الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

في مواجهة الغلاء وشح الغذاء.. أكلات "قرديحي" على موائد الغزيين في رمضان

حجم الخط
2076703890.jpeg
غزة - آلاء المقيد - وكالة سند للأنباء

بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه المدمرة منذ ستة شهور، يتوارد إلى ذهن كثيرين ممن هم خارج بقعتنا الجغرافية المحاصرة، تساؤلات كثيرة عن شكل الموائد الرمضانية في قطاع غزة هذا العام؟ وما هي البدائل أمام أرباب الأسر؛ في ظل نفاد السلع والمواد الغذائية من الأسواق، أو ارتفاع أسعار المتوفر منها بشكلٍ جنوني؟

يعيش الغزيون ظروفًا استثنائية خلّفتها الحرب، وتزداد قسوتها ووطأتها عليهم في شهر رمضان الفضيل، الذي حلّ عليهم وقد نالت منهم المعاناة الكثير، وبلغ الجوع مبلغه، لكنّهم لا يعرفون طريقًا لليأس، يسعون بكل السبل رغم محدوديتها؛ من أجل البقاء، وتوفير الطعام لأسرهم، بإعداد "أكلات كذابة" أو ما تُعرف بـ "وجبات قرديحي" أي بدون لحوم أو دسم.

مصطلح الأكلات "القرديحي" أو الكذابة، شاع صِيته بين الغزيين في الحرب التي أثقلت كاهلهم وأفقدت مئات الآلاف من المواطنين مصادر رزقهم، إذ باتوا يعتمدون لإعالة عوائلهم بشكلٍ رئيسي على المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى جنوب القطاع بكميات شحيحة، بينما يُحرم منها نحو 700 ألف مواطن لا يزالون يقطنون في شماله.

وفي هذا التقرير تسرد لكم "وكالة سند للأنباء" على لسان نازحين في جنوب القطاع، أصناف الأكلات التي يعدوّنها لموائد رمضان، بما هو متوفر لديهم من معونات وسلع غذائية، أو بعض ما يشترونه من الأسواق من خضروات وفق ما يُناسب قدراتهم الشرائية.

المقلوبة الكذابة وفطائر الخبيزة..

هبة عماد (42 عامًا) سيدة فلسطينية نزحت قسرًا رفقة أولادها الخمسة من مخيم الشاطئ غرب غزة، إلى مدينة رفح قبل نحو 3 شهور، تقول إنّ بهجة الموائد الرمضانية اختفت هذا العام، وأصبحت لا تحتوي إلا على صنف طعام أو صنفين، بعدما كانت تعرض أكلات متنوعة على السفرة في رمضانات سابقة.

وتضيف في حديثٍ مع مراسلتنا، أنّه وبسبب الحرب المدمرة وإغلاق المعابر، وتوقف مصدر رزق زوجها الذي كان يعمل موظفًا ببلدية غزة، أصبحت تُدبّر أمور عائلتها من المساعدات الإنسانية التي تُوزع عليهم بين فينة وأخرى في مراكز الإيواء، مشيرةً إلى أن غالبيتها عبارة عن معلبات.

وفي محاولة من الأم لكسر روتين أكلهم اليومي الذي اعتمدوه منذ أشهر ونزولًا عند رغبة أبنائها، طبخت لهم في الجمعة الأولى من شهر رمضان المقلوبة الكذابة، ما قصتّها؟ تُجيب: "ببساطة هي رز مع باذنجان وبطاطا وطماطم وبصل، من دون مرق أو لحوم حمراء أو دجاج".

وتصف هذه الوجبة بأنها "إفطار دسم" ومكلف جدًا، كما لو أنها أعدت مائدة بأصناف متنوعة، فالخضروات التي اشترتها لإعداد قِدر المقلوبة، ثمنها مرتفع جدًا في الأسواق، تصل إلى 10 أضعاف ما كانت عليه في السابق.

وتسترسل حديثها بسخرية: "لو قررت شراء دجاجة واحدة (في حال توفرت في السوق) لإضافتها على المقلوبة، يكون سعرها من 80 لـ 100 شيكل وبالتالي ستُكلفني الأكلة أكثر من 250 شيكلًا (..) كأننا في أوروبا هذا أمر غير معقول بالتأكيد".

أما بالنسبة للفطائر التي كانت تعدها العوائل الفلسطينية بحشوة السبانخ، أو اللحوم الحمراء والبصل، ابتدعت ضيفتنا طريقة أخرى لصناعتها، كانت قد نقلتها عن جاراتها اللواتي يجتمعن يوميًا حول فرن الطينة لإعداد الخبز.

وتردف: "بدلًا من السبانخ الذي يُباع الكيلو الواحد منه بـ 25 شيكلًا في أسواق رفح، أو اللحوم التي وصلت إلى سعر جنوني تجاوز الـ 120 شيكلًا للكيلو، قررت طبخ الفطائر بحشوة الخبيزة والبصل وحفنة سماق وكمية بسيطة من زيت القلي".

كما تستبدل هبة عماد اللحوم الحمراء، بمعلبات لحم اللانشون التي تقدمها الجهات الدولية والإغاثية العاملة في القطاع، وتشير إلى أنّها تُضيف "لحم اللانشون بعد تقطعيه إلى البصل، مع كمية من السماق والفلفل الأحمر، ويُصبح فطائر لحمة كذابة نقضي نفسنا منها".

وتقر ضيفتنا بأن هذه الأكلات المبتدعة من وحي الحرب، لا تعوّض المذاق الأصلي الذي اعتادوا عليه في "أيام العز"، لكنّه بديل معقول من وجهة نظرها؛ لمواجهة الغلاء وشح المستلزمات الغذائية في الأسواق.

صفيحة بـ "اللحمة المعلبة"..

واقع مشابه تعيشه ريهام علي (32 عامًا) التي نزحت رفقة زوجها وطفليهما إلى رفح، ففي كل يوم تزداد حيرتها تفكيرًا فيما ستعد على الإفطار لعائلتها، لكنها اهتدت إلى عدّة وصفات بديلة عما اعتادوا عليه قبل الحرب.

وتحكي: "لجأت لاستبدال اللحمة المفرومة، بلحمة "إكسترا" المعلبّة، لإعداد الصفيحة أو اللحم بعجين، وأنكّهها بمطيّبات كدبس الرمان، والكزبرة وصلصلة البندورة (معجون الطماطم)، وبالتأكيد هناك فرق بين المذاقين، لكنّه القِلة والغلاء عودتنا على أكلات جديدة قد تكون غير مستساغة في الوضع الطبيعي".

أما معلبات السردين التي توزع ضمن المساعدات الغذائية على النازحين، فتصنع منها طبق بحري عرّفته بـ "صينية سمك" لذيذة وغير مكلفة نوعًا ما، حيث "تصفّ السردين المعلّب في طبق مخلوطًا بالبصل والفلفل الأخضر وكمية من صلصلة البندورة وطحينية السمسم، وبهارات السمك"، مشيرةً إلى أنها من أكثر أكلات الحرب المحببة لأسرتها.

ولم تشهد "ريهام" حربا على غزة أشد قسوة من هذه الحرب، وتتابع: "حُرمنا من أكلات كثيرة، بسبب الغلاء الفاحش أو لنفاد وشح المواد الغذائية في الأسواق، لكن هذا لا يدفعنا للاستسلام (..) على مدار عقود نحن شعب نحب الحياة بالرغم من انعدام مقوماتها".

ومن الأكلات التي ابتدعها الغزيون خلال الحرب، صناعة الجبنة البلدية لوجبات السَحور، من الحليب الناشف مخلوطًا بالخل الأبيض بدلًا من أقراص الكالسيوم وقرص منفحة الجبن (يساعد على تخثر الجبن).

السمبوسك الذي يعد من المقبلات المفضلة في رمضان، أيضًا ضمن الأكلات التي لم يعجز الغزيون عن إعدادها، حيث نشرت الشيف ولاء يوسف على صفحتها بإنستغرام مقطعا مصوّرا يوضح طريقة إعداد السمبوسك المنزلي.

وتتكون عجينة السمبوسك من الطحين والنشا وزيت القلي والملح، وكمية من الماء الفاتر، بينما تُستخدم المعلّبات (البازيلاء والجزر، أو لحم اللانشون) كحشوة للسمبوسك البيتي.

بمحاذاة ذلك، وفي ظل تفاقم الأزمة الغذائية من شمال القطاع إلى جنوبه، تلجأ مئات الآلاف من العوائل الفلسطينية إلى المطابخ الخيرية أو ما تعرف اختصارًا بـ "التكيّة"، التي توفر الطعام يوميًا للنازحين واللاجئين والأهالي على حد سواء.