الساعة 00:00 م
الخميس 04 يوليو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.8 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.06 يورو
3.77 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

غزة.. حرب "إسرائيل" العدوانية تطال الأجنة في بطون أمهاتهم

استشهد واحد من بين كل 10 مراسلين في قصف إسرائيلي

ترجمة خاصة.. حرب غزة الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين

حجم الخط
الصحفيين.webp
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

قال تحقيق صحفي إن حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة تمثل الصراع الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين في ظل استشهاد صحفي واحد من بين كل 10 مراسلين عاملين في القطاع جراء القصف الإسرائيلي.

وأجرى التحقيق منظمة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية"، الذي يقوم على تعاون يضم 50 صحفيًا من 13 منظمة إقليمية دولية.

وأبرز التحقيق أن الصحفي سلمان بشير مراسل تلفزيون فلسطين، كان يغطي الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة لمدة شهر عندما استشهد زميله الصحفي محمد أبو حطب في غارة إسرائيلية.

حينها ألقى بشير بسترته التي تحمل كلمة "صحافة" على الأرض من شدة الألم أثناء البث المباشر، قائلا: “نحن ضحايا على الهواء مباشرة”.

واستشهد أبو حطب، الذي كان يعمل مراسلا في تلفزيون فلسطين، في نوفمبر/تشرين الثاني في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة في غارة إسرائيلية دمرت منزله وقتلت 11 من أفراد عائلته.

وهو من بين أكثر من 150 صحفيا قتلوا خلال الأشهر التسعة من الحرب، مما يجعلها الصراع الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين - حتى أكثر من الحرب العالمية الثانية، التي استمرت ست سنوات.

انقلاب حياة الصحفيين في غزة

عندما شنت دولة الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة على غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول، انقلبت حياة الصحفيين في قطاع غزة رأساً على عقب. ولم يتوقع أحد حجم الخسارة والألم الذي سيتبع ذلك.

على مدى أربعة أشهر، تعاونت منظمة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية " (أريج) مع 13 مؤسسة إخبارية أخرى للتحقيق في عمليات القتل والإصابة والاعتقال والتهديد التي تعرض لها الصحفيون الفلسطينيون وتدمير مكاتب وسائل الإعلام في غزة.

كما حققنا أيضًا في الاعتداءات على الصحفيين في الضفة الغربية.

ورغم انقطاع الاتصالات، أجرى التحالف الإعلامي مقابلات مع 120 شاهداً في قطاع غزة والضفة الغربية، واستشار حوالي 25 خبيراً ومحللاً في مجال الأسلحة.

وبحسب التحقيق فإنه من الصعب تحديد العدد الدقيق للصحفيين الذين قتلوا، حيث تقوم العديد من المنظمات بجمع المعلومات بشكل مختلف، لكنها تتفق جميعها على أن الرقم قياسي.

وقد وثّقت لجنة حماية الصحفيين، ومقرها نيويورك، استشهاد 102 مراسلًا فلسطينيًا وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام حتى 25 يونيو/حزيران، مما يجعل هذه الحرب الأكثر دموية للصحفيين في جميع أنحاء العالم منذ أن بدأت المنظمة في جمع البيانات في عام 1992.

وقال كارلوس مارتينيز دي لا سيرنا، مدير البرامج في لجنة حماية الصحفيين إن الصحفيين قُتلوا أثناء محاولة الحصول على الطعام وأثناء استراحتهم في خيمة وأثناء تغطيتهم لآثار التفجير".

وتقول نقابة الصحفيين الفلسطينيين، إن 10% من الصحفيين في غزة استشهدوا وأصيب عشرات آخرين بجروح، مؤكدة أنه "يجب حماية الصحفيين في كل مكان، بغض النظر عن البلد الذي يعملون فيه".

وبحسب التحقيق استشهد الغالبية العظمى من الصحفيين - 89 - في الغارات الجوية. كما استشهد ما لا يقل عن 16 منهم أثناء عملهم، وما لا يقل عن 56 منهم في منازلهم، وفي أغلب الأحيان قضى أفراد من عائلاتهم معهم.

ورغم أن أغلبية الشهداء كانوا من الرجال، إلا أن 12 من الصحفيين على الأقل كانوا من النساء، وفق ما داء في التحقيق.

تحريض إسرائيلي

أبرز التحقيق تعرض الصحافيين في قطاع غزة لحملات تشويه وتحريض من الجيش الإسرائيلي لمحاولة تبرير استهدافهم.

في المقابل تقول لجنة حماية الصحفيين إنها واثقة من أن كل اسم مدرج في قائمة الضحايا هو صحفي، وتؤكد "أنهم يمارسون الصحافة، ولا يشاركون في التحري".

وأضافت "سنصف الدعاية الإسرائيلي بأنها تشويه وتحريض، لأن هذا هو ما يفعله جيش الدفاع الإسرائيلي تقليديًا عندما يقتل صحفيًا".

وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي معروف بتشويه سمعة الصحفيين من خلال وصفهم بالمحرضين دون دليل، وأنه خلال 30 عاما من عمل اللجنة لم يضطروا أبدا إلى إزالة اسم من قوائمهم استنادا إلى معلومات قدمها الجيش الإسرائيلي.

وقالت إيرين خان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير، إن "إسرائيل" لم تقدم أدلة عندما وجهت اتهاماتها إلى الصحفيين.

وأضافت "لم يكتف الإسرائيليون بنشر معلومات مضللة حول ارتباط الصحفيين بالمسلحين، ولكنهم لم يقدموا في الواقع أدلة كافية على مدى الرعاية التي يتخذونها لتجنب استهداف الصحفيين، لذا فقد فشلوا من كلا الجانبين."

وقال العشرات من الصحافيين إنهم يعتقدون أنهم مستهدفون من قبل الجيش الإسرائيلي. ويخشى كثيرون منهم ارتداء سترات وخوذات صحافية.

ويخشى المحيطون بهم أن يتعرضوا للأذى بسبب ارتباطهم بهم، مما يجعل من الصعب على بعض الصحافيين استئجار شقة أو الحصول على وسائل نقل، وهو أمر صعب بالفعل في ظل الحرب.

وقال أحد الصحافيين إنه يقتصر زياراته على زوجته وأطفاله، الذين يعيشون منفصلين أثناء قيامه بعمله، خوفا من أن يشكل وجودهم معه خطرا عليهم.

وقال سامي برهوم، مراسل قناة TRT عربية: “كنت أنا والمصور في مهمة.. أصابتنا قذيفة مدفعية بشكل مباشر”. وتعرض طاقم القناة الإخبارية لهجوم في أبريل/نيسان في مخيم النصيرات للاجئين. ويعتقد أنهم تعرضوا للهجوم لأنهم صحفيون.

فيما قال مصوره سامي شحادة الذي أصيب في الهجوم: “لماذا نرتدي السترات الصحفية؟ لماذا نرتدي الخوذات؟ حتى يتمكنوا من استهدافنا؟ وأدلى بهذه التصريحات من سريره في المستشفى قبل بتر ساقه.

ومنذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول، قدمت منظمة مراسلون بلا حدود ثلاث شكاوى إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الصحفيين".

وشملت الشكاوى حالات أكثر من 20 صحافياً فلسطينياً استشهدوا في هجمات للجيش الإسرائيلي خلال الحرب.

وقالت المنظمة إن لديها أسبابا معقولة للاعتقاد بأن بعض هؤلاء الصحفيين قُتلوا عمداً وأن آخرين كانوا ضحايا هجمات متعمدة شنها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين".

وتحقق لجنة حماية الصحفيين في أكثر من 500 حادثة تتضمن استهدافًا مشتبهًا للصحفيين من قبل القوات الإسرائيلية.

وقبل خمسة أشهر من الحرب، وفي ذكرى مقتل الصحافية المعروفة في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، نشرت لجنة حماية الصحفيين تقريراً بعنوان " نمط قاتل "، وثّقت فيه ما لا يقل عن 20 حالة قتل فيها صحافيون على يد القوات الإسرائيلية على مدى السنوات الـ 22 الماضية.

وقالت خان، المقرر الخاص للأمم المتحدة إن “هناك تاريخ من الإفلات الإسرائيلي من العقاب في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

استهداف المؤسسات الإعلامية

وثقت نقابة الصحفيين الفلسطينيين 73 مؤسسة إعلامية تعرضت للتدمير الجزئي أو الكلي من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب على غزة.

وكشف التحقيق أن الجيش الإسرائيلي أدلى بتصريحات كاذبة عقب انفجار في مقر وكالة فرانس برس في غزة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

وحصل المراسلون على مقطع فيديو للهجوم على مكتب الوكالة في أطول برج في غزة، على بعد بضعة مبانٍ، في نفس اليوم. وكان لدى كلا المكتبين كاميرات بث مباشر.

وبحسب نتائج التحقيق، فإن القذائف التي أصابت مكاتب وسائل الإعلام كانت قذائف أطلقتها الدبابات الإسرائيلية.

وقالت خان: "حيثما توجد احتمالات قوية لارتكاب جريمة حرب، فمن الواضح أن البث المباشر يصبح دليلاً حاسماً".

في فبراير/شباط، دُمر مقر دار الصحافة، وهي منظمة غير ربحية تدعمها حكومتا النرويج وسويسرا، على الرغم من إخطار الجهات المانحة للجيش الإسرائيلي بموقع المبنى.

وكان أحد أصدقاء مؤسس دار الصحافة بلال جاد الله يقيم هناك مع عائلته حتى أواخر يناير/كانون الثاني.

وشهد جاد الله إطلاق دبابة النار مباشرة على المبنى، وكان مقتنعاً بأنهم كانوا يستهدفون دار الصحافة. ​​فأخلوا المبنى، وبعد فترة وجيزة، هُدم بالكامل. (استشهد جاد الله نفسه بقصف دبابة إسرائيلية في نوفمبر/تشرين الثاني).

وقال مارتينيز دي لا سيرنا من لجنة حماية الصحفيين: "ليس من السهل أن ترتكب خطأ، فإسرائيل تعرف كل شيء عن غزة".

وهذه ليست المرة الأولى التي تدمر فيها إسرائيل مكاتب إعلامية خلال حرب غزة.

ففي عام 2021، قصفت إسرائيل برجًا يضم وكالة أسوشيتد برس وقناة الجزيرة - وهما اثنتان من أكثر من 20 وسيلة إعلامية دمرت مكاتبها في الحرب في ذلك العام.

وقال مارتينيز دي لا سيرنا: " إننا نرى هذا كجزء من نمط الهجوم الإسرائيلي المستمر على الصحافة".

فيما أكدت خان أنه "وفقًا للقانون الإنساني الدولي، فإن البنية التحتية للإعلام هي بنية تحتية مدنية، لذا فإن استهدافها قد يكون جريمة حرب محتملة".

الطائرات بدون طيار ترى تقتل

في وقت سابق من العام الجاري، قال مراسل الجزيرة أنس الشريف: "تم استهدافنا بشكل مباشر من قبل طائرات استطلاع بدون طيار" في هجوم أثناء عملنا في منطقة تل الزعتر شمال غزة.

وأضاف الشريف أنه تلقى تهديدات إضافية عبر الهاتف من الجيش الإسرائيلي.

وحتى قبل الحرب الأخيرة، كانت الطائرات الإسرائيلية بدون طيار تحلق باستمرار فوق غزة، لجمع المعلومات وإجراء المراقبة. يطلق عليها السكان المحليون اسم "زنانة"، وهي كلمة عربية لوصف الصوت الطنان الذي تصدره.

وقال خليل ديوان، المحامي والباحث في استخدام الطائرات بدون طيار في جامعة لندن، إن الجيش الإسرائيلي "يضرب أهدافه بدرجة عالية من المعرفة بمن يقتله".

وأضاف أن الطائرات بدون طيار تحدد أهدافها بدقة، بناءً على المعلومات التي يتم جمعها من الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي والبث المباشر وتحديد الموقع إذا تم تنشيطها على الهواتف.

كما هو الحال مع الحس البشري، تحتوي الطائرات بدون طيار على أجهزة استشعار تسمح لها بالسمع والرؤية، مع نقل البيانات المجمعة إلى محطة أرضية.

وقال ثلاثة خبراء إن الطائرات بدون طيار الإسرائيلية لديها أجهزة استشعار قوية بما يكفي لتمكين مشغل الطائرة بدون طيار من رؤية سترة الصحافة.

وبحسب التحقيق فإنه منذ بدء الحرب، تعرض ما لا يقل عن 20 صحفيا وعاملا في وسائل الإعلام لهجمات بضربات دقيقة من المرجح أنها أطلقت من طائرات بدون طيار. وكان سبعة على الأقل يرتدون سترات الصحافة التي تحدد هويتهم كصحفيين.

وقال مارتينيز دي لا سيرنا "إن الصحفيين الذين يقتلون بواسطة طائرات بدون طيار يشكلون أولوية بالنسبة لنا، ويجب التحقيق في ذلك بعناية شديدة".

وفي خضم القصف الإسرائيلي المستمر، تحولت أحياء غزة إلى أنقاض، ويلوح خطر المجاعة في الأفق، خاصة في الشمال، حيث لا يُسمح بدخول المساعدات الكافية.

وكان الصحفيون الفلسطينيون، المحاصرون إلى جانب جميع سكان غزة، أساسيين في إعلام العالم بما يحدث في الحرب، خاصة في ظل الحظر الذي تفرضه "إسرائيل" على دخول وسائل الإعلام الأجنبية إلى قطاع غزة.

ومن بين 213 صحافياً من غزة استطلع التحقيق آراؤهم في يونيو/حزيران، قال 59 منهم إنهم أصيبوا خلال الحرب.

وقال ثلث المشاركين البالغ عددهم 213 إنهم فقدوا أفراداً من عائلاتهم، بما في ذلك 49 شخصاً فقدوا أحد أفراد عائلاتهم المباشرة، و11 شخصاً قالوا إن واحداً أو أكثر من أبنائهم استشهدوا في الحرب.

وكان هناك خمسة صحفيين فقدوا 40 فرداً من عائلاتهم أو أكثر. وبلغ العدد الإجمالي لأفراد الأسرة الذين فقدهم جميع الصحفيين الذين شملهم الاستطلاع 661 شخصا.

وقد نزح جميع الصحفيين من منازلهم. ونصفهم نزحوا من منازلهم خمس مرات على الأقل، وأربعة منهم نزحوا عشرين مرة أو أكثر.

ويعيش ما يقرب من نصف الصحفيين في الخيام، في وقت تعرضت منازل 183 صحفياً للتدمير الجزئي أو الكلي. وفقد مائة وخمسة وتسعون صحفيا المعدات المستخدمة في إعداد التقارير، وفقد 100 شخص وظائفهم.

أحد جوانب خسائر الحرب التي يصعب قياسها بالأرقام هو الجمع بين القدرية والتفاني بين الصحفيين.

كتب رشدي السراج، الصحفي الذي كان يدير شركة إعلامية مستقلة عملت لصالح بي بي سي وصحيفة لوموند، في 13 أكتوبر/تشرين الأول على فيسبوك أنه ينوي تحدي أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء مدينة غزة.

كان السراج كتب في منشوره "لن نرحل.. وإذا رحلنا سنذهب إلى السماء، وإلى السماء فقط".

وبعد تسعة أيام، استشهد السراج في غارة جوية إسرائيلية على منزله في حي تل الهوى في مدينة غزة.