أبرزت وكالات أنباء أجنبية تركيز جيش الاحتلال الإسرائيلي في هذه المرحلة على تصعيد جريمة الإبادة الجماعية في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة في ظل ما يشهده من توغل لآليات عسكرية وعمليات نسف واسعة للمنازل والمباني السكنية في الحي.
ويفسر مراقبون التصعيد الإجرامي الإسرائيلي في حي الزيتون نظرا لموقعه المجاور لما يعرف باسم محور “نتساريم”، الذي يفصل مدينة غزة وشمالها عن وسط القطاع وجنوبه.
ونقلت وكالة رويترز العالمية للأنباء عن سكان الحي قولهم إن قوات الاحتلال الإسرائيلي فجرت على مدار الساعات الـ24 الأخيرة عددا من منازل الحي.
وبحسب رويترز، قالت فرق طبية إنها لم تتمكن من الاستجابة لنداءات يائسة من بعض سكان الحي الذين قالوا إنهم محاصرون داخل منازلهم وبعضهم مصابون بنيران قوات الاحتلال.
توغل بري جديد في حي الزيتون
وبدأ جيش الاحتلال منذ نحو أسبوعين عملية عسكرية جديدة لتوسيع التوغل البري في الحي، وصولا إلى ما بعد شارع 8، ودوار دولة، إلا أن تنفيذ المقاومة لعملياتها في الخطوط الخلفية للجيش وفي عمق المنطقة التي يتمركز فيها الجيش أحبط أهداف الاحتلال.
وفي مواجهة الفشل المتكرر للاحتلال في تنفيذ خططه في حي الزيتون، فإنه يعمد إلى مواصلة سحق وضرب كل المرافق المعيشية والخدمية في الحي، وارتكاب المجازر لكسر إرادة الصمود لدى المواطنين.
ومنذ بدء الهجوم البري على قطاع غزة بداية نوفمبر/ تشرين ثاني 2023، نال حي الزيتون النصيب الأكبر من الاجتياحات الإسرائيلية التي خلفت دمارًا هائلًا في منازله وبنيته التحتية، فضلًا عن استشهاد وإصابة المئات من أهله.
ففي الـ20 من فبراير/ شباط الماضي، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بمشاركة لواءين من الفرقة 162، عملية عسكرية على حي الزيتون، استمرت أسابيع، واجه خلالها معارك ضارية وصعبة مع قوى المقاومة الفلسطينية.
وفي 4 مارس 2024 الماضي أعادت قوات جيش الاحتلال انتشارها في الجانب الشرقي من الزيتون، في إشارة لإصرارها على البقاء في الحي الذي تراه ضمانة لسيطرتها على شمال قطاع غزة.
وفي 5 مايو 2024 نفذ جيش الاحتلال عملية عسكرية استمرت 6 أيام، لمواصلة ما أسماه “تفكيك البنية التحتية” للمقاومة في المنطقة، وفي 24 أغسطس 2024 عاد جيش الاحتلال للتوغل البري في الحي مصحوباً بعمليات قصف جوي، حيث يواجه مقاومة عنيفة كبدته قتلى وجرحى.
ويكتسب حي الزيتون أهميته الاستراتيجية انطلاقاً من مواجهته أبرز محاور التوغلات العسكرية الإسرائيلية تاريخياً، إضافة إلى أنه نافدة على شارع صلاح الدين الذي جهد جيش الاحتلال للسيطرة عليه، كشارع رئيسي، بهدف عزل مناطق القطاع عن بعضها البعض.
وعلى مساحة 9 آلاف دونم يقع حي الزيتون في قلب المدينة القديمة جنوب شرقي مدينة غزة، وقد اكتسب اسمه من كثرة أشجار الزيتون التي تُغطي معظم أراضيه الجنوبية، ويُعد واحدًا من أقدم أحياء غزة وأكبرها مساحة.
صمود المقاومة في حي الزيتون
يشير الخبير العسكري فايز الدويري إلى أنّ تكرار العمليات العسكرية في الزيتون تؤكد أن مزاعم الاحتلال بتفكيك كتائب القسام وأطرها التنظيمية بالمنطقة غير حقيقية، وضراوة معارك الزيتون المحتدمة تظهر أنه لم يتم تحطيم البنية المقاومة القتالية بالقاطع الشمالي.
ويوضح الدويري أن المشاهد التي ينشرها الإعلام العسكري لفصائل المقاومة وثّقت أدلة سقوط ألوية جيش الاحتلال وجنوده تحت نيرانها، وشكّلت دليلاً على حجم السيطرة الميدانية للمقاومة في حيّ الزيتون.
ويبرز أن الاحتلال يحاول إحكام السيطرة العسكرية على حيّ الزيتون لتحقيق عملية فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه والجنوب، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى قطع إمدادات المقاومة ونقاط اتصالها، وهو هدف مركزي لقوات الاحتلال منذ بدء الهجوم البري على القطاع.