الساعة 00:00 م
الأحد 20 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

وجبة من السم يوميًا.. الطهو على نيران البلاستيك خيار المضطر في غزة

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

بالفيديو الغزيّون بين الجوع والخوف: إغلاق المعابر وارتفاع الأسعار يزيدان من معاناتهم

حجم الخط
ارتفاع الأسعار في أسواق غزة
غزة - إيمان شبير - وكالة سند للأنباء

في أسواق غزة، تبدو الحركة ثقيلة، ليس لقلّة المارة، بل لأن الأيدي ترتجف وهي تحسب أثمان ما كان يومًا أساسيات لا غنى عنها، الطحين، السكر، الزيت، وحتى الخضروات، تحوّلت إلى سلع يصعب الوصول إليها.

وفي شهر رمضان الفضيل، كان الفلسطينيون يأملون في أن تخفّ وطأة الأزمات، لكن الواقع جاء على النقيض تمامًا، إذ قرر الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المعابر، مغلقًا أمامهم آخر أبواب الأمل في الحصول على المساعدات الإنسانية التي كانت تشكل نقطة ارتكاز للغزيين.

وتتفاقم المخاوف من أن تتحول هذه الظروف الصعبة إلى كابوس دائم، خصوصًا مع الخروقات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار، فمع كل يوم جديد، تتضاءل آمال الغزيين في استقرار الأوضاع، ويتسارع الجوع والحرمان في ظل إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية.

وقررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، فجر 2 آذار / مارس الجاري، منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي استمرت 42 يومًا، وعرقلة بنيامين نتنياهو الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية التي كان من المفترض البدء بها في 3 فبرار/ شباط المنصرم.

"الأسعار تحرق جيوبنا"..

يقول حسام أبو حمد (33 عامًا) وهو أحد سكان مدينة غزة، إن الحياة في القطاع باتت أشبه بكابوسٍ متواصل، لا سيما مع ارتفاع الأسعار الجنوني وإغلاق المعابر، مُضيفًا: "الأوضاع تزداد سوءًا كل يوم، ومع توقف دخول البضائع والمساعدات، أصبح من المستحيل على العائلات تأمين احتياجاتها الأساسية".

ويضيف "أبو حمد" لـ "وكالة سند للأنباء"، "في رمضان، كنا ننتظر أن تخف وطأة المعاناة، لكن الواقع جاء أشد قسوة، أسعار كل شيء ارتفعت، من الخضروات إلى المواد الغذائية الأساسية، السكر، الزيت، الأرز... كلها أصبحت عبئًا ثقيلًا، ومعظم الأسر لم تعد قادرة على شراء ما تحتاجه."

ويتابع "أبو حمد" حديثه عن محاولات التكيف مع الغلاء: "لم يعد أمامنا سوى تقليل الاستهلاك والاقتصاد في كل شيء، كثير من العائلات باتت تعتمد على وجبة واحدة رئيسية وهي الفطور ولا مجال لفترة السحور، وآخرون لجأوا إلى شراء كميات أقل من المعتاد، بينما يحاول البعض زراعة الخضار في حدائق صغيرة بجوار منازلهم، لكنها حلول لا تغني عن الحاجة الحقيقية لتوافر السلع بأسعار معقولة."

ويشير "أبو حمد" إلى أن المخاوف من المجاعة أصبحت تسيطر على الجميع: "حين يغلق الاحتلال المعابر، نشعر أن الأيام القادمة ستكون أكثر مجهوليةً لا نحتاج إلى انتظار إعلان رسمي كي ندرك أن المخزون الغذائي ينفد، والغلاء ينهك العائلات، الوضع لم يعد مجرد أزمة عابرة، بل خطر يهدد الجميع."

ويختم حديثه قائلًا: "نحن شعب اعتاد الصبر، لكن الجوع لا يرحم، الأسعار تحرق جيوبنا، والحصار يخنق أنفاسنا، ومع ذلك لا خيار أمامنا إلا الصمود والتشبث بالحياة، على أمل أن تحمل الأيام القادمة شيئًا من الفرج."

"اللحوم والفواكه صاروا حلم"..

تمسك أم أحمد المغربي بقائمة المشتريات في يدها، لكن عينيها تراقبان الأسعار بقلق، "كل شيء تضاعف ثمنه، ومع ذلك، ما في دخل وما في مساعدات"، تقول وهي تقف أمام بائع الخضار في سوق غزة.

وتتابع "المغربي" بحسرة: "قبل الحرب كنا نعتمد على المساعدات، كانت تسد ولو جزءًا بسيطًا، لكن اليوم توقفت تمامًا، مع إغلاق المعابر، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، حتى الأشياء الأساسية مثل الطحين والزيت والسكر صارت عبئًا ثقيلًا".

وتوضح "المغربي" لـ "وكالة سند للأنباء"، أن عائلتها لم تعد قادرة على شراء الكثير من المواد الغذائية كما في السابق، "صرنا نحسبها بالحبة، كيلو البندورة كنا نشتريه بكامل راحتنا، اليوم بنكتفي بحبات معدودة، اللحوم صارت حلم، والفواكه شيء مستحيل."

وتتوقف للحظة قبل أن تتابع بقلق: "إحنا مش بس خايفين من الجوع، إحنا خايفين من اللي جاي، لما المعابر تتسكر والأسعار ترتفع، هذا معناه إنه الوضع رايح للأسوأ، الناس بتحكي إنه الحرب راح ترجع، وإذا رجعت، الله وحده اللي بعرف كيف راح نتحملها وإحنا أصلًا ما معنا نأكل، الحياة صارت كلها خوف وانتظار، وكل يوم أسوأ من اللي قبله".

أمّا المواطن عادل الشاعر يُعبّر في مقابلةٍ لـ "وكالة سند للأنباء"، عن صدمته من الارتفاع الحاد في الأسعار، قائلًا: "الوضع أصبح كارثيًا، تفاجأنا اليوم في السوق بأسعار غير مسبوقة، تخيل أن حبة البصل تباع بـ6 شواكل، وكيلو الدجاج وصل إلى 30 شيكلًا! حتى السكر لم يعد في متناول الجميع".

لا يختلف الحال كثيرًا عند المواطن عزمي أو ميري، إذ يرسم صورة أكثر قتامة للواقع المعيشي، مشيرًا إلى أن العديد من الأسر باتت غير قادرة على توفير قوت يومها.

ويقول "أبو ميري" لـ "وكالة سند للأنباء": "الوضع سيئ للغاية، الناس منهكة منذ سنة ونصف، كيف لهم أن يشتروا ويطعموا أبناءهم؟ أصبح نصف السكان متسولين بسبب الجوع، الغلاء الفاحش وإغلاق المعابر يقتل ما تبقى لدينا من قدرة على الصمود."

وفي رسالة تحمل وجع الغزيين إلى العالم، يضيف: "إلى متى يستمر هذا التجاهل لمعاناة الفلسطينيين؟ المساعدات القليلة لا تكفي، وأموال العالم وموارده النفطية تذهب إلى كل مكان إلا إلى من يحتاجها هنا."

"إجراءات حكومية"..

إلى ذلك، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، إن الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة تواصل، بلا كلل، تنفيذ حملات يومية مكثفة لمتابعة الأسعار وضبط أي تجاوزات من قبل التجار.

ويُشير "الثوابتة" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن الجهات المختصة، بما في ذلك الشرطة، والمباحث، ووزارة الاقتصاد، تُجرى أكثر من 150 جولة تفتيشية يوميًا تشمل الأسواق والمحال التجارية والمخازن، وذلك بهدف الحد من الاحتكار ومنع استغلال الأزمة لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

ويؤكد أن هذه الإجراءات ستظل مستمرة ومتصاعدة لضمان استقرار الأسعار وتخفيف العبء عن المواطنين، رغم تعقيدات المشهد الراهن.

وفيما يتعلق بإغلاق المعابر وتداعياته، يوضح "الثوابتة" أن الحكومة تتابع عن كثب الانعكاسات الكارثية للحصار الإسرائيلي، الذي تسبب في نقص حاد في الغذاء والسلع الأساسية نتيجة منع الاحتلال دخول المواد التموينية، وإزاء ذلك، تحرص الجهات المعنية على ضمان توزيع السلع بعدالة، إلى جانب دعوة المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك وتجنب تخزين كميات تفوق الحاجة، في محاولة للحفاظ على توازن السوق والحد من تفاقم الأوضاع المعيشية.

ويلفت "الثوابتة" إلى أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة تستدعي استجابة واسعة النطاق، إذ تعمل الحكومة على عدة مسارات، أبرزها تكثيف الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار، إلى جانب المتابعة الحثيثة لتطورات الأزمة عبر الجهات المختصة.

ويُطالب ضيفنا بضغط دولي حقيقي لإجبار الاحتلال على إعادة فتح المعابر وإدخال المساعدات والسلع الضرورية أولوية قصوى، خاصة في ظل استمرار الحصار لأكثر من 500 يوم.

وفيما يتعلق بدعم العائلات المتضررة، يؤكد "الثوابتة" أن الحكومة، بالشراكة مع مختلف الجهات، تبذل جهودًا كبيرة لضبط الأسواق والحد من استغلال التجار الجشعين، فضلًا عن دعم المبادرات المجتمعية التي توفر الاحتياجات الأساسية.

ويعبر "الثوابتة"، عن خطورة الأوضاع في غزة، مؤكدًا أن الجهود لا تزال تُبذل بالتنسيق مع المؤسسات الإنسانية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، إلا أن الاحتلال يواصل إغلاق المعابر وتشديد الحصار، ما يجعل هذه المساعي أشبه بسباق مع الزمن.

ويشدد "ضيف سند" أن معاناة أكثر من 2.4 مليون مواطن تتفاقم يومًا بعد يوم، مما يستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا لا يحتمل التأجيل، ليس فقط لضمان تدفق السلع الأساسية، بل لكسر قيود الحصار الذي يهدد أبسط مقومات الحياة.

"الحد من استغلال الأزمة"..

وفي محاولة للحد من استغلال الأزمة، نفذت مباحث التموين التابعة لجهاز الشرطة في غزة حملة مكثفة على الأسواق والمحال التجارية خلال اليومين الماضيين، أسفرت عن توقيف ثمانية تجار بتهمة التلاعب بالأسعار واستغلال حاجة المواطنين، إلى جانب تحرير تعهدات بحق 53 آخرين للالتزام بالتسعيرة المحددة من وزارة الاقتصاد.

وشملت الحملة ضبط نحو 180 طنًا من المواد الغذائية الأساسية، كالدقيق والسكر وزيت الطهي واللحوم، وإلزام التجار ببيعها وفق الأسعار الرسمية، كما كثفت الجهات المختصة جولات الرقابة في الأسواق بعد ورود شكاوى من مواطنين بشأن الارتفاع الحاد في الأسعار.

وتأتي هذه الإجراءات وسط تصاعد المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث يعتمد أكثر من 2.4 مليون فلسطيني على المساعدات التي توقفت بالكامل بسبب إغلاق المعابر.