لم تعد مخيمات شمال الضفة الغربية صالحة للسكن، بعدما تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي أو الحرق ضمن خطة بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذها قبل شهور وتصاعدت منذ يناير/ كانون ثاني الماضي.
ففي شمال الضفة يوجد 7 مخيمات للاجئين الفلسطينيين؛ أبرزهم مخيم جنين الذي يقطن به 12 ألف مواطن؛ ثم يتبعه نور شمس شرق طولكرم ويعيش فيه قرابة 9 آلاف مواطن؛ ثم مخيم طولكرم الذي يقطن فيه قرابة 16 ألف مواطن؛ ومثله عدد سكانه مخيم الفارعة الذي يقع بمحافظة طوباس.
فيما يضم مخيم عسكر بمدينة نابلس قرابة 31 ألف نسمة؛ أما مخيم العين فيقطن به قرابة 5 آلاف مواطن.
وجميع هذه المخيمات؛ تعرضت لحملات عسكرية بدأت منذ الثامن والعشرين من أغسطس/ آب الماضي؛ وتصاعدت وتيرها واشتدت منذ 21 يناير الفائت.
وعلى إثر القصف العنيف والتدمير الممنهج لكل مرافق الحياة، وأوامر الإخلاء القسرية؛ اضطر غالبية سكان هذه المخيمات إلى البحث عن أماكن إيواء بديلة في المدن والقرى القريبة.
ويقول رئيس بلدية جنين، محمد جرار؛ إن مخيم جنين لم يعد صالحا للسكن؛ في ظل تدميره بشكل كامل على يد الاحتلال، موضحًا أنّ 3 آلاف و250 وحدة سكنية دُمرت كاملًا نتج عنها تهجير قرابة 21 ألفًا.
ويضيف جرار في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" أنّ تدمير المخيم شمل مسح لأحياء كاملة في داخله؛ إلى جانب مسح أحياء في محيطه، كما لم يعد هناك بنية تحتية بفعل العدوان.
ويشير إلى أنّ سلطات الاحتلال لا تزال في المخيم وتمنع الوصول إليه؛ مردفًا: "لم نبلغ لهذه اللحظة بشكل رسمي رغبة الاحتلال عدم عودة السكان؛ لكن استمرار العملية ومسح المخيم؛ يؤكد عدم رغبة الاحتلال في وجوده أو عودة السكان إليه".
وتُقدر خسائر مدينة جنين ومخيمها جراء العملية العسكرية المتواصلة منذ 21 يناير، بنحو 310 ملايين دولار أمريكي.
مخيما طولكرم ونور شمس..
هذا ويتواصل عدوان الاحتلال على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم 60 على التوالي، واليوم 47 على مخيم نور شمس، وسط تصعيد عسكري متواصل، وتعزيزات مكثفة، وعمليات تهجير قسري بحق المواطنين، وفرض إجراءات مشددة عليهم وعلى مركباتهم، وسط انتشارٍ كثيفٍ لقوات الاحتلال.
وأسفر ذلك عن استشهاد 13 مواطنا، بينهم طفل وامرأتان، بالإضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح قسري لأكثر من 4000 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، الى جانب عشرات العائلات من الحي الشمالي للمدينة.
وأدى العدوان لتدميرِ 396 منزلا بشكل كامل و2573 بشكل جزئي في مخيمي طولكرم ونور شمس، إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما بالسواتر الترابية.
ويقول رئيس اللجنة الشعبية بمخيم نور شمس نهاد شاويش؛ إنّ 2200 وحدة سكنية يقطنها قرابة 13 ألف مواطن في المخيم؛ دمرت بشكل كامل؛ والناس لاتزال خارج منازلها.
ويؤكد شاويش لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ الاحتلال هدم المخيم بشكل كامل ولا يوجد داخله أي عوامل تجعله صالحًا للسكن، حيث طاولت عمليات التدمير البنية التحتية والمنشآت المدنية والصحية والخدماتية.
من جهته؛ يشير رئيس اللجنة الشعبية بمخيم الفارعة عاصم منصور إلى أنّ الاحتلال هجّر ألف إنسان جراء عدوانه، من إجمالي سكان المخيم البالغ عددهم 5 آلاف.
ويضيف منصور لـ "وكالة سند للأنباء" أن الاحتلال في اجتياحه لشوارع المخيم؛ دمر البنية التحتية بأسرها؛ كما جرفّ الشوارع؛ وعمل على تدمير الأرصفة وأبواب المنازل؛ أثناء عملية توسيع الشارع تمهيدًا لاجتياح الفارعة.
كما دمر خطوط المياه والكهرباء والصرف الصحي وفجر عددًا من المنازل.
ويُقدر منصور، الخسائر الأولية التي لحقت بالبنية التحتية بنحو مليون ونصف المليون دولار تقريبا؛ فيما يصعب حصر الخسائر التي لحقت ببيوت ومنازل المواطنين المدمرة.
ويصف مراقبون ما يحدث في شمال الضفة بأنه "تطهير عرقي" للمخيمات، كونها أبرز شهود النكبة التي حلت بالفلسطينيين عام 1948، وأحد رموز التي تُعبر عن تمسك اللاجئين بحق العودة؛ ولذلك تُحاربهم بكل السبل.
ويعمل الاحتلال بشكلٍ متوازٍ مع عدوانه على المخيمات، بالهجوم على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" باعتبارها شاهدا على تلك النكبة وآخر شاهد على عدم شرعية وجود الاحتلال في أرض فلسطين.
وحذّر مراقبون من أنّ ما يقوم به الاحتلال في مخيمات الشمال، سيتدحرج لبقية مخيمات الضفة الغربية الـ 22، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات مواجهة حاسمة، وحينها ستُصبح هذه المخيمات عبارة أحياء للمدن القريبة منها بشوارع واسعة تسمح لآليات الاحتلال باقتحامها بسهولة.
وأكدوا على ضرورة تعزيز صمود الشعب الفلسطيني سيما اللاجئين في المخيمات، واتخاذ كل الإجراءات وتوفير كل الإمكانات على الصعيد الشعبي والرسمي للحيلولة دون تمرير مؤامرة التهجير.