بالكاد تتحدث إحدى السيدات في قسم الكلى بمستشفى الشفاء الطبي وسط مدينة غزة، بعد أن استجمعت نفسها وهي على سرير المرض، وحالها كحال الكثير من مرضى الكلى الذين يُقاسون الوجع والخوف جراء المماطلة الإسرائيلية في تنفيذ البروتوكول الإنساني بقطاع غزة.
وفي مقابلات خاصة أجرتها "وكالة سند للأنباء"، تحاول إحدى الفتيات أن تستجمع قواها أثناء إجرائها غسيلاً للكلى، مُبديةً صبراً يغشاه خوفٌ، إزاء نقص الأدوية والمعدات التي تؤثر بشكل واضح على حياة المرضى.
وتقول لمراسلنا، إنها كانت تغسل الكلى قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ثلاث مرات في الأسبوع بمعدل 4 ساعات للجلسة الواحدة، مستدركةً " لكن الحال الآن اختلف بعد أن تقلصت الجلسات إلى اثنتين بواقع 3 ساعات في المرة الواحدة".
ويؤثر نقص العلاج والمعدات والمستلزمات الطبية على مرضى الكلى الذين تتراجع صحتهم تدريجياً، بينما تنحبس السوائل في داخل الجسم، وربما يتعرض العديد منهم لفقدان حياتهم.
وتشكو إحدى المرضى في مستشفى الشفاء، من أزمة المواصلات، وهي جملة من أزمات مركبة مرتبطة ببعضها يعاني منها أهالي القطاع، لا توجد طرق مُعبدة تساعد على التنقل والحركة، إضافة إلى ارتفاع تكلفة المواصلة الواحدة والتي تستغرق أيضاً وقتاً ليس بالبسيط.
وتطالب بإيجاد من يتكفل بمرضى الكلى، وإدخال معدات طبية وأدوية كافية، كذلك إرجاع المستشفيات للعمل بكفاءة حتى يتسنى للمرضى استكمال غسيل الكلى بشكل مناسب.
وترجو ضيفتنا أن يُسمح لها بالسفر خارج قطاع غزة؛ لزراعة الكلى الاصطناعية، حتى تتماثل للشفاء.
وهذه مُسنة تشكو طول الانتظار على "طابور المرضى" بعد أن حُصر مرضى الكلى في مستشفىً واحد، جراء تدمير الاحتلال الإسرائيلي للمستشفيات في القطاع.
"نقص حاد"..
إلى ذلك، يقول أخصائي أمراض الباطنة والكلى في مستشفى الشفاء محمد أبو حصيرة، إن المستشفى يعاني من نقص في المعدات الطبية، وأدوات غسيل الكلى، ما أدى إلى مضاعفات شديدة على صحة المرضى منهم، ووفاة العديد من الحالات.
ويلفت إلى أن المستشفى يعاني من نقص في أدوات وأجهزة الغسيل، وذلك نتيجة عدم سمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإدخال الأجهزة والمعدات اللازمة حتى اللحظة.
ويُضاف إلى ذلك، تكدس المرضى المتواجدين داخل ساحت المستشفى، إذ كان مرضى الكلى موزعين على ثلاثة مستشفيات تخدمهم هي:" مستشفى الإندونيسي، النصر، الشفاء"، بينما حُصر المرضى الآن في مستشفى الشفاء، وفقاً لما ذكره "أبو حصيرة".
ويُبين "أبو حصيرة" أن المستشفى يعمل بنصف الكادر والمعدات، ففي السابق كان غسيل الكلى يعتمد على 70 جهازاً، أما الآن فلا يتوفر إلا 25 جهازاً لأكثر من 700 مريض.
أما عن عدد جلسات الغسيل بالنسبة للمرضى، يذكر الطبيب أنها تناقصت إلى جلستين أسبوعياً بواقع ساعتين إلى ثلاثة للجلسة الواحدة، بعد أن كانت ثلاثة أسبوعياً بمقدار 4 ساعات للجلسة، ما يؤدي إلى مضاعفات لحياة المرضى وفي المستقبل إلى الوفاة.
ولا زالت المنظومة الصحية في قطاع غزة تعاني نقصاً حاداً في جميع المعدات والأدوية والأجهزة بمختلف أنواعها وأصنافها، جراء الدمار الهائل والحصار الذي لحق بهذه المنظومة خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وفي تصريح سابق تابعتها "وكالة سند للأنباء"، قال الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة، رئيس متابعة الإخلاء الطبي التابع لوزارة الصحة، إن المستشفيات فقدت نحو 40% من مرضى الكلى في ظل نقص المستلزمات الطبية.
وأوضح "أبو سلمية"، أن هناك 3 أسرّة للعناية المركزة فقط للمرضى في شمال قطاع غزة، إضافة إلى 20 جهاز غسيل كلى فقط، رغم عودة مئات آلاف النازحين من محافظات جنوب القطاع إلى الشمال منذ وقف إطلاق النار.
وأكد أبو سلمية أن كثيراً من المرضى في العناية المركزة والأطفال الخدج يموتون بسبب نقص أسطوانات الأكسجين، مشيرا إلى وجود محطة واحدة فقط لتعبئة أسطوانات الأكسجين، وهي بالكاد تعمل.
"دمار واسع"..
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن مستشفيات القطاع تعاني من نقص حاد جدًا بكميات الأكسجين جراء حرق وتدمير جيش الاحتلال 10 محطات مركزية لتوليده خلال حرب الإبادة، كانت تلبّي حاجة الأقسام الحيوية من الأكسجين، مثل العمليات والعناية المركزة والطوارئ وحضانات الأطفال، إضافة إلى حاجة المرضى في المنازل.
يُذكر أن جيش الاحتلال دمر 34 مستشفى من أصل 38 مستشفى في قطاع غزة خلال حرب الإبادة، فيما بقيت 4 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تضررها، في ظل نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية، بحسب آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وتسببت الغارات الإسرائيلية بإخراج 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل في قطاع غزة، وتدمير 162 مؤسسة طبية أخرى، وتدمير 136 سيارة إسعاف، ما أدى إلى شلل كبير بقدرة الطواقم الطبية.