلال".

ويُبيّن ضيفنا، أنه تمّ رصد تهجير وترحيل 14 تجمعًا بدويًا خلال فترة الحرب؛ من ضمنها تجمّع وادي السيق شرق رام الله، البالغ عدد سكانه 400 مواطن، وتجمّع عين الرشاش شمال شرق رام الله، الذي يسكُنه 300 مواطن، وتجمّع جبعيت شرق المغيّر في رام الله.

إضافةً لتهجير تجمّع عين الزراعة شمال شرق نابلس، الذي يسكُنه 250 مواطن، وتجمّع عرب الكعابنة في المعرجات الوسطى شمال غرب أريحا، البالغ تعدادهم نحو 300 مواطن، وتهجير تجمّعات زنوتا وسمري والعدّ وشعب فرسة في الخليل.

ويتابع: "هجرة السكّان من أراضيهم تمّت تحت وطأةِ تهديد السلاح، بعد محاصرتهم من قبل المستوطنين المحميين من جيش الاحتلال، وترحيلهم قسّرًا بشكلٍ جماعي، دون أن يستطيعوا أخذ مقتنياتهم وممتلكاتهم".

ويؤكّد "مليحات" أن الاحتلال استغل الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر، للتفرّد في البدو الذين يُشكّلون "خطّ الدفاع" عن الأراضي الفلسطينية، في المناطق المصنّفة بـ "ج" من الضفة الغربية؛ بهدف إخلائهم منها، والسيطرة عليها بشكلٍ كامل، وإحلال وتنفيذ مخطّطاتٍ استيطانية.

طفولةٌ في مرمى الخطر..

في هذه التجمّعات البدوية، ذاق الأطفال ويّلات الاحتلال وعنجهيته مرّاتٍ كثيرة، سُلبت طفولتهم مُبكرًا، وباتَ الذُعر رفيقهم الدائم، كما حُرموا من حقوقهم الأساسية والمشروعة، كالحق في التعليم وحرية التنقل والعيش بسلام.

ويوضح "مليحات" أن المستوطنين استهدفوا وهاجموا مدرستين خلال فترة الحرب، وهما؛ مدرسة وادي السيق التي تعرّضت للتخريب والتدمير، ومدرسة عرب الكعابنة الأساسية، التي وضعوا حولها دمىً ملطخةً بالدّماء في محاولةٍ لترهيب الأطفال وذويهم.

وينوّه في حديثه، أن الاقتحامات اللّيلية التي يشنّها المستوطنون المسلّحون بين منازل المواطنين، أثّرت سلبًا على صحة الأطفال النفسية، ودبّت الرعب في قلوبهم، مضيفًا: "لا بُدّ من أن يشعر الأطفال بالخوف والخطر والقلق الدائم من اعتداءات المستوطنين في أيّ وقتٍ كان".

ويسرد لنا موقفًا: "أثناء ذهاب الطفل عبد الحي الكعابنة إلى مدرسته، اعترضت عصابةً من المستوطنين طريقه واعتدت عليه بالضرب المبرح؛ ما أدى لإصابته بجراحٍ بالغة، نُقل على إثرها إلى مستشفى أريحا لتلقي العلاج".

ويُكمل بصوتٍ يشوبه الألم: "أصبح الطفل عبد الحي يخشى الذهاب وحيدًا إلى مدرسته، إضافةً إلى نوبات الهلع التي تنتابه أثناء نومه بسبب هذه الأحداث المتكرّرة".

تغييرٌ للمعالم الجغرافية..

منذ مطلع العام الجاري، نفّذ الاحتلال والمستوطنون أكثر من 1500 انتهاك بحق التجمّعات البدوية، تنوّعت بين الهدمِ والترحيل القسّري الجماعي والتطهير العرقي والاعتداءات الجسدية وإتلاف المزروعات وسرقة المواشي والاقتحامات الليلية، وفق توثيق منظمة "البيدر".

وفي هذا السياق، يدعو "مليحات" المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، كافة مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية المحلية والإقليمية والأممية بالتدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات، ووقف سياسة التطهير العرقي التي تستهدف التجمعات البدوية.

ويطالب بضرورة دعم صمود وثبات هذه التجمّعات، وتوفير حمايةٍ دولية لها، والتصدي لمخطّطات الاحتلال، والعمل على إنشاء جسمٍ تمثيلي لهم للدفاع عنهم بإشراف منظمة التحرير الفلسطينية.

بدوره، يقول مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس، إن وتيرة اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية ازدادت عمَّا كانت عليه سابقًا، بنسبة 210%، خلال معركة "طوفان الأقصى".

ويؤكّد "دغلس" في حديثه مع "وكالة سند للأنباء" أن "الاحتلال استغل فترة الحرب على غزّة وتسليط الضوء على ما يجري، في تغيير المعالم الجغرافية بالضفة الغربية؛ عن طريق تهجير السكّان الأصليين من التجمّعات البدوية، وتوسيع المستوطنات بشكلٍ جنوني، وتسليح المستوطنين علنًا".

ويصف "دغلس" ما يحدث بـ "التهجير القسّري تحت وطأة السلاح"، مؤكّدًا أن "هذه المناطق النائية تُشكّل عقدةً للاحتلال، ومحطّ أطماعه".

ويُحذّر من مخاطر تسارع وتيرة تهجير السكّان والاعتداء عليهم، بالإنذار بانتقال الاحتلال لتنفيذ مخطّطاته الاستيطانية "الخبيثة" على أرض الواقع، والسيطرة على أراضيهم بشكلٍ كامل تحت مسمى "مناطق عسكرية يُمنع العودة لها"، وإحلال مستوطنين مكان سكّانها الأصليين.

ويطالب "دغلس" كافة الفصائل الفلسطينية والمؤسسات بدعم أهالي التجمّعات البدوية، والتضامن معهم، ومساعدتهم بالعودة لأراضيهم، وعدم السماح للاحتلال ومستوطنيه بالاستفراد بهم في ظل انشغال العالم بالعدوان على قطاع غزّة.