أدان رؤساء كل من قطر وتركيا والأردن والبرازيل وجنوب إفريقيا، وغيرهم بالإضافة لأمين عام الأمم المتحدة، حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وقيام الاحتلال الإسرائيلي بشن هجوم واسع على لبنان راح ضحيته خلال يومين أكثر من 500 شهيد جلهم من الأطفال والنساء.
ووسط تصفيق قادة العالم، افتتح الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، المناقشة العامة للدورة 79 للجمعية العامة بالأمم المتحدة المنعقد في نيويورك، اليوم الثلاثاء، بترحيب خاص بالوفد الفلسطيني والرئيس محمود عباس.
وحذر الرئيس البرازيلي في كلمته من خطورة الامتداد الجاري للحرب في قطاع غزة إلى لبنان، ودعا إلى وقف إطلاق النار.
وقال "لولا"، إن "تحول حق الدفاع إلى حق الانتقام، مما يعيق التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ويعرقل وقف إطلاق النار".
وأكد على ما نادت به البرازيل من إصلاح للأمم المتحدة قائلا إن المنظمة العالمية لا تقوم بدورها في تمثيل العالم ووقف الحروب.
وانتقد إنفاق عشرات المليارات من الدولارات سنويا على الترسانات العسكرية وقال إن تلك الأموال يتعين استخدامها للقضاء على الفقر ومكافحة تغير المناخ.
ودعا "لولا" إلى "القضاء على الجوع مجددا هو الالتزام الأكثر إلحاحا لحكومتي".
وشدد على مراجعة ميثاق الأمم المتحدة لإحياء دور الجمعية العامة في تعزيز السلام وإصلاح المؤسسة المتعددة الأطراف.
وانتقد "استبعاد أمريكا الجنوبية وإفريقيا من المقاعد الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو انعكاس غير مقبول للماضي الاستعماري".
بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الثلاثاء، إن الوضع في غزة يشكل "كابوسًا مستمرًّا" يهدد المنطقة بأكملها، محذرًا من أن لبنان بات "على حافة الهاوية".
واعتبر غوتيريش خلال خطاب في الأمم المتحدة، أن "العالم عالق في دوامة" حيث تتفاقم الانقسامات الجيوسياسية و"تشتعل الحروب من دون أن نعرف كيف ستنتهي".
وأضاف "نتجه مباشرة نحو ما لا يمكن تصوره، نحو برميل بارود يهدد بإشعال العالم".
وقال "لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو"، معتبرًا أن الإفلات من العقاب السائد في العالم تسبب بهذا الوضع.
وأضاف "إن مستوى الإفلات من العقاب في العالم لا يمكن الدفاع عنه على المستوى السياسي، وهو غير مقبول أخلاقيًّا. واليوم، يشعر عدد متزايد من الحكومات بحقها في الاستفادة، كما في (لعبة) مونوبولي، من بطاقة: أنت محرَّر من السجن".
وتابع "يمكنهم أن يدوسوا القانون الدولي. يمكنهم أن ينتهكوا ميثاق الأمم المتحدة. يمكنهم أن يتجاهلوا الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان أو قرارات المحاكم الدولية. يمكنهم الاستهزاء بالقانون الإنساني الدولي. يمكنهم غزو بلد آخر، تدمير مجتمعات بأكملها أو تجاهل رفاه شعوبهم بالكامل، من دون أن يحدث أي شيء".
من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الثلاثاء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن اندلاع حرب شاملة بالشرق الأوسط ليس في مصلحة أحد.
وقال الرئيس الأميركي إنه يعمل مع قطر ومصر من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس.
وبشأن الضفة الغربية، قال إن "علنيا التصدي للعنف الذي يمارس ضد الفلسطينيين الأبرياء".
وشدد على ضرورة العمل على إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وبشأن لبنان، قال الرئيس الأميركي إنه يعمل على التوصل إلى حل دبلوماسي للتوتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وفي ذات السياق، اعتبر أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والسماح لسكان الحدود اللبنانية الإسرائيلية بالعودة إلى منازلهم.
أكد بأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة كانت "إبادة" فيما خاطب قادة العالم أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال إن "ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة اليوم من عدوان سافر هو الأشد همجية وبشاعة والأكثر انتهاكا للقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية"، مضيفا "ليست هذه حرب بمفهوم الحرب المعروف والمتداول في العلاقات الدولية بل هل جريمة إبادة بأحدث الأسلحة".
من جانبه، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أمام قادة العالم المشاركين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء أن "نظام الأمم المتحدة يموت في غزة".
وقال إردوغان "ليس الأطفال وحدهم يموتون، إنما نظام الأمم المتحدة أيضا في غزة"، مؤكدا أن الأمم المتحدة لم تعد تقوم بما يرجى منها.
وأضاف "القيم التي يدعي الغرب الدفاع عنها تموت.. وأنا أطرح السؤال بصراحة: يا منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، أليس الذين يعيشون في غزة والضفة الغربية بشرا؟"، مؤكدا أن غزة أصبحت "أكبر مقبرة للأطفال والنساء في العالم".
وتابع الرئيس التركي "يا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ماذا تنتظر لمنع الإبادة الجماعية في غزة ولتقول: أوقفوا هذه الوحشية، وهذه الهمجية؟".
وقال "تماما كما أوقَف تحالف الإنسانية هتلر قبل 70 عاما، يجب أن يوقف تحالف الإنسانية أيضا نتانياهو وشبكة القتلة التابعة له".
وأكد "إردوغان"، أن تركيا "تقف إلى جانب الشعب اللبناني".
واتّهم "إسرائيل" بجر المنطقة بأكملها "إلى الحرب" بعد سلسلة هجمات دامية نفّذتها ضد حزب الله في لبنان.
وتساءل "إردوغان"، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "ما الذي ما زلتم بانتظاره لوقف شبكة المجازر التي تعرّض حياة مواطنيها أنفسهم للخطر إلى جانب الشعب الفلسطيني وتجرّ المنطقة بأكملها إلى الحرب من أجل تحقيق أهدافها السياسية؟".
ودعا الرئيس التركي إلى التوصل إلى وقف "فوري ودائم" لإطلاق النار في غزة وإلى "إجراء تبادل للرهائن والأسرى، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة من دون عوائق وانقطاع".
وفي ذات السياق، دعا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني جميع الدول للانضمام إلى بلاده في فرض بوابة دولية للمساعدات الإنسانية إلى غزة، كجهد إغاثي ضخم لإيصال الغذاء والمياه النظيفة والدواء وغيرها من الإمدادات الحيوية لمن هم في أمس الحاجة إليها.
وقال الملك عبدالله الثاني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك في دورتها التاسعة والسبعين، إن الأمم المتحدة تواجه أزمة تضرب في صميم شرعيتها، وتهدد بانهيار الثقة العالمية والسلطة الأخلاقية.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة تتعرض للهجوم، بشكل فعلي ومعنوي أيضا في غزة وتعجز عن حماية المدنيين الأبرياء من القصف العسكري الإسرائيلي.
وأضاف أن شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تقف بلا حراك، على بعد أميال فقط من فلسطينيين يتضورون جوعا، كما يتم استهداف ومهاجمة عمال الإغاثة الإنسانية الذين يحملون شعار هذه المؤسسة، ويتم تحدي قرارات محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، وتجاهل آرائها.
وتابع: "الواقع الأليم الذي يتجلى أمام الكثيرين هو أن بعض الشعوب هي فعليا فوق القانون الدولي، وأن العدالة الدولية تنصاع للقوة، وأن حقوق الإنسان انتقائية فهي امتياز يمنح للبعض ويحرم البعض الآخر منه حسب الأهواء".
ولفت إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة تسبب بأحد أسرع معدلات الوفيات مقارنة بالصراعات الأخيرة، وأسفر عن أسرع معدلات المجاعة بسبب الحروب، وأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف، ومستويات غير مسبوقة من الدمار.
وأكد العاهل الأردني في كلمته أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي قتلت في هذه الحرب أطفالا وصحفيين وعمال إغاثة إنسانية وطواقم طبية أكثر من أي حرب في التاريخ الحديث. كما أنها في الضفة الغربية قتلت أكثر من 700 فلسطيني، منهم 160 طفلا، وتجاوز عدد الفلسطينيين المحتجزين في مراكز الاعتقال الإسرائيلية 10 آلاف و700 معتقل، منهم 400 امرأة و730 طفلا وتم تهجير أكثر من 4 آلاف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم، كما تصاعد العنف المسلح الذي يمارسه المستوطنون بشكل كبير، وتم تهجير قرى بأكملها.
ودعا الملك عبدالله الثاني إلى ضمان حماية الشعب الفلسطيني، وأن يتبنى المجتمع الدولي، آلية لحمايتهم في جميع الأراضي المحتلة.
ولفت إلى أن التصعيد ليس من مصلحة أية دولة في المنطقة، ويتجلى ذلك بوضوح في التطورات الخطيرة في لبنان في الأيام القليلة الماضية.
وختم العاهل الأردني كلمته بتوجيه الدعوة إلى جميع الدول للانضمام إلى الأردن في فرض بوابة دولية للمساعدات الإنسانية إلى غزة، كجهد إغاثي ضخم لإيصال الغذاء والمياه النظيفة والدواء وغيرها من الإمدادات الحيوية لمن هم في أمس الحاجة إليها.
بدوره، وقال رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، خلال كلمته بافتتاح أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء، إن إسرائيل تطبق العقاب الجماعي ضد شعب قطاع غزة، ردا على هجمات حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وشدد على أن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء ما يشاهده العالم من معاناة إنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، منوها إلى أنه لا يمكن تطبيق القانون الدولي بشكل انتقائي.
وتابع "طالما ظل الشعب الفلسطيني محروما من الحق في الحياة، سنظل بعيدين عن منال السلام".
ونوّه "رامافوزا"، بأن مواطنيه في جنوب أفريقيا عانوا من الفصل العنصري ولن يسمحوا بما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية بحق غزة.
وأعرب عن شكره لكل من دعم دعوى بلاده ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية والتي انتهت إلى أن هناك إبادة جماعية ترتكب في غزة.
وأشار إلى أن "تحقيق السلام الدولي يتطلب إرادة دولية ويجب أن يكون مجلس الأمن الدولي أكثر تمثيلا وشمولا"، لافتا إلى أنه "يجب إصلاح مجلس الأمن بتوسيع عضويته وتمثيل الدول الأفريقية".
وشدد على أن "الحل الوحيد للصراع في الشرق الأوسط يكمن في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية".