الساعة 00:00 م
الجمعة 18 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

"نتنياهو" والمفاوضات بشأن حرب غزة.. "لعبة تضييع الوقت"

ضحكة في وجه الحرب.. صانعو المحتوى في غزة يروّضون أوجاعهم بالفكاهة

ستة نعوش.. وقلب أبٍ لا يتّسع للفقد.. رصد تفاعل مؤثر عبر مواقع التواصل الاجتماعي

تحليل الرسائل التي نشرتها "القسام" للأسرى الـ6 .. ما الأثر الذي تركته في المجتمع الإسرائيلي؟

حجم الخط
1236.png
غزة - وكالة سند للأنباء

في الوقت الذي ظن جيش الاحتلال أنّه حقق انتصارًا باستعادة جثامين 6 أسرى إسرائيليين قتلوا في قطاع غزة، سارعت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة "حماس" لبث رسائل مصورة أخيرة لهؤلاء الأسرى على مدار أيامٍ متتالية بدأت الاثنين الماضي وانتهت أمس الجمعة.

وعلى عكس التوقعات، أثار إعلان جيش الاحتلال مطلع الشهر الجاري استعادة الجثامين من داخل نفق في رفح جنوب القطاع، غضبًا عارمًا داخل المجتمع الإسرائيلي من حكومة بنيامين نتنياهو، تُرجم بمسيرات غير مسبوقة، وإضراب نقابات العمّال الإسرائيلية "الهستدروت"، وسط إغلاق عدة مفارق طرق وتعليق بعض الخدمات في مطار بن غوريون الرئيسي.

doc-34pq9fx-1713481538.jpg


هذا الغضب الذي عبّر عنه الإسرائيليون، بشعارات وهتافات مناهضة لنتنياهو والوزراء المتطرفين؛ سببه تلكؤ الحكومة في إبرام صفقة مع المقاومة الفلسطينية، مما يفسح المجال أمام الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في القطاع أحياء بدلًا من استعادتهم بتوابيت الموت.

ترافق ذلك مع الرسائل المصورة التي نشرتها كتائب القسام، وحمّل فيها الأسرى القتلى في رسائلهم الأخيرة، حكومة الاحتلال بقيادة نتنياهو والأجهزة الأمنية والعسكرية مسؤولية ما حدث لهم، مطالبين بضرورة الإسراع بإبرام صفقة تبادل واستمرار المظاهرات الشعبية المطالبة باستعادتهم أحياء، فما الأثر الذي تتركه هذه الرسائل داخل المجتمع الإسرائيلي؟

ويُجمع مراقبون أنّه وبالرغم من المراوغة والأكاذيب الإسرائيلية الموجهة، فإن الرسائل المصوّرة وصلت إلى المجتمع الإسرائيلي وتركت أثرًا في نفوسهم، كما شكّلت دافعًا قويًا للانخراط في المظاهرات، والتهديد بتصعيدها على نحو لم تشهده الاحتجاجات منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023.

وقال المختص في الدعاية الإسرائيلية شادي الشرفا، إنّ المظاهرات الإسرائيلية بدأت تشهد في الأسابيع الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا وغير مسبوق في الأعداد وشكل الاحتجاجات، حيث رُصد مشاركة 350 ألف شخص للمطالبة بإبرام صفقة مع المقاومة، وسط إغلاق طرق عدة في أكثر من موقع داخل "إسرائيل".

وأوضح الشرفا في حديثٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" أنّ المحتجين نجحوا في توسيع دائرة المظاهرات وإغلاق العديد من الشوارع الرئيسية، رغم كل محاولات القمع من شرطة الاحتلال.

وأشار إلى أنّ المظاهرات التي ستنطلق في وقت لاحق من اليوم السبت، من المتوقع أنُ يشارك فيها 700 ألف، وهذا مثار تغيير واضح في الشارع، وتؤكد أنّ رسائل القسام وصلت الإسرائيليين، وأثرت فيهم، بعكس أكاذيب حكومتهم.

واستدّل الشرفا باستطلاعات الرأي التي تُجريها وسائل إعلام وصحف إسرائيلية، وباتت تُظهر مؤخرا مدى تأثر غالبية الأصوات بخيار إنجاز صفقة سياسية تضمن تحرير أسراهم أحياء وليسوا أموات.

وتحدث ضيفنا عن وجود تخوفات إسرائيلية حقيقية من التصريحات التي يدليها عوائل الأسرى الإسرائيليين ضد نتنياهو وحكومته والمؤسسة العسكرية، وتأثيرها على المجتمع الدولي، وهذا أيضا مثار قناعة توصل إليها العوائل بأن حكومتهم تريد قتل أبنائهم وليس تحريرهم أحياء.

3 أبعاد رئيسية..

من جانبه، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي سليمان بشارات، أنّ الرسائل المصورة للأسرى الإسرائليين لها تأثير على ثلاثة أبعاد مهمة، أولها يتمثل في البعد المعلوماتي فيما يتعلق بمصير الأسرى.

وبيّن بشارات في حديث خاص بـ "وكالة سند للأنباء" أن الاحتلال كان يعتبر نفسه المصدر الوحيد الذي يقدم معلومات حول حياة وظروف الأسرى، وشكّل سردية كاذبة بأنه صاحب البعد الأمني الاستخباري في تقييم أوضاعهم؛ لكن هذه الرسائل أثبتت أنه لا يستطيع الوصول لكافة المعلومات، وأنه لا يمكن الوصول لها ما لم يكن مصدر للمقاومة يقدمها.

أمّا البعد الثاني، فيتمثل في ترابط وتماسك الشرائح المجتمعية داخل "إسرائيل"، فبحسب بشارات، هذه الرسائل ستترك أثرها في النقاش وربما الصدام بين شريحة تدفع ثمن الأسر والقتل، وأخرى تنادي بالحرب دون أن تدفع ثمن، وهي لا تأبه بحياة هؤلاء الأسرى، وهذا سيحدث صداما داخليا في المواقف.

أما البعد الثالث فهو الأهم - بوصف بشارات - ويتثمل في أن المقاومة لا يمكنها الذهاب لأي عملية تفاوضية، ما لم يكن هناك استجابة فعلية لكافة مطالبها، وأن دون ذلك سينعكس على حياة الأسرى.

وأشار إلى أنّ هذه النقطة جعلت الشارع الإسرائيلي يشهد تحولات كبيرة في احتجاجاته، وشكلها وتوسعها، وما حدث الأسبوع الماضي خير دليل على ذلك.

ومن وجهة نظر ضيفنا فإتّ أثر هذه الرسائل سيتجاوز مركزية القرار لدى نتنياهو الذي بقي متمسكا في زمام المبادرة وصناعة القرار وتحييد كافة الجهات؛ لكن في النهاية العملية التأثيرية في الشارع الإسرائيلي لا يمكن أن تكون مرتب فقط بنتنياهو، وستدفع في المحصلة لإحداث تغيير في قرار المؤسسات الأخرى.

وتابع: "هناك مراكمة ستؤثر في الوعي والعقل الجمعي الإسرائيلي تجاه المبادئ التي يتغنى بها مؤسسوا الكيان، والمتعلقة بالثقة بين الشارع والجيش والمؤسسة، وعلى البعد الاستراتيجي، ستؤثر على الثقة بين مكونات المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي والمجتمعي، وهي قضية دائما يحذر منها الجيش، خشية فقدان الثقة بين الجمهور وبينه".

بينما المختص في الدعاية الإسرائيلية علي الأعوار أكد أنّه على مدار 12 شهرا من حرب الإبادة، لعبت الحرب النفسية دورا مهما في المعركة، وكانت العلامة الأبرز في سياق إدارة المواجهة بين الطرفين؛ لكنها في جانب الأسرى مثلت دورا كبيرا في الضغط على نتنياهو.

وقال الأعور في حديثٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" أنّ الفيديوهات التي نشرتها كتائب القسام للأسرى الستة، شكلت هزة عنيفة في المجتمع الإسرائيلي لا تزال تداعياتها وآثارها متواصلة، وتسببت في حدوث تحولات مهمة أبرزها مشاركة "الهستدروت"، والتي شكلت عاصفة شلت فيها الحياة الكاملة في "إسرائيل".

ولفت أن هذه الفيديوهات تسببت في توجيه ضربة للأجهزة الأمنية خاصة وزارة الجيش الإسرائيلي؛ التي باتت على قناعة بضرورة عقد صفقة تبادل مع حركة "حماس"، في أقرب فرصة ممكنة.

وبيّن أنّ هذه الرسائل رسخت معادلة كتائب القسام الجديدة؛ القائمة على أنه لن يعود أسير لبيته حي؛ إلّا بصفقة، وهذا ما يُنذر ببداية تمرد من جيش الاحتلال على المستوى السياسي.

وكانت كتائب القسام قد بثت مؤخرًا رسالة للمجتمع الإسرائيلي مفادها أن "نتنياهو اختار محور فيلادلفيا على حساب تحرير أسراكم"، مشيرة إلى أن هؤلاء الأسرى كانوا أحياء لكنهم أصبحوا من الماضي، وأكدت أن نتنياهو يصنع العشرات من رون آراد.

ورود آراد هو طيار إسرائيلي سقطت طائرته في جنوبي لبنان في أكتوبر 1986، ولا يزال مصيره مجهولا منذ ذلك التاريخ.