منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين أول من العام الماضي، ولا تزال "إسرائيل" تعمّق أزمات الغزيين عبر التحكم في البضائع التي تدخل للقطاع، وتحاول بشتى الوسائل التنغيص عليهم، حيث تمنع إدخال الأحذية والملابس إلى قطاع غزة.
وأصبح من المعتاد والمألوف رؤية الناس حفاة أو بأحذية مهترئة، لأنها تمزقت بعد أشهر طويلة من الاستخدام في شوارع مليئة بركام المنازل التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي، دون توفر بدائل بسبب منع الاحتلال من دخولها.
ونتيجة لهذا المنع ارتفعت أسعار الأحذية وإن توفرت، بشكل جنوني حيث وصل سعر حذاء الطفل الصغير إلى 140 شيكلاً بعد أن كان يباع بـ30 شيكل فقط، وحذاء الرجل إلى 200 شيكلاً بعد أن كان يباع بـ70 شيكل.
معاناة يومية
وتسبب منع الاحتلال لدخول الأحذية، بمعاناة وتنغيص يومي في حياة الغزيين، فمنذ حوالي شهر ونصف تبحث السيدة مرام محمد عن حذاء لطفلها البالغ من العمر (10 أعوام)، ولكن دون جدوى، حيث فقدت جميع ممتلكاتها عقب قصف منزلها من قبل طائرات الاحتلال.
وتضيف مرام في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، أنها اضطرت عقب محاولات البحث المستمرة إلى شراء حذاء مستعمل من إحدى أقاربها والذي كان لديه بسطة لبيع ملابس "البالة" قبيل الحرب ووجد لها الحذاء بمحض الصدفة.
فيما يتساءل المواطن إياد كريم، عن كيفية توفير أحذية لأطفاله الثلاثة عقب تمزقها بسبب امتداد فترة الحرب وشوارع غزة المدمرة، حيث أنه يحتاج لتوفير مبلغ 150 دولار أمريكي لشراء أحذية لأطفاله في ظل عدم توفر مصدر دخل.
ويضيف كريم في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه اضطر لتصليح الأحذية القديمة عدة مرات رغم اهتراءها الشديد بمبلغ 50 شيكل، بعد أن بات أحد أطفاله يسير حافي القدمين لفترة أسبوع وهو ما تسبب له بتقرحات جلدية بالغة وانتفاخ في القدمين.
ولا تختلف هذه المعاناة كثيراً مع حال المواطن صهيب حميد، والذي استطاع بعد جهد وعناء من إيجاد حذاء لطفله الصغير غير متطابق، في ركام منزله الذي تعرض للقصف قبيل أشهر، حيث قام بطلائه محاولاً إصلاحه لإخفاء التمزق.
وفي السياق، عبرت الحاجة فائقة الصوص عن استغرابها الشديد عقب وقوفها على إحدى البسطات لشراء أحذية مستعملة لأحفادها في ظل عدم توفر أحذية في الأسواق، حيث أعجبتها إحدى الأحذية لكن لم تجد لها حذاء مطابق لها، وأخبرها البائع قائلاً: "ولا فردة إلها أخت! شوفي فردة قريبة من لونها ونمرتها لتشتريها"!.
وتتساءل في منشور لها عبر "الفيسبوك"، أهو نوع جديد من أنواع الإذلال لشعبنا الذي بات في معظمه حافياً، أو منتعلاً شبشباً بلاستيكياً مرقوعاً، وإن انقطع كعبه يلبسه نصف شبشب معتمداً على كعبه الآدمي!.
10 شهور بلا عمل..
ويقول تاجر الأحذية أحمد العصار، والذي يعمل في هذه المهنة منذ حوالي 5 سنوات إنه بات بلا عمل بعد نفاذ جميع الأحذية التي كانت لديه في متجره الخاص، وبات يفكر بإغلاقه بعد أن يبيع بعض ما تبقى من أحذية "البوت" و"الجزم" لديه.
ويضيف العصار في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، حاولت أن أستورد بعض البضائع دون جدوى حيث يمنع الاحتلال منذ بداية الحرب قبل 10 أشهر من دخول أي أحذية، حيث دخلت فقط بضع شاحنات من الجانب المصري وكانت بأسعار مرتفعة جداً.
فيما اضطر التاجر طلال خليل، إلى تحويل مهنته لجمع الأحذية المستعملة وبيعها بدلاً من التوقف عن العمل لتوفير مصدر رزق لأسرته.
ويوضح خليل في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن الأحذية المتوفرة في الأسواق مرتفعة جداً وليست في متناول المواطنين وهي أحذية يتم جلب جلودها من الضفة الغربية وتصنيعها وتجميعها في قطاع غزة.
ويطالب وزارة الاقتصاد وتجار القطاع، بمحاولة الضغط لإدخال الأحذية بسبب الحاجة الملحة لها من قبل المواطنين، حيث لا أحذية في أقدام الأطفال ولا حتى الكبار.
انتعاش رتق الأحذية
وانتعشت خلال أشهر الحرب المستمرة، مهنة رتق الأحذية بشكل ملحوظ وينتشر العاملون بها صغارا وكبارا في الأسواق والشوارع العامة.
ويقول الشاب حمادة حسن، والذي يعمل في هذه المهنة منذ ما يقارب 7 أعوام، إن العديد باتوا يعتمدون على رتق أحذيتهم في ظل ارتفاع أسعار الأحذية الجديدة، مشيراً إلى أنه بات يعتمد على الخياطة اليدوية في معظم الأوقات لعدم توفر الكهرباء.
كما لوحظ خلال هذه الحرب امتهان خياطة الأحذية لدى فئة الأطفال، عبر ما يسمى "المسلة" وبعض الخيوط وأحياناً الأسلاك محاولة لتوفير مصدر دخل يومي لهم ولعائلاتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة بسبب الحرب.