الساعة 00:00 م
الأحد 20 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

وجبة من السم يوميًا.. الطهو على نيران البلاستيك خيار المضطر في غزة

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

ليس عبثًا بل مخطط اقتلاع.. "عقيدة التدمير" تزداد توحشًا في مخيمات الضفة

حجم الخط
عقيدة التدمير في مخيمات الضفة تزداد توحشا
نابلس - وكالة سند للأنباء

على مدار 24 ساعة متواصلة تناوبت وحدات من جيش الاحتلال الإسرائيلي على مداهمة منازل المواطنين في مخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس بالضفة الغربية، بعد اقتحامه بأعداد كبيرة من الجنود فجر التاسع من أبريل/ نيسان الجاري، محدثة خرابا ودمارا كبيرا داخل عشرات المنازل بعد طرد سكانها منها.

ولم يكن هذا الاقتحام الأول للمخيم الذي يشهد اقتحامات شبه يومية، لكنه كان الأطول والأعنف منذ سنوات، وشهد تصاعدا في عقيدة التدمير التي بدأ جيش الاحتلال بتطبيقها في الضفة الغربية، خاصة بمخيمات اللاجئين، بعد تطبيقها على نطاق واسع في قطاع غزة.

عامر أبو حمادة، أحد سكان مخيم بلاطة كان منزله في شارع المدارس من أوائل المنازل التي اقتحمها الاحتلال في الدقائق الأولى لاقتحام المخيم، تحدث عن أجواء الرعب التي تعمد جنود الاحتلال افتعالها لإرهاب السكان.

وقال أبو حمادة لـ"وكالة سند للأنباء": "اقتحموا منزلنا بطريقة همجية، وشرعوا بتكسير محتويات المنزل، وطردونا منه بالقوة وتحت التهديد، وأخبرونا أن لا نعود لمنزلنا إلا بعد 3 أيام".

وأوضح أن جنود الاحتلال لم يتورعوا عن ضرب ابنته الطفلة ووالده المسن، ما استدعى نقلهم للعلاج.

أما المواطن أبو جمال، من سكان حارة الجماسين داخل المخيم والتي تركز فيها عدوان الاحتلال، فأكد أن قوات الاحتلال لم تترك بيتًا في حارته إلا وحطموه وحطموا أبوابه ونوافذه وأثاثه وتركوا فيه خرابا كبيرا.

وقال لـ"وكالة سند للأنباء": "اعتدى الجنود على ابني وضربوه بالبندقية بمجرد أن فتح لهم باب المنزل، ثم جمعوا كل العائلات في البناية داخل شقة واحدة، وخلال ذلك عاثوا فسادا في بقية الشقق، واقتلعوا البلاط وحطموا النوافذ".

خطة متصاعدة

وتزامنت عمليات التخريب في مخيم بلاطة مع عدوان واسع ومستمر منذ قرابة الثلاثة شهور على مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس شمال الضفة، ينتهج فيه الاحتلال سياسة تدميرية لخلق واقع جديد.

ففي مخيم جنين تم هدم أكثر من 500 منزل، وباتت معظم منازله غير صالحة للسكن، وتفيد معطيات رسمية، بنزوح جميع سكان المخيم قسرا وعددهم 21 ألف نازح.

كما تسبب العدوان بنزوح قسري لأكثر من 4000 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، وتدمير 396 منزلا بشكل كامل و2573 بشكل جزئي في المخيمين، ودمارا شاملا في البنية التحتية إضافة إلى إغلاق مداخلهما بالسواتر الترابية.

ويقول مدير عام المخيمات السابق في دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير ياسر أبو كشك، إن الاحتلال يدرس تجربة مخيم جنين ومخيمي طولكرم ونور شمس، وإذا ما نجحت فإنه يخطط لتطبيقها في بقية مخيمات الضفة.

وأشار أبو كشك في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" إلى أن وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، أعلن بوضوح أن هذه العمليات ستطال مخيمات الضفة كافة.

وأضاف أن الاحتلال كشف أن عمليات توسيع الشوارع وهدم المنازل في مخيم جنين ومخيمات طولكرم تأتي ضمن مخططه لتحويل المخيمات إلى أحياء في المدينة، بحيث تتلقى خدماتها من البلدية بدلا من وكالة الغوث الدولية (أونروا).

وهذا يعني أن هذه المخيمات لن تعود تابعة لعمل وكالة الغوث، وبهذا ينهي الوكالة وقضية اللاجئين وشرعية الوجود الفلسطيني، ويترتب عليها اعتبار الفلسطيني مقيما بشكل مؤقت فإما أن يقبل بأن يعيش كمواطن من الدرجة الثالثة أو يتم تهجيره أو قتله.

استهداف "أونروا"

وأوضح أن الاحتلال يعمل منذ فترة طويلة لإنهاء وكالة الغوث كمقدمة لإنهاء قضية اللاجئين لأن إنهاء هذه القضية يعني إنهاء شرعية وجود الشعب الفلسطيني على أرضه، وبعد أن تقلصت خدمات الوكالة وانحصرت داخل المخيمات، يريد الاحتلال الآن إنهاء المخيمات حتى لا تجد الوكالة مكانا تعمل فيه.

وأضاف: "الاحتلال يدرك أنه لن يستطيع استصدار قرار من الأمم المتحدة بإنهاء عمل وكالة الغوث، ولذلك يريد إنهاء عملها من الداخل بأن تكون غير قادرة على أداء مهامها وتلبية احتياجات اللاجئين".

ولفت إلى أن الاحتلال يستغل صمت العالم عما يجري في غزة من إبادة جماعية، لتنفيذ مخطط هادئ لإنهاء وجود مخيمات الضفة، مضيفا "هذا العالم الساكت على معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة بين قتل وجرح وتشريد، لن يعبأ بمعاناة عدة آلاف من اللاجئين في الضفة".

وطالب أبو كشك بإسناد اللاجئين الذين شردهم الاحتلال من مخيمات شمال الضفة، والذين أكد أنهم يواجهون المعاناة لوحدهم.

وقال إن الأمر بحاجة لتضافر جهود المؤسسات الرسمية والشعبية ووقوفها الجدي لمعاجلة الأزمة قبل أن تستفحل وتعم كل المخيمات وتصبح المؤسسة الرسمية لا وجود لها على الأرض.

أهداف متعددة

المحلل السياسي والباحث سليمان بشارات يرى بأن هناك مجموعة من الأهداف التي يسعى الاحتلال لتحقيقها من خلال عمليات الهدم الكبيرة والممنهجة في المخيمات.

وأول هذه الأهداف -وفق بشارات- إعادة إنتاج مفهوم ووعي مجتمعي فلسطيني تجاه شكل العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، بحيث يكون هناك حاجز من الخوف والثمن الكبير الذي يدفع فلسطينيا مقابل مقاومة الاحتلال.

أما الهدف الثاني، فهو مرتبط بهوية ورمزية الوجود الفلسطيني في المخيمات، والتي ارتبطت بحق العودة والمقاومة والحالة النضالية.

وقال بشارات لـ"وكالة سند للأنباء": "يريد الاحتلال أن يمسح هذه الهوية والرمزية، وهذا يأتي في إطارين؛ الأول هو مسح شكل المكان وبيئة المكان، والثاني يتعلق بالأشخاص من خلال إعادة توزيع السكان في بيئات مختلفة".

واعتبر بشارات أن الاحتلال يستخدم الهدم كعقاب جماعي وضغط كبير، وهذا مرتبط بإمكانية تحقيق مفهوم الترحيل أو التهجير.

ويبين أن الاحتلال يرى في الوجود الفلسطيني عالي الكثافة خطرا على مستقبل المشروع الاستيطاني في الضفة، ولهذا يريد أن يدفع بالسكان للبحث عن أماكن يمكن أن يعيشوا فيها خارج الضفة.

ويشير بشارات إلى هدف مهم يتمثل في إعادة بناء خريطة جغرافية وديمغرافية بالضفة يمكن أن تسهل على الاحتلال عودة السيطرة الكاملة وتعزيز التحكم الإسرائيلي بمفاصل الحياة اليومية الفلسطينية، وهذا يأتي من خلال ما يقوم به في مخيمات شمال الضفة.

ويعتقد بشارات أن الاحتلال انطلق من مخيمات الشمال لتشكل نموذجا ليمتد مستقبلا بأشكال مختلفة، لكنها تندرج تحت الهدف الذي يسعى إليه في الضفة.