يحمل مصحفه على كرسيه المتحرك، بينما يلتف حوله عشرات الأطفال في حلقة دائرية لنهل علم القرآن الكريم منه خلال شهر رمضان المبارك، الشاب أحمد "أبو جمال" أحد معلمي القرآن الكريم في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والذي أفقدته صواريخ الحرب الإسرائيلية قدميه الاثنتين.
فلم تُثن صواريخ الاحتلال عزيمة الشاب أحمد "أبو جمال" الذي لا زال يواصل طريقه إلى المسجد لتعليم الأطفال القرآن الكريم، رغم وعورة الطريق ومشقة السير.
وخلال الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة، فقد "أبو جمال" قدميه الاثنتين، في استهداف إسرائيلي وهو في طريقه إلى المسجد لصلاة العصر، لكنه لا يزال يوميًا يسير إلى المسجد، يُعلم الأطفال تلاوة القرآن، خلال شهر رمضان.
ورصدت "وكالة سند للأنباء" قصة الشاب "أبو جمال"، خلال متابعتها إحدى مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، لتُبرِز قصة الصمود والثبات مهما أمعن الاحتلال الإسرائيلي في إجرامه.
"سبقنني إلى الجنة"..
"كنت أسعى لأخذ الأطفال دوماً ليسبقوني إلى المسجد"، بهذه العبارات يستهل "أبو جمال" حديثه على كرسيه المتحرك وسط طلابه، مستدركاً:" لكن الآن أصبح الطلاب هُم مَن يأتوني إلى البيت لأخذي إلى مُصلى التحفيظ".
وفي مشهد يتجلى فيه الرضا والثبات، يظهر "أبو جمال" رفقة عشرات الطلاب الذين التفوا حوله مُشكلين حلقة دائرية لحفظ القرآن الكريم، في مُصلىً أُنشئ على أنقاض مسجد "الأنبياء" الذي استهدفه الاحتلال.
ويُشير إلى أن 80 طالباً لا زالوا يحافظون على أداء صلاة الفجر في المصلى الجديد، تعقُبُها جلسة تلاوة قرآنية، أما بعد صلاة الظهر يتوافد الأطفال إلى حلقات حفظ القرآن الكريم طيلة أيام شهر رمضان.
ويُكمل "أبو جمال"، "أما بعد صلاة العصر، تُعقد جلسة لتعليم الأطفال السنة النبوية وقواعد التلاوة والتجويد والقاعدة النورانية، أما بعد صلاة التراويح، تُجهَّز الأنشطة والمُسابقات"؛ تحفيزاً لهم على مواصلة حفظ القرآن الكريم.
ويختم حديثه بالقول:" لن تُثنِنِي إصابتي عن مواصلة طريق القرآن، ولعل قدمي الاثنتين قد سبَقنَني إلى الجنة".
أكثر من 10 آلاف حالة بتر..
وهذه ليست الحالة الأولى لبتر الأطراف في قطاع غزة، فبحسب إحصائيات وزارة الصحة في غزة، ارتفعت أعداد حالت البتر إلى أكثر من 10 آلاف في مختلف محافظات القطاع منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وشملت أكثر من 4000 طفل.
وكشفت أحدث إحصائية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أن عشرة أطفال على الأقل كانوا يفقدون أحد أطرافهم يوميًا في غزة، أثناء اندلاع حرب الإبادة الجماعية والقصف المستمر.