الساعة 00:00 م
السبت 19 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

وجبة من السم يوميًا.. الطهو على نيران البلاستيك خيار المضطر في غزة

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

الأهالي ينعون أطفالهم "المعجزة"

ترجمة خاصة.. حرب الإبادة توقف علاج التلقيح الصناعي في غزة

حجم الخط
مركز التلقيح2.jpg
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

استغرقت أمل خمس سنوات من العلاج بالتلقيح الصناعي حتى حملت للمرة الأولى والوحيدة. واستمرت معاناتها ضد العقم لمدة تقارب عمر ابنها خالد القصير.

كان خالد في السابعة من عمره فقط عندما أصابت غارة جوية إسرائيلية على رفح في السابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول، وهي واحدة من أولى الغارات الجوية في حرب الإبادة، منزل العائلة.

استشهد خالد، وغرقت أمل في حزن شديد بسبب ذكريات كفاحها الطويل لتصبح أمًا.

تقول: "يبدو الموت، بكل ما يحمله من نهاية، أقل ترويعًا من الألم المستمر الناتج عن العيش بدون خالد. لقد كان أغلى شيء في حياتي".

مخزون قاتم من الخسارة

أبرزت صحيفة الغارديان البريطانية أن حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة في غزة خلقت مخزونًا قاتمًا من أشكال الخسارة المختلفة. ومن بينها الألم الخاص الذي يعاني منه مرضى التلقيح الصناعي الحاليون والسابقون، في مكان حيث تنتشر الأسر الكبيرة وغالبًا ما يكون الأطفال هم قلب الحياة اليومية.

لقد عانت بعض الأمهات، مثل أمل، من العقم لسنوات، والآن يندبن الأطفال الذين ولدوا مثل المعجزات الشخصية.

في مارس/آذار، أدت غارة جوية إسرائيلية أخرى على رفح إلى قتل توأم رانيا أبو عنزة البالغ من العمر خمسة أشهر، وسام ونعيم واللذين ولدا بعد عشر سنوات من العلاج.

وفقدت نساء أخريات أملهن الوحيد في أن يصبحن أمهات عندما أوقفت الحرب العلاج، وأوقف الحصار على غزة تدفق الإمدادات الطبية، ثم أدت الغارات الجوية والقتال إلى تدمير الآلاف من الأجنة المجمدة.

وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت نحو 50 امرأة في منتصف دورات حقن الهرمونات، استعداداً لجمع البويضات في مركز البسمة لعلاج العقم ومقره غزة.

وقال بهاء الغلاييني، مؤسس المركز ورائد التلقيح الصناعي في غزة، إن 10 نساء أخريات كن يستعدن لنقل الأجنة في غضون أيام. وكان هناك نحو 4000 جنين مجمد مخزن في العيادة، نصفها على الأقل ينتمي إلى أزواج لن يتمكنوا من الخضوع للعلاج لإنتاج أجنة جديدة.

وذكر الغلاييني أن مخاوفه الرئيسية الأولى ظهرت في بداية الحرب، عندما منع العنف ونقص النيتروجين السائل العيادة من إضافة سائل التبريد اللازم للحفاظ على حاويات التخزين عند درجة حرارة ثابتة تبلغ 180 درجة تحت الصفر.

ثم في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أصبحت المخاوف بشأن إمدادات النيتروجين غير ذات أهمية بعد أن أصابت قذيفة إسرائيلية مختبر العيادة.

وتسببت قوة الانفجار في فتح الحاويات التي كانت بالنسبة للعديد من الأزواج تحتوي على فرصتهم الأولى أو الأخيرة أو الوحيدة لإنجاب طفل، مما أدى إلى ذوبان الجليد وتدمير المحتويات.

وقال الغلاييني "إن تجميد الأجنة يمثل استثمارًا عاطفيًا وماليًا عميقًا للأزواج الذين يحاولون تحقيق حلمهم في الأبوة والأمومة. لقد حطم الهجوم كل أحلامهم".

تدمير مركز الخصوبة!

بعد دراسته في المملكة المتحدة، أنشأ الغلاييني أول مركز للخصوبة في غزة عام 1997، وساعد في جعل التلقيح الصناعي أمراً شائعاً.

وقد أدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى تدمير المباني والمعدات المتطورة التي تبلغ قيمتها مئات الآلاف من الجنيهات، لكن قلقه الأكبر يتعلق بمرضاه.

في بداية الحرب، كان هناك 250 امرأة حامل من خلال التلقيح الصناعي في حاجة إلى المتابعة، وكان العديد منهن أكثر عرضة لخطر الولادة الصعبة.

واضطرت أغلبهن إلى إدارة أنفسهن بمفردهن، حيث أدت الغارات الجوية الإسرائيلية والهجمات وأوامر الإخلاء إلى إغلاق غالبية مستشفيات غزة.

وتعاني المرافق الصحية التي لا تزال تعمل من الاكتظاظ الشديد، وأحياناً الإرهاق الشديد. وتقول الأمم المتحدة إن آلاف النساء يلدن دون مساعدة طبية، وإلى جانب الافتقار إلى الفحوصات قبل الولادة، فإن هذا يعني أن الأمهات والمواليد الجدد يموتون.

لم يكن ابن أمل، الذي ولد في يوليو/تموز 2016، لينجو من هذه الحرب. فقد ولد قبل موعده بشهرين تقريبًا، وكان له شقيق توأم اسمه آدم، توفي في اليوم الثالث من عمره. وتم نقل خالد إلى مستشفى في القدس لتلقي العلاج المتخصص.

كان ضعف جهاز المناعة يعني أنه كان يدخل المستشفى ويخرج منها حتى بلغ الرابعة من عمره، ولكن بعد ذلك تحسنت صحته وتمكنت أمل من الاستقرار في إيقاع الحياة الطبيعي في منزلهم في تل الهوى، غرب غزة.

وجدت فرحتها في الأشياء الصغيرة، فكانت تحضر اللوازم المدرسية وتأخذه إلى دروس كرة القدم والسباحة وركوب الخيل في نادي الأصدقاء للفروسية، حيث كانت تربطه علاقة خاصة بحصان اسمه شمس.

وقالت إن القوات الإسرائيلية هدمت النادي، وأن الحصان، مثل خالد، مات.

الكابوس المروع

وبعد أن بدأت دولة الاحتلال حربها على غزة، فرت الأسرة جنوباً للانضمام إلى والدي أمل في رفح، التي أعلنتها "إسرائيل" منطقة آمنة للمدنيين.

وبعد عشرة أيام، استشهد خالد مع جده وعمه وخالته وأبناء عمومته و11 من أقاربه الآخرين.

وتقول امه المكلومة "كنت في منزل والدي، حيث لجأنا، أقرأ الأدعية مع خالد بجانبي، عندما دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية منزلًا مجاورًا، مما تسبب في أضرار جسيمة بمنزلنا".

وتم نقلها إلى المستشفى من بين أنقاض منزلها وهي تنزف وتفقد الوعي، ولكن عندما بحثت عن ابنها بين الضحايا، أدركت أنه مفقود.

وقالت "لقد أدركت حينها أنه ربما لا يزال محاصرًا تحت أنقاض منزل والدي. هرعت إلى الحطام وأنا أنادي على ابني العزيز، متمسكة بالأمل في أن يخرج سالمًا".

وقد أصيبت في ظهرها وعينيها، لكنها رفضت المغادرة طوال الليل الطويل بينما كانت فرق الإنقاذ تبحث عن ابنها. وقالت: "ناديت يائسة على خالد بينما كان محاصرًا تحت الأنقاض".

ومع مرور الساعات ــ ولم يكن لدى الفرق سوى معدات قليلة لنقل الخرسانة والأنقاض ــ أصبحت آمالها أكثر تواضعا. "لقد صليت بحرارة أن تتاح لي الفرصة لاحتضانه للمرة الأخيرة، ورؤيته قبل دفنه".

كان والد خالد في تركيا في ذلك الوقت ولم يتمكن من العودة إلى غزة لدفن ابنه الوحيد. تحمل أمل ندبة على عينيها، وهي تذكير دائم بالليلة التي فقدت فيها ابنها الذي كافحت بشدة من أجل جلبه إلى العالم.

وقالت: "إن إنجاب طفل من خلال التلقيح الصناعي أمر مرهق ومجهد. والندبة هي علامة سأحملها لبقية حياتي، وهي شهادة على الظلم الذي عانيته".