الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالفيديو والصور نازحون يحولون الجدار مع مصر إلى لوحات تعبر عن جحيم الحرب

حجم الخط
فنان.jpeg
رفح- تامر حمدي/ وكالة سند للأنباء:

بين الرسم وخط العبارات الشهيرة والعزف على الناي لأشقائه وجيرانه يقضي طالب الهندسة ياسر الأستاذ يوميات الحرب الإسرائيلية على غزة.

ويتوشح الجدار الإسمنتي الفاصل بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية، مئات الرسومات والجمل والرسائل الفريدة التي تعبر عن معاناة وأوجاع النازحين الفلسطينيين.

صمود وتألق

وحوّل شبان وفتيات الجدار الاستمني إلى لوحات تعبر عن صمود وتألق الفلسطينيين في وجه الظروف القاسية الناتجة عن الحرب الإسرائيلية المروعة على القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة.

ويواصل الطالب الجامعي ياسر الأستاذ (22 عامُا) شغفه بالرسم والكتابة على الجدار الأسمنتي يوميًا مستعينا بالفحم المتبقي من طهي الطعام، بعدما فقد منزلة ومكتبته التي كانت تحتوي على أدوات الرسم والكتابة وأرشيفه الفني منذ أن كان طفلا يافعا.

ويعيش الأستاذ الذي يدرس في كلية الهندسة في السنة الأخيرة في خيمه مع أسرته المكونة من 7 أفراد قرب الحدود مع مصر منذ أربعة أشهر تقريبًا.

ويقول الأستاذ لمراسل وكالة سند للأنباء: إن ما يخطه من رسومات وجمل تحاكي أوضاع القطاع وتحمل رسائل صمود ورسائل وطنية كما أنها تعكس جمال الفن وعمق الإنسانية.

ويضيف أن اللوحات سواء التي رسمها أو خطها أقرانه تجسد تاريخ الشعب الفلسطيني، وقصة صمودهم وإرادتهم في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.

ويتابع "هناك كثير من الرسومات ورسائل الصمود المكتوبة على الجدار من رسامين نازحين كُثر وأنا أخذت منهم افكارا جديدة وتعلمت من تجاربهم السابقة".

ويؤكد الشاب الفلسطيني أن هذه اللوحات رغم بساطتها ليست مجرد تعبير فني، بل هي صرخة واضحة تطالب بالعدالة والسلام.

وقال إنها "تجسد روح الصمود والأمل الذي ينبض في قلوب شباب فلسطين، الذين يرفعون فنهم كسلاح للتخلص من نير الاحتلال".

وصنع الشاب الفلسطيني آلة ناي جديدة بعد أن فقد العود والناي وكل ذكرياته بعدما دمر جيش الاحتلال منزل عائلته في بيت لاهيا شمال القطاع في بداية الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ويوضح أنه يعزف على تلك الآلة في بعض الأوقات لأشقائه وجيرانه والمارة وأحيانا للجنود المصريين الذين يحرسون الحدود من الجهة المصرية إضافة إلى العائلات التي أصرت على إقامة أفراح أبنائها وبناتها رغم محنة الحرب.

مشاهد متنوعة

وعلى طول الحدود البالغة 13 كيلو متر، تتنوع المشاهد من صور للشخصية الفلسطينية الشهيرة حنظلة وأخرى تعبر عن وجع الحرب ومعاناة النازحين وخلفها يسير جنود مصريون لتأمين تلك الحدود.

كما يكتب النازحون على الجدار الأسمنتي عبارات تضامن ومؤازرة مع أهالي المفقودين، إضافة إلى رسائل تستفسر عن مصير العائلات وأحبائهم الذين قد يكونون ضحايا أسفل المنازل التي قصفها الطيران الحربي الإسرائيلي.

متنفس ورسائل

تقول الطفلة شهد شرف (14 عامًا): "بسبب عدم وجود كهرباء أو إنترنت وجدنا في الحدود متنفسا للعلب والتعبير عما يجول بخاطرنا".

وخيمة عائلة شرف لا تبعد عن الجدار الأسمنتي سوى بضعة أمتار ويقض معظم أفراد العائلة الكثير من الوقت هناك بسبب الحياة البائسة التي يعيشونها بعد تهجيرهم قسرا عن منازلهم في مدينة غزة.

وتوضح الطفلة شرف أنها وجدت في الجدار متنفسًا للعلب واستعادة روح الكتابة وتحسين خطها إضافة إلى قراءة رسائل الآخرين وكتابة رسائل لأصدقائها.

وتشير إلى أنها تشعر بالارتياح عندما تخط بالفحم أبيات شعر شهيرة مثل "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" التي كتبها الشاعر الراحل محمود درويش في إحدى قصائده، وتقول "لما بكتب بحس أنني ارتحت وشيء كان ضاغطا على نفسي وانزاح".

وتتشارك الطفلة شرف الهواية مع صديقتها غزل أبو ركبة التي كتبت بخط الرقعة "سوف نبقى صامدين على نهج رسولنا"، بينما كان أقرانها يتحدثون مع الجنود المصرين خلف الجدار.

  تقول أبو ركبة 13 عاما "ما نكتبه هنا مجرد تفريغ للكبت والمعاناة التي نعيشها. كل يوم يأتي نقرأ رسائل جديدة على الجدار ونكتب رسائل أخرى".

وتضيف "عندما نعود إلى منازلنا ستبقى كتابتنا تعبر عن هول الحرب الإسرائيلية والمجازر الأبشع في التاريخ الحديث، وكل من يشاهدها سوف يعلم أن الشعب الفلسطيني صامد ولم يستسلم في وجه مغول العصر الحديث إسرائيل".

ويبقى هذا الجدار الأسمنتي الذي تحول إلى لوحات فنية على مدار 193 يوما من الحرب رمزًا للتحدي والصمود، وذكرى لقدرة الفن على تحويل القسوة إلى جمال والحرب إلى سلام، ورسالة واضحة للعالم بأن الفن ليس فقط للتزيين، بل للتأثير والتغيير أيضًا.