روت عائلة غزية قصة معاناتها مع حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، المستمرة منذ 10 شهور، وذلك بعد اعتقال ابنهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي واقتياده لمعتقل "سدي تيمان" واستشهاده بعد 3 أسابيع إثر التعذيب الشديد.
وقال والد الشهيد "وفا"، أمين عبدالهادي، الذي تسلم خبر استشهاد نجله مطلع الشهر الجاري، مبيناً أنهم نزحوا من شمال قطاع غزة إلى مدينة حمد السكنية في خانيونس، جنوبي القطاع مع نهاية يناير/كانون ثاني الماضي.
وتابع في مقابلة مصورة تابعتها "وكالة سند للأنباء" إنه "وبعد نزوحنا لمدينة حمد بنحو 40 يومًا، تمت محاصرتها من قبل فخرجنا في اليوم الثالث من شهر مارس/آذار حاملين الرايات البيضاء مع باقي العائلات إلى الحاجز العسكري الذي نصبته قوات الاحتلال، وكان معي ابنّي أحمد ووفا اللذين اعتقلهما في حينه جيش الاحتلال".
وبين والد الشهيد "عبدالهادي" أنه بذل جهودا كبيرة للحصول عن معلومات عن ابنيه وتواصل مع منظمات وهيئات عدة على رأسها منظمة الصليب الأحمر، لم يحصل على أي معلومة عن الشابين إلا بعد اعتقالهما بشهرين، من خلال أحد الأسرى المفرج عنهم.
وأضاف "عرفنا إنهم عايشين، وعرفنا من الأسرى المفرج عنهم إنه أبني وفا، كان يطلع من التحقيق غير قادر الوقوف على قدميه، وآخر مرة رأوه على كرسي متحرك قبل أن يتم أخذه للمستشفى".
ولفت إلى أن زوجة وفا أنجبت ابنه الوحيد أثناء حصار الاحتلال لمدينة حمد، وقال "لم نكن نعلم ماذا نفعل، إذ لا يستطيع الإسعاف أن يدخل المنطقة ولا نستطيع الخروج بسبب قناصة الاحتلال".
وتابع القول "تواصلت مع أحد الاصدقاء المسعفين وعبر الهاتف أرشد والدتها ماذا تفعل حتى تم إنجاب الطفل بظروف قاسية للغاية على الأم والطفل، كانت معاناة بكل ما تحمل الكلمة من معنى".
وعرف الحاج أمين وعائلته مصير وفا في 7 من أغسطس/آب الجاري، عن طريق مؤسسة الضمير التي تواصل معها قبل يوم من الخبر، وقال "أخبروني بأسوأ خبر أسمعه بحياتي وهو استشهاد ابني وفا، يوم 25 مارس/آذار الماضي في سجن (سدي تيمان) سيء السمعة، غوانتانامو العصر".
وتابع "ابلغونا أن نجلي أحمد ما زال على قيد الحياة، وتم نقله إلى سجن عوفر الموجود في مدينة رام الله في الضفة الغربية".
وختم بمطالبته العالم أجمع أن يقف بشكل جاد للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإغلاق معتقل "سدي تيمان"، "كما طالب العالم سابقاً بإغلاق سجن غوانتانامو، لأنه ليس معتقل، إذ يتعرض فيه الأسرى لمجازر لا توصف ولا يمكن لعقل تخيلها أو لبشر تحملها".
ويقع معتقل "سدي تيمان"، الذي بات يعرف بـ"غوانتانامو إسرائيل" داخل القاعدة العسكرية سدي تيمان التابعة للقيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، التي تقع على بعد نحو 10 كيلومترات شمال غرب مدينة بئر السبع، وقد أعيد افتتاحه مع اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بغية احتجاز الفلسطينيين الذين اعتقلوا من القطاع.
واعتقل الاحتلال الإسرائيلي نحو 1500 غزياً منذ أكتوبر/تشرين أول الماضي، بموجب أمر عسكري صادر عن وزير الدفاع، يوآف غالانت، وأقيمت منشآت الاعتقال داخل القاعدة العسكرية، ليكون الإشراف على المعتقلين من قبل الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية، دون أن تكون لسلطة السجون الإسرائيلية أي صلاحية بشأنها، وذلك بغية التكتم على الإجراءات التي تنفذ ضد المعتقلين، وعدم الكشف عما يجري بمنشآت الاعتقال أو السماح بالزيارات.
وسبق أنّ أعلنت مؤسسات الأسرى خلال الأشهر الماضية عن استشهاد أسرى في السجون، جرّاء التّعذيب، حيث وصل عدد الشهداء الذين تم الكشف عن هوياتهم والإعلان عن استشهادهم 22، منذ بدء حرب الإبادة في غزة، بالسابع من أكتوبر/ تشرين أول الفائت.
وتؤكد مؤسسات الأسرى، أنّ الاحتلال يواصل تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّ غالبية معتقلي غزة، كما ويواصل إخفاء العدد الحقيقي والإجمالي الكلي لأعدادهم، علماً أنّ إدارة سجون الاحتلال اعترفت مؤخرًا بأن عدد ممن صنفهم الاحتلال بالمقاتلين غير الشرعيين من معتقلي غزة ويتبعون تحت إدارتها 1584، وهذا العدد لا يشمل كافة معتقلي غزة من يتبعون لإدارة جيش الاحتلال.
يشار إلى أنّ زيارات محدودة تمت مؤخرًا لعدد من معتقلي غزة، الذين كشفوا عن جرائم مروّعة وصادمة، منها عمليات قتل وتعذيب واغتصاب إلى جانب عمليات الإذلال وجريمة التجويع وجرائم أخرى يتعرضون لها على مدار الساعة.
وكانت جملة من التحقيقات كشفت كذلك عن شهادات مروّعة وصادمة لمعتقلي غزة الذين احتجزوا في معسكر (سديه تيمان) الذي يمثل اليوم الشاهد الأكبر على جرائم قتل المعتقلين وتعذيبهم، إلى جانبه مجموعة من السجون المركزية التي شهدت جرائم لا يقل مستواها عن الجرائم في "سديه تيمان" ومن أبرزها سجن النقب.