الساعة 00:00 م
السبت 04 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

"لا ماء ولا طعام"..

خاص تفاصيل مريرة ترويها شاهدة عيان تسكن في محيط مستشفى الشفاء

حجم الخط
20231117022309239.webp
غزة - وكالة سند للأنباء

"نعيش منذ أيام رعبًا لم نشهد له مثيل منذ بداية الحرب"، بهذه الكلمات وصفت شاهدة عيان ما يجري داخل مجمع الشفاء الطبي والمناطق المحيطة به غرب مدينة غزة؛ بعدما اقتحمه جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الاثنين الماضي، ويُنفذ منذ ذلك الحين إعدامات ميدانية وحملة اعتقالات طالت عشرات المدنيين والمرضى.

المواطنة نسرين (ع) وهي أم لست بنات أصغرهم تبلغ من العمر 6 شهور، عادت إلى منزلها الواقع في محيط مستشفى الشفاء، قبل حوالي شهرين، قالت إنّ حجم الخطر الذي يعيشونه منذ أيام يفوق الوصف، فآليات الاحتلال وطائراته لم تتوقف لحظة عن القصف والاستهداف المباشر للمدنيين ومنازلهم؛ ما أوقع عشرات الشهداء والمصابين.

وأضافت شاهدة العيان اليوم الخميس في اتصالٍ هاتفي مع "وكالة سند للأنباء"، أنه قبل الاقتحام الإسرائيلي الأخير، كان الهدوء كان يسود المنطقة؛ ما ساهم في عودة السكان إلى منازلهم، ولجوء النازحين إلى مجمع الشفاء الطبي، ومراكز الإيواء في محيطه.

وفجر الاثنين الماضي، تفاجأت عائلة "نسرين" كغيرها من العوائل هناك، بسماع أصوات انفجارات ضخمة عند الساعة الثانية والنصف فجرًا، تبعها تقدم لآليات الاحتلال من جميع الجهات المحيطة بالمستشفى، وسط إطلاق ناري كثيف.

وأردفت: "أُصبنا بفزعٍ شديد لم نعرف ما يجري حولنا ولا إلى أن نذهب، وبقينا على هذا الحال إلى اليوم التالي، حتى سمعنا على الأخبار بوجود عملية عسكرية جديدة للشفاء المكتظ بآلاف النازحين والمرضى والكوادر الطبية".

وحفاظًا على سلامة عائلتها ارتأت "نسرين" الاحتماء بمنزل أحد الجيران كون منزلها يقع في طابق علوي _والكلام لها_ "نحن محاصرون منذ 4 أيام، ولا نستطيع الوقوف على النوافذ، أو التحرك بأريحية داخل المنزل، بسبب كثافة النيران والقصف المتواصل حولنا".

وتتواجد دبابات الاحتلال منذ الليلة الماضية على امتداد شارع منزلهم، يرافقه قصف مدفعي عنيف ما جعلهم يعتقدون أنهم المستهدفون، مشيرةً إلى أنّ القذائف والقنابل الحارقة طالت بيوت الجيران؛ ما تسبب باندلاع حرائق واسعة، "امتلأ المنزل بالدخان الكثيف، وانخنقنا ولم نعرف إلى أين نهرب فالنيران تُحاصرنا من جميع الجهات".

أما عن تفجير المبنى التخصصي في مستشفى الشفاء فجر اليوم، تُخبرنا "نسرين" أنّ جيش الاحتلال هدد النازحين داخل الشفاء عبر مكبرات الصوت وطالبهم بالإخلاء الفوري، ثم حدث التفجير، الذي نتج عنه دمار هائل في المكان، لافتةً إلى أنّ أبواب المنزل خُلعت من شدته، وتصاعد الدخان الكثيف في الأرجاء.

ولفتت إلى أنّ الاحتلال يمنع سيارات الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إلى المنطقة، مؤكدةً وجود جثث شهداء ملقاة على الأرض منذ أيام.

"ما جرى في كل الحرب بكفة، وما نعيشه حاليًا من رعب في كفة أخرى"، بهذه الكلمات أجابت "نسرين" حين سألتها مراسلتنا عن وصفها لما يجري حولهم منذ أيام، مسترسلةً: "كل المعطيات حولنا تشير إلى أننا ننتظر قدرنا، نحاصر بالنيران والدبابات من جهة، ونواجه خوف أطفالنا وصراخهم الدائم، بالدعاء وليس لنا حيلة إلا ذلك".

وأكملت: "طلبوا منّا التوجه إلى شارع الرشيد والنزوح إلى الجنوب باعتبارها أماكن آمنة، لكن السؤال كيف نخرج والآليات تُحاصرنا من كل جانب والطائرات لم تتوقف عن القصف، عدا عن الانتشار الواسع لطائرات "الكواد كابتر" في سماء المنطقة وعلى مسافات منخفضة"، مؤكدةً أن الاحتلال يستهدف كل من يتحرك في الشوارع.

بالإضافة لذلك كله، تتساءل السيدة "نسرين" بسخرية كيف يقولون إنّ الجنوب مناطق آمنة، ونحن نسمع يوميًا عن ارتكاب الاحتلال مجازر بشعة تُوقع شهداء وجرحى في صفوف النازحين والمدنيين هناك؟

وبالتوازي مع ما يحدث، تعاني العوائل المحاصرة في محيط الشفاء، نقصًا حادًا في الأكل ومياه الشرب، وعن ذلك تشرح لنا بصوتٍ يعتريه العجز: "كنّا مسبقًا نخرج لساعات وبالكاد نستطيع توفير قوت يومنا، لكن مع حصار المستشفى ومحيطه صرنا نقتات على فتات الخبز والزعتر".

وظهرت ملامح الإرهاق والتعب والخوف بشكلٍ كبير على ملامح بناتها، لكن لا تملك الأم "نسرين" إلا أن تهوّن عليهن بقراءة القرآن والدعاء، قائلة: "عاجزة عن فعل شيء لأجلهن، فأخبرهن بأن الله مطلّع وسيفرجها علينا، لكن بالتأكيد لو تُركنا هكذا سنموت جوعًا وخوفًا إن لم نمت من القصف".

ومنذ فجر الإثنين، يواصل جيش الاحتلال اقتحام المجمع الطبي، رغم وجود آلاف المرضى والجرحى والنازحين بداخله، وقد اعترف بإعدام 90 فلسطينيًا، واعتقال 160 آخرين من المستشفى بعد التحقيق مع 300 شخص.

وتعتبر هذه المرة الثانية التي يقتحم فيها الاحتلال مجمع الشفاء منذ بداية الحرب على غزة، إذ اقتحمته في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد حصاره لأسبوع، جرى خلالها تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعدات الطبية، بالإضافة إلى مولد الكهرباء.

كما اعتقل في حينه عددا من الطواقم الطبية والمرضى والنازحين، وسرق عددا من الجثامين من داخل المستشفى، ونبش بعض القبور في ساحاته.