لم تسلم الحركة الرياضية الفلسطينية من جرائم حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، ووقفت عاجزة أمام الاعتداءات الإسرائيلة الوحشية بحق المدنيين الآمنين بما فيهم شريحة اللاعبيين والمدربين المحمية بحصانة رياضية ومواثيق أولمبية.
وقدمت الأسرة الرياضية كغيرها من شرائح المجتمع في قطاع غزة، المئات من أبناءها شهداء على طريق التحريروالنضال، في مشهد يؤكد حقيقة المحتل الظالم وعدوانه الذي لا يفرق بين مدني ومقاوم، ولا بين كبير وصغير.
أسطورة الكرة الفلسطينية خلال عقد التسعينيات "معين المغربي" هو أحد ضحايا الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة، وكان رحيله خبراً صاعقاً على الشارع الرياضي، الذي عرفه عن قرب، وتابع نجوميته في الملاعب المحلية والدولية.
الغزال الأسمر .. صاحب الروح المرحة
ولد الشهيد "معين أحمد عبد الله المغربي" في المملكة الأردنية الهاشمية عام 1971، بكنف أسرة فلسطينية لاجئة، ولقب بـ "الغزال الأسمر" وصاحب الروح المرحة، حيث تميز بشخصية هادئة وفكاهية.
عاش "المغربي" طفولته الرياضية بين أزقة المخيمات في الساحات الشعبية والملاعب الترابية قبل أن يبدأ مشواره الاحترافي مع نادي غزة هاشم بالأردن، ثم انتقل لصفوف نادي الحسين إربد.
حلم "الغزال الأسمر" كغيره من اللاجئين الفلسطينين بالعودة إلى الوطن، واللعب على ترابه، وهو ما تحقق له عام 1994 مع دخول السلطة الفلسطينية لقطاع غزة ضمن إتفاقية السلام الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي في أوسلو.
البداية مع أكبر الأندية الفلسطينية
اختار الشهيد المغربي فور عودته إلى قطاع غزة الانضمام لنادي خدمات رفح، أحد أعرق الأندية الفلسطينية، وقاده للتويج بألقاب الدوري 3 مرات، إضافة لكأس السوبر، وكأس فلسطين مرة واحدة.
وتعاظمت شعبية "المغربي" في مدرجات ملاعب قطاع غزة، وبات أيقونة للكرة الفلسطينية، بفضل موهبته وأخلاقه العالية داخل وخارج المستطيل الأخضر.
الانضمام للمنتخب الوطني ورفض التطيبع
وفي عهد المدرب الراحل "عزمي نصار"، تم اختياره ليشغل مركز الظهير الأيمن بالمنتخب الفلسطيني ويتألق معه بالعديد من المناسبات الدولية، والتي كان أبرزها تحقيق برونزية الدورة العربية التاسعة عام 1999 في الأردن.
بعد تألقه الدولي اللافت، تلقى الشهيد المغربي عروضاً مغرية من أندية فلسطين المحتلة عام 1948، لكنه رفض فكرة اللعب في الدوري الإسرائيلي، وأن يكون جزءً من التطبيع الرياضي.
الاستشهاد بقميص الفدائي
كانت انطلاقة انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000، وتوقف النشاط الرياضي في الضفة الغربية وقطاع غزة، سبباً رئيسياً في إعلان المغربي اعتزاله اللعب رسمياً، ليغيب عن المشهد الرياضي المألوف.
في صباح يوم الخميس، الخامس والعشرين من يناير الماضي، استيقظ الشارع الرياضي على نبأ استشهاد الأسطورة الكروية "معين المغربي"، إثر قصف إسرائيلي استهدف منزله بمحافظة رفح دون سابق إنذار.
وحسب شهود العيان في المكان، تم انتشال جثمان الشهيد المغربي مُدرجاً بالدماء، وكان يرتدي تيشيرت المنتخب الوطني "الفدائي" فترة التسعينيات، ليترك أثراً عظيماً، وذكريات سيخلدها التاريخ.
بيان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم
نعى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، نجم المنخب الوطني السابق "معين أحمد المغربي"، واتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بتعمد ضرب المدنيين مبيناً أن القطاع الرياضي لم يسلم من هذا الاعتداء الوحشي الذي تسبب في استشهاد العديد من الرياضيين بينهم مدرب منتخب فلسطين الأولمبي "هاني المصدر".
وذكر بيان الاتحاد، بأن الاحتلال يواصل مسلسل تدمير البنية التحتية الرياضية الفلسطينية، بعد أن قام بتدمير العشرات من المنشآت والملاعب الكبرى في قطاع غزة أبرزها ملعب اليرموك التاريخي، واستاد فلسطين الدولي، والملعب البلدي واستاد المدينة الرياضية بخانيونس، وبيت حانون الرياضي، والتفاح، والهلال، وغزة الرياضي وغيرهم من الملاعب التدريبية.