الساعة 00:00 م
الثلاثاء 07 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.7 جنيه إسترليني
5.28 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.74 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

بالصور "ما ضل أطفال نصوّرهم".. ألطف الكائنات أمام كاميرا "يحيى" صاروا في خانة الشهداء

حجم الخط
432983793_1119276169261716_8820657091173714211_n.jpg
غزة - آلاء المقيد - وكالة سند للأنباء

كان يجد المصور الفوتوغرافي يحيى برزق في تصوير الأطفال حديثي الولادة، ملاذًا حانيًا، يُخلّد عبر صورٍ رفيعة الذوق وبالغة الجمال، ذكريات مُبهجة لا تُنسى لطفلٍ لم ينِه ربيعه الأول، ودون سابق إنذار صار يعيش أحزانًا متلاحقة، فهذه الأجنّة الناعمة شُيّعت إلى مثواها الأخير بأكفانٍ بيضاء في رحلة عمرٍ قصيرة للغاية؛ في ظل حرب الإبادة التي تشنّها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ شهور.

وأنت تتنقل بين الصور المنشورة على حسابات يحيى برزق في منصات التواصل الاجتماعي، وتقارن محتواها بين ما قبل وبعد الحرب الإسرائيلية التي بدأت في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، ستدرك مدى التناقض المفزع (..) كانوا يصنعون لوالديهم فرحًا لم يستطع العالم بوسعه أن يمنحهما إياه، ثم صاروا أهدافًا لصواريخ الاحتلال وبطشه، وعلى صورهم المعاد نشرها شارات سوداء.

صور أطفال شهداء  (9).jpg
 

يستهل المصور الفوتوغرافي حديثه مع "وكالة سند للأنباء" بالقول: "كانت حياتي قبل الحرب أروع ما يكون، تعيش في غزة المكان الذي نحبّ، بين أهلك وأحبابك ولديك مشروعك الخاص، بين فترة وأخرى تحقق نجاحات وإنجازات؛ في ظل ظروفٍ صعبة، ثم تأتي الحرب وتُدمر كل شيء بشرًا وشجرًا وحجارة".

ويُضيف برزق أنّه على مدار السنوات الماضية اعتاد التقاط صور للأطفال بطابعٍ يبعث البهجة في النفس، ويشاركها مع متابعيه على منصات التواصل، وكانت تلقى عادةً تفاعلًا كبيرًا وإيجابيًا؛ ما شجّعه على الاستمرارية وتطوير عمله إلى أنّ أصبح اسمه لامعًا في مجال تصوير حديثي الولادة على المستوى المحلي والعالمي.

432459303_765474668909222_5010779529695740069_n.jpg
 

وكانت زوجته "نهروان" تُساعده في تصوير جلسات المواليد، الذي يتطلب خبرة في التعامل مع الطفل إلى جانب براعة التعامل مع الكاميرا، يُتابع: "جلسة التصوير الواحدة كانت تستغرق منّا ما بين ساعتين إلى خمس ساعات، وهذا وقت كافي لتحدث الكثير من المواقف اللطيفة والمضحكة مع أهل الطفل، وبعدها تتحول علاقتنا معهم من مجرد زبائن لأصدقاء".

ويردف المصور يحيى برزق: "أنا لا أصوّر الطفل فحسب، بل بصبر ودون ملل أحمله بين يدي، أغيّر ملابسه، ألمس خدّه الناعم، أحتاج وقتًا طويلًا لأصنع بسمة خاطفة على ملامحه، أو ردّة فعل جذابة تصلح لالتقاط بعض الصور له، لذا كل طفل تصوّر عنّا له معنا ذكريات حلوة وله في قلوبنا مودة خاصة".

432289225_842455144312214_3680254699273124412_n.jpg
 

لكن ومنذ أن بدأت "إسرائيل" بشنٍ حربٍ شرسة ضد سكان قطاع غزة، تحوّل هذا العالم الجميل الذي يعيش "يحيى" في كنفه ويمنحه الأمل والسعادة، إلى كابوسٍ مزعج، فلم تعد حساباته تنقل صور الأطفال اللطيفة إلا بشارات سوداء، وبين من تحت ركام منازلهم مع تعليق ثابت "أهداف الاحتلال"!

والغصّة تخنق صوته يُكمل ضيفنا حديثه: "بدأت المجازر تشتد يومًا بعد آخر، والظروف تزداد سواءً وجميعنا يرى الأطفال وهم يقتلون ويُشيّعون إلى الجنة في عمرٍ صغير جدًا، وكان من بينهم عشرات صوّرناهم ووثقنا لهم أجمل لحظات حياتهم".

وأول خبر مفجع سمعه "يحيى" عن الأطفال الذين صورهم، كان لعائلة مسيحية استشهد جميع أفرادها بعد أيامٍ من جلسة تصوير وثقت اللحظات الأولى بعد ميلاد صغيرتهم جولييت الصوري.

432416170_283482224781418_2685986665766264344_n.jpg
 

وعن ذلك يحكي لنا: "كانت العائلة نازحة في كنيسة بمدينة غزة، وتم استهدافها، فاستشهد جميع أفراد العائلة(..) حلّ علينا الخبر كالصاعقة وأثر فينا كثيرًا، حتى أن زوجتي صارت تصرخ بأعلى صوتها لم نستوعب الفاجعة خاصة أنّ الجلسة كانت قبل الحرب بأقل من شهر".

وبعدها بأيامٍ صار تصلهم الأخبار تباعًا عن أطفال استشهدوا إما لوحدهم أو رفقة عوائلهم، ومنهم من أُصيب بجراحٍ متفاوتة منها خطيرة، يقول المصور يحيى برزق: "أصبحت أخاف أفتح الإنترنت، كي لا يصلنا أي خبر جديد عن أحبابنا الأطفال الذين عشنا معهم أجمل وأرق اللحظات".

ويتساءل يحيى بحسرة وقهر "لماذا ينهال عليه صاروخ غادر بأطنان ثقيلة يُمحيه من الوجود؟" مستطردًا: "ألا يحق لهؤلاء أن يكبروا ويعيشوا حياتهم بشكلٍ طبيعي، وينبسطوا على الصور التي وثقنا لهم فيها أيامهم الأولى في الحياة؟".

ويسترسل: "كنّا نأمل أن يعيش الأطفال الذين صورناهم ليتذكروا في سنواتهم القادمة هذه الذكريات لكن الاحتلال لم يُسعفهم سلب حياتهم وأفسد مخططات المستقبل، وصرنا نرى صورهم وهم بالأكفان والحسرة تأكل أرواح ذويهم".

صور أطفال شهداء  (8).jpg
 

وكغيره من الغزيين، لم يسلم يحيى برزق ولا عائلته من ويلات الحرب، فقد عاش أيامًا صعبة للغاية قبل أن يقرر النزوح إلى وسط قطاع غزة، وعن ذلك يُحدثنا: "صمدنا في منزلنا بمنطقة الرمال لـ 5 أسابيع، ثم اشتد علينا القصف وبدأ التوغل البري يقترب منّا، فاضطررنا للانتقال إلى مناطق أقل خطرًا، لكن كل غزة مستهدفة(..) فالقصف المدفعي والجوي، لم يتوقف بل وكان يشتد أكثر فأكثر فقررنا النزوح إلى مدينة دير البلح".

ويلفت إلى أنّهم التقوا في دير البلح بكثير من الأطفال الذين صورهم، منهم كان في مدارس الإيواء، أو في خيم أو عند أقارب لهم، مضيفًا: "كنا حين نلتقي نستذكر سريعًا اللحظات الحلوة التي قضيناها معًا، وكل الأماني أن تنتهي الحرب ونعود إلى حياتنا من جديد".

وبكلماتٍ مختصرة تحمل ألم الغزيين جميعًا ختم المصور يحيى برزق حديثه معنا: "تحولت صور الأطفال الرائعةلذكرى مؤلمة، وتطايرت صورهممن بين الركام، وعلى الأغلب لم يتبقَ في غزة أطفال كي نصورهم".

صور أطفال شهداء  (7).jpg
صور أطفال شهداء  (6).jpg
صور أطفال شهداء  (5).jpg
صور أطفال شهداء  (4).jpg
صور أطفال شهداء  (3).jpg
صور أطفال شهداء  (1).jpg
صور أطفال شهداء  (2).jpg