الساعة 00:00 م
الأربعاء 16 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.86 جنيه إسترليني
5.19 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.15 يورو
3.68 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"نتنياهو" والمفاوضات بشأن حرب غزة.. "لعبة تضييع الوقت"

ضحكة في وجه الحرب.. صانعو المحتوى في غزة يروّضون أوجاعهم بالفكاهة

ستة نعوش.. وقلب أبٍ لا يتّسع للفقد.. رصد تفاعل مؤثر عبر مواقع التواصل الاجتماعي

الصحة لـ "سند": أي استهداف آخر للمنظومة الصحية بغزة يعني حكمًا بالإعدام على المصابين

يوسف الأسمر العائد من الموت.. من أين أتى الأمل لعائلته؟

حجم الخط
يوسف الأسمر
نابلس – وكالة سند للأنباء

عاشت عائلة الشاب يوسف إبراهيم عبد الله الأسمر من مخيم بلاطة شرقي نابلس بالضفة الغربية، 40 يوما من الحزن والأسى إثر إعلان استشهاده برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن تتلقى اتصالا هاتفيا أعاد لها الأمل بنجاته وبقائه على قيد الحياة.

فقبل أسبوع، تلقت زوجة الأسمر اتصالا من شخص يتحدث عربية ركيكة، أبلغها بأن زوجها حي يرزق وأنه يتلقى العلاج في مستشفى "رمبام" الإسرائيلي في حيفا، لينقلب حزن عائلته فرحا وتعود البسمة إلى وجوهها.

وفي التاسع عشر من فبراير/ شباط الماضي، حاصرت قوة إسرائيلية خاصة، منزلا في مخيم الفارعة جنوب طوباس، وبداخله 3 شبان، هم: يوسف إبراهيم عبد الله أسمر (٣٥ عاماً)، ومحمد أحمد مصطفى خليل (١٩ عاماً)، ويوسف حسن محمود تايه (٣٦ عاماً).

ودارت اشتباكات مسلحة بين القوة والشبان الثلاثة، انتهت بإعلان الاحتلال استشهاد المقاومين، وعلى إثر ذلك، أبلغت هيئة الشؤون المدنية (الارتباط الفلسطيني) وزارة الصحة باستشهادهم واحتجاز جثامينهم.

لكن الأمل كان يساور عائلة الأسمر، إذ قال سامي أسمر، شقيق يوسف، لـ "وكالة سند للأنباء" إن العائلة ورغم تبلغها رسميا باستشهاد ابنها، إلا أنها لم تفقد الأمل، وبذلت جهودا كبيرة للوقوف على حقيقة استشهاده.

وأضاف أن العائلة لم تكتف بالاتصال الذي تلقته، بل انتدبت أشخاصا من طرفها إلى المستشفى للتحقق من وجوده هناك.

من أين أتى الأمل؟

بدورها، وصفت شقيقته "أم إيهاب" بأن يوسف أصبح بمثابة إنسان "عائد من الموت إلى الحياة من جديد".

وقالت لـ "وكالة سند للأنباء"، بينما كانت تقلب صور شقيقها على شاشة هاتفها: "ما أصعب أن يفقد الإنسان أخيه! ربنا يرحم شهداءنا ويصبر أمهاتهم وذويهم".

وتابعت: "قبل أيام تلقينا اتصالا من رقم خاص لا نعرف الجهة التي يتبع لها، علمنا منه أن يوسف على قيد الحياة ويقبع في مستشفى "رمبام" في حيفا، وأنه يطلب تكليف محام بزيارته ومتابعة ملفه".

وأشارت إلى أن العائلة عاشت لحظات لا توصف، وسط مشاعر الفرحة، وكأن الروح قد ردت إليهم من جديد.

تحدثت لنا "أم إيهاب" عن تلك الليلة الصعبة التي عاشتها العائلة يوم إعلان استشهاد شقيقها يوسف، قائلةً: "وصلنا خبر أن يوسف استشهد مع الشابين يوسف تايه ومحمد خليل، بعد محاصرتهم داخل منزل في مخيم الفارعة، وأن الاحتلال احتجز جثامينهم".

سلمت عائلة الأسمر بقضاء الله، واحتسبت ابنها شهيدا، وأقامت مراسم لتقبّل العزاء، خاصة بعد تأكيد الارتباط الفلسطيني استشهاد الشبان الثلاثة.

وأوضحت شقيقته: "بقيت الأمور غير مؤكدة، فتارة أخبرنا الارتباط أن أحد الشبان الثلاثة لا يزال على قيد الحياة، وتارة أخرى عاد وأخبرنا أن الثلاثة استشهدوا".

لكن ما أعاد الأمل للعائلة أنها وبعد 20 يوما من- عملية الاغتيال، حصلت على قميصه الذي كان يلبسه وعليه آثار رصاص، وعثر بجانبه على حقنتي مخثّر دم وقفازات طبية.

وأضافت "أم إيهاب": "كانت هذه أول إشارة لنا بإمكانية بقائه على قيد الحياة رغم إصابته، ومن هنا بدأنا نبحث ونتحرى عنه إلى أن جاءنا الاتصال الهاتفي الذي أكد المعلومة".

وأوضحت أنهم وكلوا محاميا ليزور يوسف، وبدأ بالإجراءات اللازمة لزيارته والاطمئنان عليه.

تضليل متعمد

وتعيد حالة الالتباس بقضية "الأسمر" إلى الأذهان حوادث مشابهة، تعمد فيها الاحتلال تضليل عائلات الشهداء والجرحى بإعطاء معلومات غير دقيقة عن مصير أبنائهم، ليُكتشف لاحقا أن من أُعلن أنه استُشهد، هو الجريح، والعكس صحيح.

وحدث ذلك في قضية الجريح باسل البصبوص والشهيد سلامة شرايعة من رام الله، وكذلك في قضية الجريح ثائر عوضات والشهيد علاء عوضات من أريحا.

ومن أصعب تلك الحوادث ما صاحب قضية الشهيد أحمد الوحش من بيت لحم، الذي استشهد خلال تنفيذ عملية إطلاق نار مشتركة على حاجز الزعيم قرب القدس المحتلة يوم 22 فبراير/ شباط 2024، وأبلغ الاحتلال -في حينه- أنه أصيب بجروح فيما استشهد الشقيقان محمد وكاظم زواهرة.

لكن تبين بعد 5 أيام وجود خطأ في أسماء الشهداء، إذ كان الوحش هو الشهيد مع محمد زواهرة، بينما كان الجريح هو كاظم زواهرة الذي أصيب بجروح خطيرة استشهد متأثرا بها بعد عام عقب تحريره بصفقة "طوفان الأحرار".

وقبل كشف حقيقة استشهاد الوحش، اعتقل الاحتلال شقيقته ضحى، والتي انقطعت عن العالم الخارجي وظلت طيلة فترة اعتقالها تعتقد أنه ما زال على قيد الحياة، إلى أن اكتشفت الحقيقة بعد الإفراج عنها في الدفعة الأولى من صفقة "طوفان الأحرار"، الأمر الذي شكل لها صدمة كبيرة أنستها فرحة تحررها.

سياسة ممنهجة

ويرفض المختص بشؤون الأسرى والمحررين، حسن عبد ربه، اعتبار هذه الحالات بأنها ناتجة عن أخطاء عفوية.

وقال عبد ربه لـ"وكالة سند للأنباء": "لا يوجد شيء عفوي في هذه القضايا، وكل شيء يتم بشكل مقصود ومدروس وضمن سياسة ممنهجة، بهدف إحداث بلبلة وضغط نفسي وعصبي وقلق في أوسط الأهالي، وهذا جزء من عقلية الاحتلال".

وأشار، إلى أن الآلاف من معتقلي قطاع غزة يواجهون سياسة الإخفاء القسري ولا أحد -فلسطينيا- يعلم أي شيء عن أسمائهم أو أعدادهم أو أوضاعهم الصحية أو ظروف احتجازهم، وكثير منهم شهداء ولم يبلغ اهاليهم الا بعد أسابيع وأشهر وبعضهم لم يبلغ حتى الان.

وأوضح أن التبليغ عن استشهاد الأسرى لم يعد يتم بشكل فوري، وإنما بعد أيام وأسابيع، وأحيانا يتم التوجه بقضايا للمحكمة الإسرائيلية العليا للكشف عن مصير الأسرى من خلال مؤسسات حقوقية في الداخل، والتي كانت تحصل أحيانا على إجابات مضللة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تم الإعلان عن استشهاد 63 أسيرا في سجون الاحتلال، منهم 41 من غزة، نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي أو سوء التغذية، ويواصل الاحتلال احتجاز جثامين 72 شهيدا من الأسرى.

ويؤكد عبد ربه وجود خشية من وجود عشرات الشهداء غير المعلن عنهم بين الأسرى، خاصة من قطاع غزة الذين يمارس بحقهم الإخفاء القسري.