قال المواطن تيسير عبيد وهو يروي معاناته بمرارة: "كلما عدتُ إلى الخيمة، شعرت أنني أعود إلى زمنٍ آخر، زمن من الألم والمعاناة. خيمتي، التي صنعتها بيدي، هي مجرد مساحة ضيقة لا تكاد تتسع لعددنا. عشرة أفراد في خيمة هرمية، لا مكان للراحة أو الأمان."
وأضاف تيسير، بنبرة تحمل الحزن خلال مقابلة مصوّرة لـ "وكالة سند للأنباء"، "بعد تسع مرات من النزوح، اجتمعنا في هذا المكان الذي لا يمكن أن يسمى بيتًا، بل هو مجرد مكان يُجبرنا القدر على العيش فيه. ظروف صعبة للغاية، كل ما كان لدينا هو القليل من الخشب والنيلون، لم يكن لدينا ما نأمل فيه سوى البقاء على قيد الحياة."
وفي ظل استمرار الحرب في قطاع غزة، يواجه سكانه أوضاعًا مأساوية على جميع الأصعدة، النزوح المستمر، مع قسوة الظروف المعيشية في ظل غرق الخيام، أصبح جزءًا من الواقع اليومي للمواطنين الذين يفتقرون إلى أدنى مقومات الحياة، ومثل الكثير من الفلسطينيين الذين فقدوا بيوتهم، يعاني المواطن تيسير عبيد من تداعيات الحرب بشكل يومي.
وتابع تيسير بصوت يملؤه الحزن: "كانت الأيام تمر ببطء، وحين ضاقت الخيمة أكثر، قررت أن أحفر الأرض لأوسع المكان، لكن حتى عندما توسعت المساحة، لم يكن الأمر كافيًا، في كل مرة كانت الرياح تعصف بنا، كان سقف الخيمة ينهار، فتضيع راحتنا وتضيق المساحة أكثر، مع المنخفض الأخير، غرقت خيمتي تمامًا، وأصبحنا مضطرين للانتقال إلى مكان آخر، نبحث فيه عن الأمان المفقود، في كل مكان نذهب إليه، كانت المعاناة تلاحقنا".
ثم، وبصوت مليء بالألم، قال: "لم تعد الحياة كما كانت، نحن نعيش في ظروف لا يمكن أن يتصورها أحد، لا في التاريخ ولا في الجغرافيا، لم نكن نعلم أننا سنجد أنفسنا في هذا الحال، أطفالنا، الذين كانوا يحلمون بحياة أفضل، باتوا يواجهون الموت في كل لحظة، نحن لا نطالب إلا بالسلام والراحة، نريد فقط أن نعود إلى بيوتنا، أن نعيش في أرضنا بكرامة، بعيدًا عن الحروب والنزوح."
وأضاف تيسير وهو ينظر إلى الأفق بتفاؤل رغم كل ما مر به: "رسالتي إلى العالم هي أن هذه المعاناة لا يمكن أن تستمر، نحن جرحى، وألمنا يعمق كل يوم، نحن نعيش بين الخيام والأوجاع، لكننا نتمسك بالأمل، نثق بالله أن يعيد لنا الأمان، وأن تتوقف الحرب، في 2025، نأمل أن نعود إلى بيوتنا، وأن نعيش بسلام، كنا مكرمين في أرضنا، والحمد لله".
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة لليوم 454، مستمرًا في قصف المناطق السكنية والبنية التحتية الحيوية، مما يزيد من معاناة المدنيين يومًا بعد يوم.
ويشكو مئات آلاف الفلسطينيين الذي أجبرتهم آلة القتل الإسرائيلية على النزوح من منازلهم، من تأثرهم بحالة البرد القارس داخل مخيمات النزوح، حيث تسببت بآلام في العظام لبعضهم أما البعض الآخر فأصيب بنزيف من الأنف.