الساعة 00:00 م
الثلاثاء 30 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالصور "طلاب متقاعدون نسير نحو المجهول".. حربٌ أخرى تفتك بالطلبة في قطاع غزة

حجم الخط
مدرسة مدمرة -غزة.jpg
غزة – وكالة سند للأنباء

في مثل هذا الوقت من كل عام، يَعُدّ الطلبة في قطاع غزة الأيام القليلة المتبقية لإكمال المنهاج الدراسي والاستعداد للاختبارات النهائية، لكن هذا العام بات مختلفاً بعد أن أودت الحرب الإسرائيلية بمستقبل الطلبة وقذفت بهم نحو المجهول، وسط دوامة من الخوف والتساؤلات، أما عن الطلبة فيصفون حالهم "نحن طلاب متقاعدون، نسير للمجهول ولا ندري أين سنكون".

"طلاب متقاعدون"..

تتبادل سارة القلازين، الطالبة في الصف الثالث الإعدادي، أطراف الحديث وبعضاً من التساؤلات مع شقيقتها التي تكبرها بعام، مستذكرةً ما تبقى من ذكريات حول المدرسة والحياة الطبيعية.

تصف "سارة" حالها كطالبة "نحن الآن بمثابة طالب متقاعد استقال من الدراسة، والمدرسة التي كنا فيها غير صالحة للدراسة ومليئة بالنازحين والخيام".

مركز إيواء نازحين.jpeg
 

وتلفت "سارة" النظر إلى أن الموازين اختلفت، إذ أصبحت المدارس مأوىً للنازحين وممتلئة بالخيام وتهدم جُلُّها، إلى جانب نزوح عشرات آلاف الطلبة واستشهاد آخرين، بينما ارتقى أكثر من مائتين من الكوادر التعليمية في القطاع.

وبنبرة أسى وقلة حيلة، تعبر ضيفتنا بامتعاضٍ عن الحال الذي وصل إليه الطلبة والذي كان آخره حرق الكتب المدرسية لإشعال نيران الطهي في ظل الأزمات المتتالية، واصفةً المشهد "كأني أحرق مستقبلي أمام عيني".

وتوقعت "القلازين" أن يكون واقع الدراسة صعبا جداً؛ مستدركة "ممكن نجبر على حالنا ندرس علشان مستقبلنا"، حاملةً هماً كبيراً من الحالة النفسية للطلبة حينئذ والتي ستُفضي إلى تدني التحصيل العلمي.

وتطرح ضيفتنا العديد من التساؤلات "هل سنعيد العام الدراسي؟ هل انقضت سنة من أعمارنا هباءً بلا شيء؟ هل سنكمل المسيرة التعليمية بشكل طبيعي، وإذا حصل هذا مَن سيدرسنا وهل سنلتقي بزميلاتنا"؟

مستقبل مجهول..

وهذه الطالبة المتفوقة على مدار سنواتها شذا أبو ركاب، تبدي حزنها بعد أن أطفأت نيران الحرب شغفها في دراسة عامها الحادي عشر الفرع العلمي، مبينةً "نحن الآن أمام مستقبل مجهول، والله يعلم كم سيضيع من أعمارنا وكم ستفوتنا سنوات أيضاً".

ولا يختلف حال الشاب وسيم الحميدي عنهم، فلم يمضِ على دراسة أول فصل جامعي له إلا أياماً معدودة، حتى كدرت الحرب جمال البدايات والعزيمة المتقدة.

يقول "وسيم" الذي كان من المقرر أن يدرس المحاسبة في جامعة الأقصى، "إن الحرب أودت بنا لطرق مختلفة بعد أن دمرت مستقبلنا(..)، فأصبحنا الآن نسأل كيف سنعيش؟ بعد أن كنا نقول ماذا سنأخذ في محاضرتنا غداً!".

تفجير جامعة الإسراء.jpg
 

ويصف لمراسلتنا حُرقته "ذبحتنا الحرب، فلم تُضيع عاماً من أعمارنا فحسب، بل دمرت جامعتي وباقي الجامعات وقضت على مستقبلنا بالكامل، وأصبحنا نتحين فرص الدراسة خارج غزة بعد أن كنا أمام جامعات قوية داخل القطاع".

التسرب المدرسي..

ولم تقتصر أزمة التعليم جراء الحرب الطاحنة على ضياع العام الدراسي فحسب، بل ستكون عاملاً أساسياً في ارتفاع نسب التسرب من المدارس حال انتهاء العدوان، والمرور بمرحلة كبيرة من الضغط النفسي والعملي.

يقول المُعلم محمود أبو عودة إن هذه الحرب تختلف عن سابقاتها من جميع النواحي وفي مقدمتها المدة الزمنية التي امتدت هذه المرة لأكثر من ستة شهور، ما سيؤدي لازدياد نسبة التسرب من المدارس بواقع 18% مقارنةً بحرب 2014 التي كانت نسبة التسرب بعد 51 يوماً، 3% بحسب دراسة أجرتها المؤسسة اليابانية ccp آنذاك.

ويشير "أبو عودة" إلى أن الحرب المستمرة حتى اللحظة، غيبت مصادر العلم باستهداف الوزارات والجامعات، التي تعد مكاتبها أهم المراجع الأولى في وضع المنهاج.

أما بعودة الطلبة إلى المدارس بعد انتهاء الحرب، يبيِّن "أبو عودة" لـ"وكالة سند للأنباء"، أن المعلمين سيتعرضون لضغط كبير في كيفية التعامل مع الطلاب المدمرين نفسياً واجتماعياً، ما سيؤثر على تحصيلهم الدراسي في ظل غياب صورة واضحة حول المنظومة التعليمية.

ويستذكر ضيفنا تأثير تجربة أزمة "كورونا" التي تسببت بفجوة في أساليب التعليم الإلكتروني وكيفية ربط الطالب بالمنهاج الذي لم يحصل فيه على التأسيس المناسب، وفي حين لجأ الطلبة إلى التعليم الإلكتروني حال انتهاء الحرب، سيكون ذلك بعد مدة زمنية ليست بالقصيرة في ظل أزمات الاتصال والكهرباء والإنترنت التي خلفتها الحرب.

وعلى صعيد آخر، يضعنا الأستاذ "أبو عودة" في صورة اختلاف سلوكيات الأطفال التي حرمتهم الحرب عمرهم الحقيقي وحياتهم الطبيعية التي تستحقها أعمارهم، كما مالت سلوكياتهم إلى العنف، جراء مجاراتهم أساليب الحياة الصعبة التي فرضتها الحرب.

مدارس غزة.jpg
 

أعداد تتزايد..

بدوره، يتحدث مدير مديرية التعليم في مدينة رفح أحمد لافي في تصريحات سابقة، عن مستقبل العملية التعليمية، مؤكداً أن "الصورة قاتمة، ولا يمكن أن يتنبأ أحد بمستقبل واقع العملية التعليمية إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها تماما".

ويضيف "لا يمكن تصور ما سيكون عليه التعليم وجميع المدارس يشغلها النازحون، أو تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي جراء الاستهداف الإسرائيلي".

ويعتقد "لافي" أن الخطر الأكبر يعصف بطلبة الثانوية العامة الذين لم يجلسوا على مقاعد الدراسة سوى شهر واحد فقط، و"هؤلاء مستقبلهم مجهول، كونهم يتقدمون لامتحانات موحدة على مستوى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس".

وفي مطلع أبريل/ نيسان الجاري ذكرت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في تصريحات صحفية أن عدد الطلبة الذين قضوا في قطاع غزة منذ بداية الحرب وصل إلى أكثر من 5994 شهيداً و9890 جريحاً، بينما ارتقى 266 في قطاع غزة من الكادر التعليمي وما لا يقل عن 970 أصيبوا أثناء العدوان.

وأظهرت صور للأقمار الصناعية أن ما لا يقل عن 53 مدرسة قد "دمرت بالكامل" منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتشير نتائج بعض التقارير التي أعدتها "اليونيسيف" إلى أن ما لا يقل عن 167 مدرسة أخرى قد تعرضت لأضرار يرجح أن تكون شديدة، فيما تشير إلى أن أكثر من 80% من جميع المدارس في قطاع غزة قد تضررت بشكل من الأشكال، حتى نهاية مارس/ أذار الماضي.

وهنا سؤال يطرح نفسه، إذا كانت ركائز هرم "ماسلو" الأساسية "الفسيولوجية والحاجة إلى الأمان" مفقودة، فكيف سيفكر الطلبة والمعلمون والأهالي في احتياجات تحقيق الذات والتعليم؟