على وقِع صراخات المكلومين واستغاثاهم، كشف شروق شمس الأول من نيسان/ أبريل الجاري (اليوم الاثنين)، عن مشاهد صادمة، ومآسي ومجازر مروّعة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدار أسبوعين كاملين بحق الفلسطينيين العُزل الذين لجأوا إلى مجمع الشفاء الطبي والأماكن المحيطة به غرب مدينة غزة؛ بحثًا عن ملاجئ آمنة في ظل الحرب الدموية الدائرة منذ ستة شهور.
المشاهد القاسية التي تأتي تباعًا من مستشفى الشفاء، جاءت، بعد انسحاب جيش الاحتلال منها فجر اليوم، تاركًا خلفه جثامين العشرات ملقاة على الطرقات، وهياكل عظمية محروقة، وأخرى متحللة، إلى جانبٍ ما أحدثه من دمارٍ غير مسبوق في المستشفى.
وبحسب معطيات نشرها المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الاحتلال قتل قرابة 400 شهيد خلال حصار مستشفى الشفاء، فيما قال الدفاع المدني، إنّهم وجدوا في بنك الدم شهيدًا مكبّل اليدين أُعدم برصاصة مباشرة في رأسه، كما رأت طواقمه هياكل عظمية محروقة، وأخرى متحللة موجودة داخل أكياس.
وأكد شهود عيان لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ دمار العدوان الذي استمر لأسبوعين، أصاب كل زاوية في مستشفى الشفاء، تخلله إحراق عدة أبنية، وتدمير المعدات الطبية، بالإضافة لأعمال حفر وتجريف كبيرة جدًا ما جعل المستشفى خارج الخدمة تمامًا.
ولا يزال مئات الفلسطينيين يتوافدون لتفقد الدمار بمباني الشفاء، وسارعت بعض العائلات لإخراج مصابين ومرضى كانوا محاصرين داخل المستشفى، فيما هَرع آخرون إلى المكان بحثًا عن جثامين أقاربهم المفقودين منذ الحصار.
ومن وسط الكارثة الإنسانية المروّعة والمشاهد التي تُدمي القلب، التقط أحد المصورين عبارة كتبها الأطباء على جدران مستشفى الشفاء، في اليوم 11 من العدوان، جاء فيها: "صبرًا يا أهل الشفاء فإن فرجكم قريب".
ووثق مقطع مصوّر صرخات فلسطينية فجعت باستشهاد عددًا من أفراد عائلتها خلال العدوان الذي شنه جيش الاحتلال على مجمع الشفاء الطبي بغزة، حيث كانت تصرخ بصوتٍ مفجوع: "بكفو اللى راحوا يا ربي.. 4 شهور وابني تحت الردم مش عارفة أطلعه".
ومن بين الركام الجثامين المتحللة المتناثرة في ساحة المستشفى، كانت سيدة تبحث عن نجلها الشهيد وتردد: "نفسي أشوفه بدي ألملم عظامه وأوخذها عندي"، بينما انهار مواطن باكيًا: "كلهم راحوا فيش حدا حيلتي".
بينما ظهرت سيدة فلسطينية أخرى تحاول تصبير الأهالي وتثبيتهم خلال تفقدهم مجمع الشفاء، حيث كانت تحكي بأعلى صوتها: "حسبنا الله ونعم الوكيل، "والله غير الله ينصرنا".
هذا وقد أثارت هذه المشاهد، موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي على المستوي المحلي والعربي، حيث وصف رواد ما جرى بـ "إجرام لا مثيل له في أي مكانٍ آخر"، فيما عبّر آخرون عن حزنهم العميق للحال الصعب الذي عاشه المحاصرون وذويهم طوال الأسبوعين الماضيين.
فقد علّق الصحفي صالح الناطور على الدمار الهائل الذي أحدثه الاحتلال في مستشفى الشفاء بالقول: "مستشفى الشفاء بناه العالم أجمع لا يوجد فيه مبنى أو قسم أو سرير أو حتى باب أو مسمار إلا وساهمت دول ومنظمات إنسانية وإغاثية من كل العالم في تشييده وإحضاره.. أحرقوا تاريخ عمره أطول من عمر النكبة ودفنوه تحت التراب".
أما إيمان مصطفى، فقد أرفقت على حسابها بفيس بوك صورة تُظهر حجم الدمار في الشفاء، قائلةً: "هكذا يكون صباح الفـاجعة، مستـشفى الشفاء أو ما تبقى منه! هذه الرمال التي يتجمع الناس فوقها يبحثون عن بقايا جثاميـن الشهـداء، كل صورة خرجت كانت فـاجعة".
كتب الكاتب المصري يوسف الدموكي: "هكذا ترك الاحتلال مستشفى الشفاء ومحيطه، والله إن هذا لهو العلوّ الكبير، كيف عاث في الأرض فسادًا بتلك الدرجة؟! لقد ترك مئات الجثث خلفه هياكل عظمية متفحمة!".
وتابع في منشوره: "ثم يأتي البعض ويصافحه، أو يطبع معه، أو "ينسّق" معه، أو "يتعايش" معه، أو يفتح له سفارةً، أو يمرر له بضاعةً، أو يطبّل لمن أعانوه وتعاونوا معه، أو والوه وخانوننا معه، أو تواطؤوا على ذلكم معه! والله والله والله.. لن تترككم لعنة غزة حتى تذيقكم العذابين؛ من خزي الدنيا وسعير الآخرة!
هذا وقد غرد الداعية أحمد النفيس قائلًا: "ما حدث في مجمع الشفاء الطبي ومحيطها يندى له الجبين ويعجز الكلام عن وصفه، وينذر بعقوبةٍ إلهية توشك أن تقع على رأس الأمة البكماء، ولا ينبغي لمسلمٍ أن يمرّ على هذه الفواجع دون أن يتحرّك فيه حرقةٌ وغضب".
ما حدث في #مجمع_الشفاء_الطبي ومحيطها يندى له الجبين ويعجز الكلام عن وصفه، وينذر بعقوبةٍ إلهية توشك أن تقع على رأس الأمة البكماء، ولا ينبغي لمسلمٍ أن يمرّ على هذه الفواجع دون أن يتحرّك فيه حرقةٌ وغضب !!
— أحمد بن عبدالعزيز النفيس (@ahmad_alnufais) April 1, 2024
عزاؤنا أن الشِدة كلما استحكمت انكسرت، وأن الوعيد قد نزل بيهود في قرآنٍ محفوظ
بينما جاء في تغريدة الناشطة الإعلامية هدى نعيم: "لم يكن جيش احتلال الذي مر! إنما تتار العصر مروا من هنا! جنود قد ضمنوا أنه لن يتحرك أحد ولن يوقفهم أحد وأن كل شيء مستباح! حرقوا مجمع الشفاء الطبي بشكل كامل! قتلوا جرحى ودفنوهم مكبلي الأيدي! نبشوا القبور! حاصروا الأطفال والنساء والمرضى حتى مات البعض جوعاً ومرضاً".
لم يكن جيش احتلال الذي مر!
— هدى نعيم Huda Naim (@HuDa_NaIm92) April 1, 2024
إنما تتار العصر مروا من هنا!
جنود قد ضمنوا أنه لن يتحرك أحد ولن يوقفهم أحد وأن كل شيء مستباح!
حرقو مجمع الشفاء الطبي بشكل كامل!
قتلو جرحى ودفنوهم مكبلي الأيدي!
نبشو القبور!
حاصروا الأطفال والنساء والمرضى حتى مات البعض جوعاً ومرضاً! pic.twitter.com/ccgHjcXW0l
يُذكر أن مستشفى الشفاء هو الأكبر في قطاع غزة، ويتكون من عدة مباني أهمها قسم الجراحات التخصصية، وهو الوحيد الذي تجرى فيه العمليات المعقدة للمرضى في كل قطاع غزة، خاصة الحالات التي صعب خروجها لتلقي العلاج خارج القطاع.
استيقظت غزة على فاجعة كبيرة جداً بعد انسحاب قوات الارهاب الإسرائيلي من مجمع الشفاء ومحيطها غرب مدينة غزة، والكشف عن عدد كبير من جثت الشهداء مُلقاة في الطرقات، مجازر ارتكبتها "إسرائيل " بحق عائلات كاملة في المنطقة ،جثث متحللة وجثث محروقة واخرى تم دفنها ، والمجمع الطبي وهو الأكبر… pic.twitter.com/j6T8boaBAj
— Tamer | تامر (@tamerqdh) April 1, 2024
#محرقة_الشفاء
— Sahar Ghaddar (@sahar_ghaddar) April 1, 2024
ما عدنا نعرف أيّا جريمة هي جريمة العصر وأيا فعل هو الأصعب.. بس حتماً فكرة انو الإسرائيلي يحرق مباني مجمع الشفاء الطبي بمن فيها وحتى الآن عثر على اكثر من ٣٠٠ جثة متحللة هو شي صعب العقل يحمله.
pic.twitter.com/be92o9ChHO