قالت آية البورنو بصوت يحمل الألم: "كنت أحب الشتاء في الماضي، لكن الآن، مع الحرب، أصبح الشتاء عذابًا، نعيش في خيمة مصنوعة من النايلون، لا تتجاوز بطانياتنا الصغيرة، البرد لا يرحم، خاصة مع وجود أطفال صغار في المكان، عندما تمطر، تصبح ملابسهم مبللة، ولا أستطيع أن ألبسهم شيئًا آخر، في كل ليلة، نحاول تدفئتهم في محاولات يائسة."
ومنذ نحو أسبوعين، تسبب البرد في استشهاد أكثر عدد من النازحين غالبيتهم أطفال رضع نتيجة البرد القارس وغياب وسائل التدفئة، وسط تحذيرات حقيقية من ارتفاع عدد الضحايا في الفترة المقبلة في ظل الأوضاع المأساوية التي يعاني منها الفلسطينيون في أماكن نزوحهم.
وأضافت بتنهيدة حزينة خلال مقابلةٍ مع "وكالة سند للأنباء": "ننام جميعًا على فرشتين، نحاول أن نلتف حول الأطفال لنوفر لهم قليلًا من الدفء، لا نعلم كيف نحميهم من البرد، فقد رأينا أطفالًا آخرين يموتون بسبب البرد، حتى أن أحد الأطباء توفي من شدة البرد، الوضع لا يطاق، لكننا لا نملك سوى أن نترك أمرنا لله."
وأنهت آية حديثها بمرارة، السؤال الذي يسأله كل غزاوي: "متى تنتهي هذه الحرب؟ متى نعود إلى بيوتنا؟ نحن في هذا العذاب دون أي أمل في الخلاص، لا شيء هنا يشبه الحياة، هذه ليست خيمة، هذه مجرد مكان موقت، فقط لنكون معًا، كل ما أتمناه الآن هو أن تنتهي هذه الحرب، كي نعيش بسلام".
وإلى جانب ضحايا البرد، يشكو مئات آلاف الفلسطينيين الذي أجبرتهم آلة القتل الإسرائيلية على النزوح من منازلهم، من تأثرهم بحالة البرد القارس داخل مخيمات النزوح، حيث تسببت بآلام في العظام لبعضهم أما البعض الآخر فأصيب بنزيف من الأنف.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، من أن العديد من الأطفال النازحين في غزة يرتدون القليل من الملابس، بعد أن أجبر العديد منهم على الفرار من القصف الإسرائيلي بملابس الصيف، في وقت سابق من هذا العام.
يُشار إلى أنّ مئات الخيام غرقت وتضررت في مختلف محافظات قطاع غزة، جراء العاصفة الرعدية، والأمطار الغزيرة التي تتساقط على القطاع منذ يومين، كما غرقت الشوارع، في ظل غياب وسائل تصريف مياه الأمطار جراء تدمير الاحتلال البنى التحتية الخاصة بمياه الصرف الصحي وآبار المياه.
وهذه ليست المرة الأولى التي تغرق فيها خيام النازحين الذين يقدّر عددهم بنحو مليونين؛ بسبب أمطار موسم الشتاء وغياب أدنى مقومات الحياة الآدمية، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية للعام الثاني على التوالي.