مع مغيب شمس اليوم السبت؛ يبدأ اليهود ما يسمى بـ"عيد الفصح التوراتي"، الذي يصنف بأنه واحد من الأعياد اليهودية التوراتية الثلاثة؛ ويعدّ الأخطر على المسجد الأقصى في ظل ما يحمله من مراسم تهويدية.
العيد الذي يستمر حتى التاسع عشر من إبريل/ نيسان؛ يعتبره اليهود مناسبة مهمة للرحال إلى ما يسمى بالهيكل؛ ويأتي في ظل عسكرة كاملة لمدينة القدس التي طوقت بعشرات الآلاف من الجنود، وإقامة المئات من الحواجز، وعزلها البلدة القديمة والمداخل المؤدية للأقصى.
يقول الخبير في الشأن المقدسي فخري أبو دياب، إنّ المجتمع الإسرائيلي برمته معني بتسخير أعياده التوراتية وربطها في المسجد الأقصى وما يسمى بالهيكل المزعوم.
وأوضح أبو دياب أنّ خطورة هذا العيد يتمثل في طقوسه، التي تعني الإيذان ببدء بناء الهيكل المزعوم على أنقاض مسجد قبة الصخرة، أي تدمير المسجد وهو ما يعني بالضرورة اندلاع حرب دينية شاملة في المنطقة.
وبين أبو دياب أن العيد يتضمن إدخال الفطير؛ وهو الخبز غير المخمر، وذبح القرابين ونثر دمه في "قدس الأقداس" على حد زعمهم ، وهو مكان قبة الصخرة.
ويتضمن كذلك؛ أداء الصلوات العلنية في باحات الأقصى، عبر مجموعات متلاصقة يؤمها من يسموا بـ"كهنة المعبد"، وتؤدّى تجاه موقع قبة الصخرة، ويتلى فيها ما يسمى بـ"سفر الخروج"، إلى جانب دخول طبقة "الكهنة" بلباس "التوبة" الأبيض لتكريس قيادتهم للطقوس التوراتية في الأقصى باعتباره مركزاً للعبادة التوراتية؛ تبعا لقوله.
وأوضح أبو دياب أن خطورة هذه الطقوس، تتمثل في اعتبارها الشكل المتبقي من الهيكل، أي تهدف عبرها إلى إحياء الهيكل المزعوم في الأذهان والتعامل مع الأقصى باعتباره هيكلاً.
وبين أن المذبح يكون في قبة السلسلة بالقرب من قبة الصخرة، مرجحا أنه في حال عدم نجاح اليهود بالذبح هناك، أن يذهبوا لـاقامته في منطقة القصور الأموية المقامة بجانب السور الجنوبي.
وأكدّ أن اليهود يرفضون ذبح القرابين في باحات حائط البراق، بحجة عدم وجود تصريح شرعي لهم، وأن الأمر يتم فقط في باحات الأقصى.
موسم أعياد
من جهته، قال الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص إن عيد الفصح؛ ينذر بانطلاق موسم الاقتحامات السنوي للمسجد الأقصى المبارك، والذي يُفتتح مع عيد الفصح العبري هذا العام، حيث يتزامن مع منتصف شهر أبريل/نيسان الجاري، ويستمر لستة أشهر حتى أكتوبر/تشرين الأول، وسط مخاوف من تصاعد العدوان الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية.
وأوضح ابحيص أن موسم الاعتداءات على الأقصى يرتكز على أربع مناسبات كبرى تبدأ بعيد الفصح العبري (13-19 أبريل/نيسان)، تليها ذكرى احتلال القدس (أيار/مايو)، ثم ذكرى خراب الهيكل المزعوم (تموز/يوليو)، وتنتهي بموسم الأعياد اليهودية الطويل (أيلول/سبتمبر - تشرين الأول/أكتوبر)، والذي يُعد الأخطر بسبب كثافة الاحتفالات وامتداده لـ20 يوماً.
وأشار إلى أن هذه المناسبات تُستخدم ذريعةً لتكثيف الاقتحامات وفرض الطقوس التوراتية داخل الأقصى، بدعم من حكومة الاحتلال ومنظمات الهيكل المتطرفة، لافتاً إلى أن الفصح العبري يشكل فاتحة العدوان السنوي، حيث يتخلله اقتحامات مكثفة لمدة 5 أيام.
وكشف عن المعاني السياسية والدينية التي تُحمل لـعيد الفصح في الأيديولوجيا الصهيونية، حيث يرتبط بأسطورة الهيكل وطقس ذبح القربان الحيواني، الذي تحاول جماعات الهيكل تنفيذه قرب الأقصى منذ سنوات.
وأضاف أن هذه الجماعات قامت بمحاكاة الطقوس بالقرب من المسجد المبارك، بما في ذلك محاولات تهريب خراف وتنظيم مسيرات استفزازية.
وذكر أن العام الحالي يشهد تصعيداً مقلقاً، حيث دعت منظمة "عائدون إلى جبل الهيكل" أنصارها لمحاولة إدخال قرابين حيوانية إلى الأقصى، كما نُشرت صور تخيلية لوزير الأمن الصهيوني إيتمار بن غفير وهو يحمل قرباناً داخل الهيكل المزعوم، في رسالة تحريضية واضحة.
وحذر ابحيص من تركيز الاعتداءات على قبة السلسلة والجهة الشرقية للمسجد الأقصى، حيث تُجرى محاولات لإقامة مذبح توراتي، مشيراً إلى أن تصادف الفصح مع أواخر رمضان في الأعوام الماضية (2022-2023) أدى إلى مواجهات دامية، وهو سيناريو قد يتكرر إذا استمرت الاستفزازات.
وأكدّ أن الفصح العبري ليس مناسبة دينية فحسب، بل أداة استعمارية لتهويد القدس، داعياً المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التحرك العاجل لوقف انتهاكات الاحتلال، ومطالباً الفلسطينيين بالتصدي للاقتحامات والاحتفاظ بحق الدفاع عن مقدساتهم.
يذكر أن المسجد الأقصى يخضع لحملة تهويد ممنهجة، حيث سجلت مؤسسات مقدسية اقتحاماً قياسياً العام الماضي تجاوز 1500 مستوطن، وسط صمت دولي مريب.